كنت أمشي حزينة تائهة أتساءل عما يجرى من حولي، وفجأة وجدته أمامي في هيبته ورزانته ولكنه وهن القوى رث الملبس، مهلهل وحوله أولياء الله الصالحين يساندونه ليتحمل مشقة الطريق. سعدت بلقياه ولكنى اندهشت إلى أين أنت ذاهب؟ قال في وهن سأرحل عن دياركم.. ترحل! كيف؟ ولماذا ؟ وهل لنا حياة بدونك؟ فكشف عن كتفه وإذا بجرح عميق ينزف وتتساقط الدماء على الأرض فتتحول إلى أرض قاحلة جدباء متشققة من الجفاف.. ونزل الرعب في قلبي من هول المنظر، وسألته ما هذا ؟ قال انظري خلفك! فنظرت، يا الله يا الله ما هذا ؟ إنه شجر يخرج من باطن الأرض تتدلى منه رءوس الشياطين ويلتف حوله ثعبان مخيف يفتك بكل من يحاول أن يقطع رءوس الشياطين. فسألته والخوف قد تملك من جسدي وعقلي.. ما هذا ؟ قال إنها الفتنة وقد ايقظتموها، وأنا لا أحيا مع الفتنة فلابد من الرحيل، فقلت لالا لالا ترحل فأنت أملنا فبك نحيا، قال لا فجرحى يتعمق ودمي سيقضى عليكم لا محالة فلابد من الرحيل، ولكنك تحملنا ما لا طاقة لنا به، فكم مرت بك الفتن وكانت أدهى وأمر! ألا تتذكر الردة! وقتل عمر بن الخطاب، فما بالك بقتل عثمان بن عفان! وما قولك في صلب عبد الله بن الزبير بن العوام، من عبد الملك بن مروان؟ وماذا فعلت عندما منع الناس من الحج أربع سنوات وبنى لهم مسجد قبة الصخرة ليحجوا إليه حتى لا يبايعوا عبد الله بن الزبير في الحجاز؟. افتنتنا أكبر من هذه الفتن؟ فكشف لى عن كتفه الآخر وإذا بجرح قديم عميق لازال ينزف، وها هو يكشف عن صدره فإذا بجرح قديم عميق لا زال ينزف.. ثم كشف عن ظهره فإذا بجرح قديم عميق لازال ينزف.. فخفق قلبى وبكت عينى أهذا ما فعلناه بك؟ قال إنها الفتن إنها فتنكم، وإذا بالشجر يقترب أكثر فأكتر فحاوطه أولياء الله وسارعوا به فتمسكت به بشدة وتوسلت إليه لا ترحل وإلى ين ستذهب؟ قال سأمكث في أطراف البلاد فهناك جنود الله تقاتل رءوس الشياطين وتقتل الحيات فهناك فقط يحاربون الفتنة.. وما نحن بفاعلين؟ إلزموا بيوتكم واستغفروا ربكم، الزموا بيوتكم واستغفروا ربكم.. خروجكم يوقظ الفتنة وستصب عليكم اللعنات لأن الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها.. وهرول مسرعًا ومازلت اتمسك به وأهرول وراءه إلى أن سقطت على الأرض وزحفت وراءه لا لا لا تتركنا سأتي معك.. فجذبه أولياء الله بشدة منى فقطع جزء من قميصه بيدي، ورحل بعيدًا عن عيني وأنا ابكى واستيقظت وأنا اقول وإسلاماه ومازالت آخر قطعة منه في يدي.. وظللت أتساءل ترى سيعود إلينا يوما؟ أم هذه فتنة آخر الزمان؟