* أشخاص انتهازيون تربصوا بالقوى الثورية * المثقفون تعودوا الالتصاق بالسلطة وتلك آفة الثقافة المصرية قال الروائى د. عمار على حسن، إن روايته الجديدة "سقوط الصمت، التي صدرت حديثًا عن "الدار المصرية اللبنانية"، تسرد التفاصيل الإنسانية في ثورة 25 يناير بلغة شاعرية، تضفي جمالًا على هذا الحدث الكبير، وتكشف جواهره وإبداعاته المنسية في السجال السياسي الدائر، وتجعل البطولة فيه "جماعية" مثلما كانت في الواقع. وأضاف أن "الرواية تحوي 76 فصلًا تبدأ عشية انطلاق الثورة وتتجاوز ما يجرى حاليًا إلى توقع ما يحدث في المستقبل، كما حرص في كتابتها على أن يرسم الملامح الإنسانية للمشهد الثوري. وفي حواره مع "فيتو" يتحدث عن الثورة وروايته الجديدة ودور المثقفين في الفترة الراهنة. - إذا طلب منك تدوين أحداث الثورة بداية من 25 يناير2011 حتى 30 يونيو الماضي.. ما أهم المشاهد التي ستتناولها؟ هناك فرق بين أن أدونها كروائي أو شاهد عيان أو مشارك فيها وأن أسجلها كباحث سياسي، فالاختلاف لا يكون في طريقة الكتابة فقط ولكن سيكون أيضا في تناول المعلومات، فاذا دونتها كباحث لابد أن أعود إلى الوراء فترة ما قبل الثورة لكي أتتبع مرحلة التخمر الثوري وكيف صنع الاحتقان وكيف تهيأ الشعب إلى انطلاق واسع وسريع يوم 28 يناير الذي عرف بجمعة الغضب، ولكن إذا دونتها كشاهد عيان وهذا حدث بالفعل فقد كتبت كتابا تحت عنوان "عشت ما جرى، شهادة على ثورة يناير تحدثت فيه عن ثورة يناير وما حدث بها والأسباب التي أدت إليها وكل ما حدث في الميدان وما شاركت فيه خلال فترة الثورة، أما الروائي فقد كتبت رواية صدرت حديثا تحت عنوان "سقوط الصمت" البطولة فيها جماعية بشكل كامل فأنا الراوي الوحيد في هذه الرواية وأذكر فيها ما شاهدته أيام الثورة من خلال الاستعانة بجزء من الخيال، بالإضافة إلى إظهار الجوانب الجمالية والإنسانية التي لا تذكر في العمل البحثي، ففي هذه الروايه يوجد جميع ألوان الطيف الاجتماعي والسياسي ممثلة في كل الأعمار والأجيال، بالإضافة إلى الإشارة إلى كل من احتكوا بميدان التحرير بدءًا من الثوري النقي وشباب الإخوان والسلفيين إلى أن نصل إلى المتحرش الجنسي والبلطجي، فالمشهد كان مركبا ومعقدا إلى حد كبير وخاصة عملية إدخال كل هؤلاء من خلال وحدة الراوي، فالرواية تحوي 76 فصلا تبدأ عشية انطلاق الثورة وتتجاوز ما يجري حاليا إلى توقع ما يحدث في المستقبل، وحرصت في كتابتها على أن ترسم الملامح الإنسانية للمشهد الثوري. - هل كان للإخوان نصيب من هذه الرواية؟ الإخوان لهم الجزء الأكبر في الرواية بصفتهم أشخاصًا انتهازيين تربصوا بالقوة الثورية، ولعبوا على كل الحبال فكانوا يتعاونون مع سلطة مبارك ثم بعد الثورة مع المجلس العسكري، وكيف كانوا ينظرون إلى الجميع كأدوات يستعملوها للوصول إلى هدفهم، وفي المقابل عرضت بالرواية شخصا يمثل شباب الإخوان الذي يرفض كثيرًا من هذه التصرفات المفرطة في الأنانية والغارقة في الانتهازية. - إلى أين ذهبت الثورة في نهاية الرواية؟ الرواية انتهت ولكن الثورة لم تنته، وهذا يجعل الكتابة عن حدث جارٍ مسألة صعبة، خاصة أن المشهد لم يكتمل ولكن يتم تعويض ذلك من خلال التنبؤ والنهايات المفتوحة، والرواية تختتم بانتهاء حكم محمد مرسي وذلك عن طريق الراوي، وهو يتخيل أشخاصًا يقتحمون القصر الجمهوري وتخطوا أقدامهم على دقيق مبعثر فوق الأرض، بالإضافة إلى وجود أسياخ من اللحم المشوي والمحروق، موجودة بإفراط داخل القصر، وفي المقابل يتجمع شباب الثورة تحت شجرة الثورة التي زرعوها منذ الأيام الأولى وعليها لافتات ويتحدثون عن المستقبل وما سيأتي وكيف يستمرون في النضال، وفي أول سطر في الرواية بدأت بجملة هو قتل حسن عبد الرافع، وآخر سطر هو قتلوا حسن عبد الرافع وولد ألف حسن عبد الرافع، وهذا هو ما اقتنع به أن الثورة المصرية بإمكانها أن تنتج فصولًا أخرى. - في رأيك ما هو دور المثقفين خلال المرحلة القادمة؟ للأسف، المثقفون تعودوا منذ فترة طويلة على الالتصاق بالسلطة وهذا أحد أسباب عدم قدرة المثقفين على تشكيل قوة ضغط ضد السلطة، وأحد آفات الثقافة المصرية، بعد أن اعتاد المثقف أن يكون عضوًا في لجنة من أجل منفعة، وينتظر ما تمنحه له السلطة كي يكون له أي دور في الساحة، لذا يجب على المثقفين أن يتطهروا من هذه العادات ويشكلوا قوة ضغط معنوية لتغيير الأوضاع من أجل النهوض بالعملية الثقافية في مصر. - ما هو الخطر الثقافي الذي كان سيحمله استمرار حكم جماعة الإخوان لمصر؟ يجب أن نعترف بأن الأدب إذا تحول إلى أي أيديولوجية يفقد قيمته، وبالتالي لو استمرت سيطرة الإخوان على أجهزة الدولة لم يكن مستبعدا خروجهم علينا بسلاسل وموسوعات عن فكر الإخوان والترويج للتنظيم الدولي وكنا سنجد كتب سيد قطب في مكتبة الأسرة، وهذا خطر شديد لأن مصر بلد فيه تنوع ثقافي وتغيير ذلك سوف يدمره.