في تسجيلات الأبيض وأسود، أرى سيدة الغناء العربي أم كلثوم شامخة تشدو بأجمل أغانيها الخالدة، وأراه جالسا علي كرسي تقليدي خلفها يداعب أوتار عوده سارحا بخياله علي أهاتها.. ليس صعبا أن تميز الفنان الأصيل محمد القصبجي.. فهو رجلا ليس له شبيها في تفرد ملامحه؛ بنظارته الطبية ذات الموديل المستدير، وجبهته العريضة، وشعره الخفيف، وشاربه الرأسي المختصر، ووجهه النحيل الذي يبرز منه فكي عظامه، فأراه عجوزا أكبر من سنه في كل مراحل عمره تقريبا! إنه الملحن الأول لأم كلثوم، ورغم ما ول إليه من مجد وشهرة، إلا أنه إختار مكانه المفضل خلف كوكب الشرق، ورفض التخلي عنه حاملا علي فخذيه عوده حتي آخر حفلة معها، وحتي رحيله عام 1966 عن عمر يناهز الثلاثة والسبعين عاما، بعد أن أدي رسالته الابداعية كاملة.. ولحن للكثير من نجوم الطرب الذين قد لا يعرفهم الجيل الحالي أمثال نجاة علي وصالح عبد الحي ومنيرة المهدية وأسمهان وزكي مراد، بل المدهش إنه علم موسيقار الأجيال العزف علي العود! مذكرات الفنان الكبير محمد القصبجي كما رواها في أزهى عصور حياته حافلة بالكثير من المعلومات والأسرار، يقول فيها: وُلدت لأبوين فقيرين بحي عابدين بالقاهرة، سنة 1898م، وكان أبي رحمه الله جادًا في تربيتي، شديدَ الحرص على تنشئتي نشأةً صالحةً، ولا يزال أثرُها باقيًا في حياتي حتى الآن..
ولعلي مِن القلائل الذين يَعِيشون فى دنيا الفن دون أن يُدَخنوا أو يذوقوا الخمرَ طول حياتهم، وقد إجتهد أبي في تحفيظي القرآنَ منذ طفولتي، فما إنْ أدركتُ التاسعة من عمري حتى كنتُ قد حفظته عن ظهر قلب، ثم التحقتُ بمدرسة ماهر باشا، وكانت جميع العلوم تُدَرَّسُ فيها عدا اللغة الأجنبية..
فلما بلغتُ السادسة عشرة إلتحقتُ بالأزهر، وقضيتُ به سنةً، دَرَسْتُ فيها المنطقَ والتوحيدَ وعلومَ الدين، وإنتقلتُ إلى مدرسة عبد العزيز الأولية للمُعَلِّمين بحى عابدين، وكنتُ متقدمًا دائمًا، فجاء ترتيبي الثالث فى الشهادة النهائية، وعُينتُ مُدَرسًا..
تلك هي سيرتي الأولى قبل احتراف الفن، بَيْدَ أني لم أكن بعيدًا عن دنيا الفن ولا غريبًا عليها منذ طفولتي؛ حيث كان أبي، الشيخ علي القَصَبْجِى، منشدًا معروفًا في عهده، وهو عَهْدُ الإنشاد، ومَن ساعده في ذلك العهد الشيخ يوسف المنيلاوى وكان منشدًا ومغنيًا في آنٍ، والشيخ الشنتوري والشيخ خليل محرم.. بَيْدَ أنَّ أبي كان الوحيد بين المنشدين الذي يُتقن النوتة الإفرنجية، ويحذق العزف على العود، وكان يكسب قوته من التلحين للمغنين كالشيخ يوسف المنيلاوى والشيخ سيد الصفتى وغيرهما، ومن ألحان الإسطوانات، ومن تعليم الموسيقى، وهكذا نشأتُ والموسيقى في دَمِي..
والتلحينُ وراثةٌ عن أبي الذي بدأ تعليمي العودَ وأنا في التاسعة، وبعدَ سنة واحدة وجدتُّ نفسي أتقن العزفَ على وجه يستحق الالتفات، كما انتبهتُ إلى الموسيقى الغربية، وتيقظتُ لها، وجَعلتُ أُرْهِفُ لها سمعي وأستسيغها، على غير شأنِ أهلِ الفن عندنا في ذلك الوقت..
فلم أدرك الثالثة عشرة من عمري حتى أحسستُ أنَّ قدراتي في التلحين تتفتح، حتى إذا أتممتُ العشرين، ضاقَ صدرى بمهنة التدريس، بعد أن مارستُهُ ثلاثَ سنوات، وأحسستُ شعورًا قويًا يدفعني نحو الفن، والفن وحده، فاستقلت من وظيفتي ووهبت حياتي للموسيقى.
غيرَ أني، في كل الإنتاج الذي أنتجته في ذلك الحين، لم أَكُنْ كثيرَ الرضى عن نفسي؛ حيث كنتُ أحس أنني، باستمراري في تقديم اللون السائد في ذلك العهد، لا أَخْدِمُ الموسيقى ولا أقدم شيئًا جديدًا يترك لي شيئًا من الفَضْل.. الدكتورة شهيرة محرز موسوعة الفن الاسلامي سوزان بريسو.. حب أضاء ظلمة طه حسين! بيد أني كنت أحلم بالصوت الذي يستطيع أن يعينني على أداء الرسالة الجديدة التي تَخْتَلِج في نفسي، إلى أن ظهرت الفتاة السمحة الملهمة الآنسة أم كلثوم، وحدثَ التعارفُ الذي بدأتُ به صحيفةً جديدة من حياتي؛ إذ وجدتُّ فيها الصوتَ الذي أحلم به، ومنذئذٍ ارتبطتُّ معها برِباطٍ لا تنفصم عُراه، في صداقةٍ وعملٍ وإخلاص. ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار ال 24 ساعة ل أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري ل أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية. تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هنا