كنا قد تفاءلنا خيرًا عندما أُعلن عن تولي الدكتور المهندس إبراهيم صابر مسئولية محافظة القاهرة، فالرجل مهندس، أي من المفترض أن يحمل في تكوينه ذائقة معمارية وبصيرة فنية تُعيد للعاصمة ما فقدته من جمالها وأناقتها. وهو أيضًا ابن الإدارة المحلية الذي تدرّج في درجاتها حتى بلغ أعلاها، ما يعني دراية بدهاليزها وقدرة على تفكيك تعقيداتها، لذلك ظننا، وربما صدّقنا، أن اختياره جاء ضمن رؤية جديدة لإحياء القاهرة وإعادة الاعتبار إلى وجهها الحضاري. وللحظةٍ، بدا أن الأمور تسير في الاتجاه الصحيح، فالحملات انطلقت لتطهير شوارع العاصمة من عشوائياتها، واستبشرنا بأن القاهرة الخديوية ستنهض من تحت الركام، لكن ما لبث الحلم أن اصطدم بواقعٍ من الترقيع الإداري.. حيث انحصر الاهتمام في بضعة كيلومترات محصورة بين ميداني طلعت حرب ومصطفى كامل ومحيطهما، بينما تُركت بقية الأحياء تغوص في فوضاها البصرية والعمرانية كما لو كانت خارج حدود المحافظة.
المشهد اليوم يثير الأسى أكثر مما يبعث على الأمل، فالأكشاك التي كانت تشوّه شارع الشواربي ومحيطه لم تُزَل، بل نُقلت إلى باب اللوق، في مشهدٍ لا يختلف كثيرًا عن سلوك الخادمات اللواتي كنّ يُخفين تراب الشقة تحت السجاد. أي منطق هذا؟ هل باب اللوق خارج القاهرة الخديوية؟ أم أن العشوائية أصبحت قابلة للتدوير مثل النفايات؟
باب اللوق اليوم يغصّ بالمقاهي التي التهمت الأرصفة ثم زحفت إلى نهر الطريق نفسه. لم يعد للمارة مكان، ولا للنساء خصوصًا ممرّ آمن. الأرصفة التي كانت يومًا مساحات حضارية للحركة أصبحت مسارح لفوضى الكراسي والطاولات، وتحولت شوارع القاهرة إلى سيركٍ مفتوح يتقافز فيه الناس بين السيارات وموائد القهوة، وسط ضجيجٍ يعصف بما تبقى من سكينة المدينة.
القاهرة التي بناها الأجداد بذائقةٍ راقية وروحٍ فنية وعقلٍ تخطيطي عبقري، تُعامل اليوم كعجوزٍ تُجمَّل وجهها بالكحل بينما جسدها ينهشه الإهمال. تُزيَّن واجهاتها في وسط البلد لتبدو جميلة أمام الكاميرا، بينما تخفي أزقتها ما يعكس فقر الخيال الإداري وضحالة الرؤية.
إنها ليست قضية مقاهٍ ولا أكشاك، بل قضية رؤية مفقودة. فالقاهرة ليست مدينة عادية يمكن ترقيعها من أطرافها، إنها قلب مصر وذاكرتها وهويتها البصرية. وأي مسؤول يتعامل معها على أنها حي إداري آخر يرتكب خطيئة في حق التاريخ والجغرافيا معًا.
القاهرة تستحق مشروعًا وطنيًا حقيقيًا يعيد إليها روحها، لا خطة تجميل موسمية تنتهي عند سور الميدان. تستحق من يراها كما رآها الخديو إسماعيل يوم حلم بأن تكون قطعة من أوروبا، وكما رآها نجيب محفوظ في رواياته؛ مدينة تحيا وتحب وتغضب، لا مدينة تُدار بمنطق المقاول والمناقصة. الحل القانوني للقضية الكردية وأبعاده طريق الخلاص من مأزق الانقسام لقد فقدت القاهرة الكثير من ملامحها، لكن ما زال في عروقها نبض ينتظر من يسمعه. ولن تستعيد ألقها إلا حين نكفّ عن التعامل معها كمجرد ملف إداري، ونبدأ في النظر إليها ككائن حيّ يستحق الاحترام والإنقاذ قبل أن يختنق تمامًا تحت غبار العشوائية وبؤس الذوق العام. ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار ال 24 ساعة ل أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري ل أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية. تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هنا