"خطيبى لا يغار على، ولا يهتم بشكواى من نظرات أو مجاملات أصدقائه الزائدة، ودائما ما يقول أنا اخترتك حلوة عشان أتباهى بيك"، كم مرة تمنت فيها "هدير" أن تلمح نظرة غيرة فى عينى خطيبها، وأن يطلب منها عدم ارتداء العدسات اللاصقة الملونة، أو حتى التوسيع فى ملابسها، فقط لتشعر بحبه، فالغيرة خيط رفيع ساخن وملتهب بين الحب والشك، كانت دليلا على حب شخص لآخر، لكن ومع اختلاف المعايير تغيرت ملامح الغيرة. يقول الدكتور محسن خضر أستاذ التربية بجامعة عين شمس، نتيجة لهذا الانفتاح غير المدروس على الثقافات الغربية، وغياب الرومانسية المشروعة فى المسلسلات والأفلام التى يتهافت عليها الشباب فى الفترة الأخيرة خاصة التركية والمكسيكية، والربط المستمر بين الرجولة واختيار الفتاة المبهرة. أصبح الرجل يشعر بسعادة حينما ينظر المارة للفتاة التى تسير بجانبه حتى وإن كانت خطيبته أو زوجته دليلا على حسن ذوقه، فقد نشأ جيل هش لا يعرف قيمة المرأة ولا قيمة كونه رجل ينبغى عليه أن يكون حماية للسيدة التى بجانبه. ويضيف "د.خضر" المشكلة الحقيقية، فى أن الشباب لا يدرك أنه حينما يرتبط بفتاة ويطلب منها مزيدا من البهرجة ويتعجب لأنها لا تساير أحدث خطوط الموضة بدليل أنها لا تلفت انتباه الآخرين، فإنه سيسقط من نظرها فى يوم من الأيام خاصة حينما تجد أن وجوده كعدمه، المرأة حينما تصاب بالأذى النفسى وتفقد احترامها للرجل، فمن الصعب جدا تعويضها عنه. وترى دكتوره أميرة زيد أخصائية تعديل أسلوب الحياة، أن آخرين يخشون من إظهار غيرتهم حتى لا يكونوا موضع ضعف، أو حتى لا تصهم الفتاة بأنهم معقدين أو لا ينتمون للطبقات الهاى كلاس، والنتيجة إما أن يصاب الرجل بالبرود تدريجيا ويعتقد أنه يسير بجانب برواز جميل يجذب الآخرين، أو أن تثور رجولته لكن بعد أن يصدم فى الفتاة التى اختارها على أساس الشكل وليس المضمون. ويؤكد الدكتور محسن خضر أن الحل الأمثل لتخلى فئة من الشباب عن مفهوم الغيرة الطبيعى بأن يخاف لمن معه، لابد وأن يبدأ من داخل الأسرة ومنذ الطفولة المبكرة، فلا يستهان بعقلية الطفل ذى السنتين والأربع سنوات، بحيث ننمى عند الطفل مشاعر الغيرة الحميدة على أخته لينشأ إنسانا يقدر قيمة المرأة وأنها ليست قطعة حلوى. أن نساعده على التمييز بين الحنان والمودة واحترام حقوق المرأة فى اختيار ملابسها وأصدقائها وطبيعة عملها، لكن بشرط أن تكون مسئولة عن كل ذلك ومدركة لقيمتها كامرأة وليس كجارية ينظر إليها الجميع. وتشير دكتوره أميرة مرسى لضرورة تعديل أسلوب حياة الأسرة بشكل عام، بحيث تعود لتماسكها وترابطها، وأن يمارس الأب دوره الطبيعى فلا نجد رجل يجلس فى السيارة وزوجته تخرج لتشترى من البائع، أو نجد أخ يتخلى عن مسئوليته فى توصيل أخته للدرس ويعرفها على أصدقائه بشكل يؤدى إلى الإصابة بالبرود وبعدم التمييز بين الصح والخطأ.