لا شك أن الثقافة من الأشياء الحيوية والضرورية جدًا التي يجب توافر ولو الحد الأدنى منها في الفنان الحقيقي، حتى يكون ملمًا بقضايا ومشاكل واحتياجات وطنه قدر الإمكان ومعبرا ومدافعا عنها في أعماله. فهذا أحد أهم أدواره في المجتمع، وخلاف ذلك لا يعد فنانًا حقيقيًا متكاملا، وتصبح أعماله أشبه بالوجبات السريعة Fast Foods أضرارها أكثر من فوائدها، أعمال لا تعيش طويلا في وجدان الناس ولا تفيدهم بالشكل المطلوب. والحقيقة أن أغلب فناني الأجيال السابقة خاصة في العصر الذهبي للفن المصري في حقبتي الخمسينيات والستينيات، كانوا يتمتعون بقدر جيد من الثقافة والوعي بقضايا مجتمعهم، ولهذا نجحوا في تقديم أعمال سينمائية ثم تليفزيونية بعد دخول التليفزيون مصر، تعد الأفضل على مدار تاريخ الفن المصري. ساعدهم على ذلك توافر نخبة من الكتاب والأدباء العظام الذين أثروا الساحة التي كانت تشهد نهضة ثقافية كبرى آنذاك، أمثال طه حسين والعقاد ونجيب محفوظ ويوسف السباعي ويوسف إدريس وإحسان عبد القدوس وغيرهم انعكست بشكل إيجابي جدا على حالة الفن في مصر بشكل عام. الانفتاح والسوشيال ميديا وذلك قبل أن تتبدل الأحوال ويحدث تراجع ملحوظ في الثقافة وروافدها منذ حقبة السبعينيات، مع بداية عصر الانفتاح وطغيان المادة وقيمها السلبية النفعية، واستمر هذا الوضع يزداد سوءًا خاصةً بعد رحيل كل مبدعي النهضة الثقافية.. حتى وصلنا إلى ما نحن عليه الآن من تراجع رهيب في منحنى الثقافة وأدواتها، وتهميش دور الكتاب الورقي كمكون أساسي للثقافة وظهور وسائل التواصل الاجتماعي وسطوتها وجبروتها، التي أضحت الوسيلة الأولى والأسهل للحصول على المعلومات دون تعب أو أدنى مجهود، وذلك على الرغم من عدم دقتها وحياديتها في كثير من الأحيان. كل هذا التردي الثقافي انعكس بشكل واضح على مستوى ومضمون الغالبية العظمي من الأعمال السينمائية والتليفزيونية والمسرحية المنتجة، والتي صارت بكل جرأة وبجاحة تشجع على الجريمة بكل صورها والدماء واحتقار المرأة وتهميشها والعنف ضدها والترويج لقيم سلبية هادمة لثوابت المجتمع وموروثاته !، وبات الفنان المثقف أشبه بالعملة النادرة في هذا الزمان. من الريحاني إلى نمبر وان على مدار تاريخ الفن في مصر، برز عدد كبير من الفنانين الذين امتلكوا الثقافة والوعي والإلمام بأحوال الناس ومشاكلهم، وهو ما تكشف عنه أعمالهم الخالدة، من أبرزهم العبقري نجيب الريحاني الذي كون ثنائيا رائعًا مع الكاتب القدير بديع خيري وقدما أعمالًا مسرحية وسينمائية بسيطة ولكنها عميقة مثل صاحب السعادة كشكش بيه، سلامك في خير، لعبة الست وغيرها.. وسليمان نجيب نجل الأديب المرموق مصطفى نجيب، كان أول مدير مصري لدار الأوبرا الملكية، ألف كتاب عن أحوال مدينة القاهرة وسكانها ونخبها في فترة العشرينيات. وأم كلثوم وعبد الوهاب رغم تلقيهما قسطًا بسيطا من التعليم إلا أنهما تمتعا بقدر وافر من الوعي والثقافة التي حرصا بشدة على اكتسابها، الأولى من شاعرها المفضل أحمد رامي والثاني من معايشته لآمير الشعراء أحمد شوقي لسنوات عديدة.. وعميد المسرح العربي يوسف وهبي كان من المثقفين الكبار، وعبد الوارث عسر كتب الشعر والقصص وسيناريوهات الأفلام وألف أحد أهم المراجع في الإلقاء مازال يدرس في معاهد المسرح في مصر والوطن العربي بعنوان: فن الإلقاء.. والعملاق محمود مرسي والقدير حمدي غيث قال عنهما الفنان المثقف الكبير القبطان نبيل الحلفاوي إنهما كانا نموذج للفنان المثقف الحقيقي. ومن الأجيال التالية يبرز الفنان الموسوعي نور الشريف الذي قال لي إنه على سبيل المثال قرأ نحو 30 كتابا عن هارون الرشيد قبل أن يقدم مسلسل تليفزيوني عنه، وكان رحمه الله ملما بكافة القضايا السياسية والاقتصادية والثقافية ومحللا لها من الطراز الأول. ومن أبرز مثقفي جيله أيضًا محمود ياسين، محمد صبحي، صلاح السعدني، حسين فهمي، عادل إمام، عبد العزيز مخيون، محمود حميدة، أشرف عبد الغفور. ومن الأجيال الحالية ثلة قليلة جدا منهم السوري جمال سليمان، خالد الصاوي، خالد النبوي، حنان مطاوع، ياسر جلال، صبري فواز.
في حين نجد للأسف السواد الأعظم من الفنانين الحاليين وفي مقدمتهم النجوم السوبر والأشهر بعيدين تماما عن الثقافة، وأكاد أجزم أن هؤلاء لا يقرأون الكتب إلا نادرا ولا حتى يطالعون عناوين الصحف والمجلات والمواقع الإلكترونية ويستقون معلوماتهم الضحلة من وسائل التواصل الاجتماعي فقط! والنتيجة الطبيعية لذلك تأتي معظم أعمالهم الفنية بلا مضمون أو هدف أو مورال يفيد المجتمع، بل تروج الكثير منها لقيم سلبية هدامة كالبلطجة والعنف والجريمة والربا والشذوذ. ولعل أوضح مثال على ذلك الذي يلقب نفسه بالأسطورة ونمبر وان الذي لم يكمل تعليمه بمعهد الفنون المسرحية ولا يعرف عنه أنه قرأ كتابا في يوم من الأيام. عز والعوضي وإمام نجوم الأكشن والباقون يحاولون؟! النجم ياسر جلال.. عفوا سيادة السيناتور ياسر جلال! ولعل ما فعله ممثل ال Stand Up Comedy طه دسوقي الذي كل تاريخه مسلسلان وفيلمان، بافتتاح مهرجان الجونة منذ أيام قلائل، بسخريته السخيفة وغير المقبولة من الصحافة بهدف إضحاك وتسلية الحضور، لنموذج ودليل على حجم الفقر الثقافي والتسطيح الفكري الذي يعانيه جيله من الفنانين الشباب حاليا والذي يعكسه مستوى ومضمون ما يقدمونه من أعمال حتى وإن لاقت صدى وقبول لدي شريحة واسعة من الجمهور أمثالهم. ليست شديدة القتامة ليس معنى ما سبق أن الصورة شديدة القتامة، لا على الإطلاق فمازال هناك مجموعة من الفنانين والكتاب والمخرجين وصناع الفن على قلتهم الشديدة، لديهم درجات ما من الثقافة والوعي والإلمام بقضايا المجتمع الحيوية، يحاولون قدر المستطاع التعبير عنها في أعمالهم رغم أن الأجواء المحيطة لا تشجع على ذلك. ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار ال 24 ساعة ل أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري ل أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية. تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هنا