عرف "إحسان عبد القدوس" بكتابة المقالات الجريئة التى تسببت فى دخوله السجن أكثر من مرة وكانت أيضا السبب فى مصادرة مجلة روز اليوسف عدة مرات، ومن أهم المقالات التى صودرت بسببها روز اليوسف كانت مقالة كتبها "إحسان" بعنوان (سكت الساسة ..وتكلمت القنابل) فى العدد الصادر بتاريخ 24 يناير 1946 صادر البوليس المجلة وسحب الأعداد من السوق وقبض على "إحسان عبد القدوس" وأحيل إلى النيابة وحضر التحقيق مدافعًا عنه ثلاثة من المحامين هم "فكرى أباظة وفتحى رضوان وحمادة الناحل"، وخرج إحسان منها بكفالة عشرين جنيهًا، قال إحسان فى مقاله : "انتخبت مصر عضوا فى مجلس الأمن وهو فوز باهر ولاشك ، فقد أصبح من حقنا أن نبدى رأينا فى مصير القنبلة الذرية، كما أصبح من حقنا أن نحدد النقط الاستراتيجية وأن يشترك جيشنا مع جيوش العالم فى حفظ السلام وأصبح من حق مصر أن تقول "أوافق "أو"لا أوافق" وهى تضع ساقًا على ساق وتنفث دخان سيجارتها فى وجه روسياوإنجلترا، وانتخاب مصر فى مجلس الأمن يعتبر نصرًا لسياسة "النقراشى باشا"، ودليلًا قاطعًا على أن رئيس الوزراء ووزير خارجيته كانا يسيران بخطى ثابتة نحو هدف معين وأنهما باعا هتاف الشعب ورضائه فى سبيل مصلحته ونصرته لا فى سبيل كرسى الوزارة، وما يدرينا لو أن "النقراشى" استجاب للشعب وثار فى وجه انجلترا وقطع العلاقات معها، هل كانت مصر ستصبح عضوا فى مجلس الأمن ؟ ولكن ماذا يمكن أن تستفيد مصر والبلاد العربية من عضويتها فى مجلس الأمن؟ إن القنبلة الذرية مهما تحدد مصيرها لن تكون من نصيب مصر أو أن اشتراك مصر فى حفظ السلام الدولى وإخماد الحركات التى قد تعكر الأمن كما صرح بدوى لايمكن أن يكون فى صالحنا ولهذا فإننا نتنازل بكل سرور عن هذا الشرف الرفيع شرف الدفاع عن السلام العالمى ونرضى بالقليل وهو الدفاع عن قناة السويس، وإذا كان لمصر أمل فى أن تعرض قضيتها وأن يقوم المجلس بدور المأذون فيتم على يديه طلاق مصر من إنجلترا طلاقا بائنا ، ونحن نرضى بالطلاق المودرن الذى يحتفظ الزوجان بعد وقوعه بصداقتهما ولكن هل من مهام مجلس الأمن التدخل لحل القضية المصرية؟ سألنا سياسيا كبيرا مسئولا فقال: إن مهمة مجلس الأمن هى أن يتدخل لحل قضية يخشى منها على سلام العالم، اذن فمصر طبقا لأقوال السياسى الكبير يجب أن تهدد السلام العالمى حتى ترغم مجلس الأمن على التدخل، وأتساءل هل هناك بادرة واحدة فى مصر يخشى منها على السلام العالمى وهل هناك بادرة تخشاها إنجلترا وتقلق بالها وهل قال "بدوى باشا" لأعضاء مجلس الأمن ماهى حدود الصداقة المصرية الإنجليزية التى يتغنى بها فى المجلس وهل قال لهم متى ستنقلب هذه الصداقة إلى عداوة ومتى سيقف بينهم يسمعهم صوت الشعب الثائر وهل تكلم أحد وزرائنا ليقول لنا لماذا اشتركنا فى مجلس الأمن وما هو مصيرنا وما هو واجبنا، ولكن لم يتكلم أحد سوى الجيل الجديد مكان كلامه حديث الرصاص والقنابل وأصابت كلماته رجلًا كان سيد الرجال عيبه الوحيد أنه لم يتكلم فى مقتل وقبض على القتلة ولكن سيظل الجيل كله يقيم من نفسه أستاذًا لزعمائه يلقنهم دروسه القاتلة طالما هم صامتون لايحاولون أن ياخذوا بيده ليخرجوه من الظلام إلى النور.