أدى ازدهار مصادر الطاقة المتجددة عالميًا إلى تضرر شركات الطاقة الأحفورية والنووية، ما جعلها تتخذ وسائل عديدة لممانعة الاستثمار في الطاقة الخضراء، وسط تحذير الخبراء من عواقب مناخية كارثية إذا تعثر مسار الطاقة المتجددة. يتم توليد نحو 25 في المئة من الكهرباء في ألمانيا من مصادر الطاقة المتجددة حاليًا. ومن المرجح ارتفاع هذه النسبة إلى أكثر من 45 في المئة عام 2020، وذلك نظرا للتوسع السريع في الاستفادة من مصادر الطاقات النظيفة في ألمانيا. لكن هذه الديناميكية تمثل إشكالية لشركات توليد الطاقة الرئيسية الأربع في ألمانيا. وهي شركات تولد الكهرباء وتجني أرباحها حتى الآن بشكل رئيسي بواسطة الفحم والطاقة النووية. تبلغ المبيعات السنوية لشركات الطاقة الكبرى حاليًا في ألمانيا أكثر من 200 مليار يورو. لكن المنافسة الشديدة من قِبَل محطات طاقة الرياح والطاقة الشمسية والطاقة المتولدة من الكتل الحيوية، التي يملكها بشكل رئيسي المواطنون والمزارعون وصغار المستثمرين، باتت تخيم بظلالها على مستقبل أرباح تلك الشركات. وباتت محطات توليد الطاقة الأحفورية تتراجع تراجعا متزايدا أمام توسع الاستثمار في الطاقات المتجددة. ولذلك قد تضطر هذه الشركات لإغلاق محطات الطاقة الأحفورية والنووية مستقبلا. لشركات الطاقة الكبرى تأثير كبير جدًا على صناعة القرار السياسي في ألمانيا وتحاول توظيف التأثير لمصالحها. "فهذه الشركات تلقى آذانًا صاغية لها في أوساط السياسيين وفي مكتب المستشارية"، كما تقول كلاوديا كيمفيرت، خبيرة شئون الطاقة من المعهد الألماني للبحوث الاقتصادية DIW. وترى أن الأمور تكون غالبا صعبة على ممثلي الطاقة المتجددة في الأوساط السياسية، وتضيف في هذا السياق: "أرى خللا في هذه الأوضاع، وهذا الخلل يصب في صالح الشركات القديمة". وتلاحظ أستاذة اقتصاد الطاقة المستدامة كلاوديا كيمفيرت أن الشركات القديمة تحاول في الوقت ذاته التأثير على الرأي العام في ألمانيا ودفعه باتجاه قبول فكرة "الحد من تغيير مصادر الطاقة"، وذلك من خلال "الزعم بأن الطاقة الخضراء تزيد الأسعار"، وتضيف تعليقا على "ادعاء" الشركات: "لكن ذلك ليس صحيحا. وما هذه المزاعم إلا أساطير تهدف إلى تشويه سمعة التحول إلى مصادر الطاقة الخضراء". ويتفق في الرأي مع كلاوديا كيمفيرت خبراء الطاقة في الأوساط الأكاديمية والمنظمات البيئية والسياسيون الداعمون للطاقة المتجددة في ألمانيا. وهؤلاء يعبرون عن "خوفهم وخشيتهم الشديدة" من محاولات الشركات التأثير في الأوساط السياسية لضمان أن يكون القرار السياسي داعما لمصالحها. ويقول أولريش كيلبار النائب البرلماني المنتمي لكتلة الحزب الاشتراكي الديمقراطي الألماني في البوندستاغ إن الشركات تريد "مواصلة تشغيل نماذجها" القديمة في توليد الطاقة. و أدى التحول إلى الطاقات المتجددة أيضًا إلى تقليص أرباح شركات الفحم والغاز في بلدان أخرى في أوربا والعالم. والصراع محتدم بينها وبين أنصار الطاقات المتجددة ولكن بشكل أقل عما هو في ألمانيا. وذلك فضلا عن دخول شركات السيارات والقطارات في هذا الصراع. فقد تم في أوربا "تعليق خطط مشاريع الفحم والغاز المستقبلية إلى أجل غير مسمى وتم توقيف الاستثمار في التقنيات التقليدية في الوقت الراهن"، كما يقول فرانك بيتر من شركة بروغنوز الاستشارية. حماية المناخ تحتاج إلى ضغط المجتمع المدني لكن خبراء الطاقة متفقون على أنه لا يمكن إيقاف التقدم في مجال الطاقات المتجددة. ويبقى التساؤل المطروح هو: ما هي السرعة التي سيتم بها توسيع الاستثمار في الطاقات الخضراء؟ وإلى أي مدى يجب زيادة وتيرة الاستثمار في الطاقات المتجددة في النظام العالمي من أجل الحد من التغييرات المناخية ذات العواقب الطبيعية الكارثية التي يحذر منها الخبراء؟ ويعوّل المختصون، ومنهم هانس يواخم شيلنهوبار مدير معهد بوتسدام لبحوث المناخ، على ضغط الشعوب والمجتمعات المدنية على حكوماتها في السياسات الداخلية وعلى وزرائها وسفرائها في مفاوضات المناخ الدولية من أجل ضمان حياة أفضل للأجيال المقبلة. هذا المحتوى من موقع دوتش فيل اضغط هنا لعرض الموضوع بالكامل