الرسول الكريم لأصحابه: (ما فى الدنيا ثمرة حلوة ولا مرة إلا وهى فى الجنة حتى الحنظلة). المسيح قال لتلاميذه: طُوبَى لِمَنْ سَيَتَنَاوَلُ الطَّعَامَ فِى مَلَكُوتِ اللهِ. أنهار الخمر واللبن.. كل ما تشتهى الأنفس.. مصطلحات يرددها الجميع، عندما يطغى الحديث عن الجنة وما تحتوى عليه من نعم وخيرات لا تعد ولا تحصي، ومحاولة الوقوف على شكل نهائى ل"طعام الجنة" عملية صعبة جدا، غير أن هذا الأمر لم يمنع عددا من الأئمة والشيوخ من الكشف عن جزء قليل جدا بما ينتظر الصالحين من خيرات، مستخدمين فى بحثهم ذلك ما جاء فى كتاب الله الكريم، وما تناقلته الألسن عن الرسول صلى الله وعليه وسلم، حيث قال الله تعالى: (ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ (70) يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) [الزخرف/70-71]، وقوله تعالى أيضا (وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ (20) وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ ) [الواقعة/ 20-21]، وقوله تعالى (ويسقون فيها كأسا كان مزاجها زنجبيلا) [الإنسان/17]. أما الرسول الكريم فقد نقل عنه قوله عن الجنة...عن ثوبان رضى الله عنه قال: كنت قائمًا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء حَبر من أحبار اليهود... -وفيه-: فقال اليهودي.. فَمَنْ أول الناس إجازة؟ قال: «فُقَرَاءُ المُهَاجِرِينَ» قال اليهودي: فما تحفتهم حين يدخلون الجنة؟ قال: «زِيَادَةُ كَبِدِ النُّونِ» فقال فما غذاؤهم على إثرها؟ قال: «يُنْحَرُ لَهُمْ ثَورُ الجَنَّةِ الَّذِى كَانَ يَأْكُلُ مِنْ أَطْرَافِهَا» قال: فما شرابهم عليه قال: «مِنْ عَيْنٍ فِيْهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا». أخرجه مسلم. وعن أنس رضى الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول" إن أسفل أهل الجنة أجمعين درجة لمن يقوم على رأسه عشرة آلاف خادم بيد كل واحد صحفتان واحدة من ذهب والأخرى من فضة، فى كل واحدة لون ليس فى الأخرى مثله، يأكل من آخرها مثل ما يأكل من أولها يجد لآخرها من الطيب واللذة مثل الذى يجد لأولها، ثم يكون ذلك كرشح المسك الأذفر؛ لا يبولون ولا يتغوطون ولا يتمخطون إخوانا على سرر متقابلين". وفى حديثه عن طعام أهل الجنة وشرابهم قال الشيخ الدكتور الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل فى مقال منشور له يوليو 2011 تحت عنوان "طعام أهل الجنة وشرابهم": كل ما فى الدنيا من طعام وشراب ففى الجنة ما هو أطيب منه وأكمل وأكثر، وأضعافه وأضعافه، مما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، قال ابن عباس رضى الله عنهما: ((ما فى الدنيا ثمرة حلوة ولا مرة إلا وهى فى الجنة حتى الحنظلة)). والأساس فى المآكل هى الثمار واللحوم، وهى أكثر ما يطلبه الناس ويبذلون فيه الأموال، وفى الجنة ثمار ولحوم لأهلها ليست كالتى فى الدنيا ﴿وأَمْدَدْنَاهُمْ بِفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ﴾ [الطُّور:22] ﴿إِنَّ المُتَّقِينَ فِى ظِلَالٍ وَعُيُونٍ * وَفَوَاكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ﴾ [المرسلات:41-42]. ولا يظنن ظان أن ثمار الجنة فى الحصول عليها كثمار الدنيا، تحتاج إلى من يجلبها من سوقها، أو يصعد شجرها ليقطفها، بل هى ثمار لصاحبها تأتيه حيث كان، وتدنو منه متى أراد، وما عليه إلا أن يشتهيها لينالها ﴿وَجَنَى الجَنَّتَيْنِ دَانٍ﴾ [الرَّحمن:54] ﴿فِى جَنَّةٍ عَالِيَةٍ * قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ﴾ [الحاقَّة:22-23] قال البراء بن عازب رضى الله عنه: ((أي: قريبة، يتناولها أحدهم وهو نائم على سريره)). "الإنجيل" كان أيضا شاهدا على طعام الجنة، فقد وعد المسيح تلاميذه بأنه سيشرب الخمر معهم فى ملكوت الله الجديد وهذا الملكوت الجديد سيتحقق بعد أن يدين الله العالم ويحاسبهم فى يوم القيامة، قال المسيح لتلاميذه: (( أَنِّى أَقُولُ لَكُمْ: إِنِّى لاَ أَشْرَبُ بَعْدَ الْيَوْمِ مِنْ نِتَاجِ الْكَرْمَةِ هَذَا حَتَّى يَأْتِيَ الْيَوْمُ الَّذِى فِيهِ أَشْرَبُهُ مَعَكُمْ جَدِيدًا فِى مَلَكُوتِ أَبِي. )) مرقس [ 14: 25 ] كما ورد فى إنجيل لوقا [ 22: 30 ] قول المسيح لتلاميذه: (( وأنا أجعل لكم كما جعل لى أبى ملكوتًا، لتأكلوا وتشربوا على مائدتى فى ملكوتي، ونجلسوا على كرأسى تدينون أسباط إسرائيل الاثنى عشر )) وقد قال المسيح فى إنجيل لوقا [ 14: 12 ]: (( عِنْدَمَا تُقِيمُ غَدَاءً أَوْ عَشَاءً، فَلاَ تَدْعُ أَصْدِقَاءَكَ وَلاَ إِخْوَتَكَ وَلاَ أَقْرِبَاءَكَ وَلاَ جِيرَانَكَ الأَغْنِيَاءَ، لِئَلاَّ يَدْعُوكَ هُمْ أَيْضًا بِالْمُقَابِلِ، فَتَكُونَ قَدْ كُوفِئْتَ. 13وَلكِنْ، عِنْدَمَا تُقِيمُ وَلِيمَةً ادْعُ الْفُقَرَاءَ وَالْمُعَاقِينَ وَالْعُرْجَ وَالْعُمْيَ؛ 14فَتَكُونَ مُبَارَكًا لأَنَّ هَؤُلاَءِ لاَ يَمْلِكُونَ مَا يُكَافِئُونَكَ بِهِ، فَإِنَّكَ تُكَافَأُ فِى قِيَامَةِ الأَبْرَارِ».15فَلَمَّا سَمِعَ هَذَا أَحَدُ الْمُتَّكِئِينَ، قَالَ لَهُ: طُوبَى لِمَنْ سَيَتَنَاوَلُ الطَّعَامَ فِى مَلَكُوتِ اللهِ! ))