اندهشت كثيرا من مطالبة الدكتور أحمد هنو وزير الثقافة بتغيير اسم مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي ليكون مهرجان القاهرة الدولي للمسرح.. وسبب دهشتى يرتكز على أسباب متعددة في مقدمتها التناقض الذى وقع فيه الوزير.. ففي كلمته أشاد بالتجريب وتاريخه في الوجدان الفني المصري منذ المصريين القدماء وفجر التاريخ قائلا: بأن مصر لم تكن يومًا بعيدة عن روح التجريب؛ فمنذ فجر التاريخ كان فضول الاكتشاف دافعًا لفنانيها الأوائل، فحوّلوا الصخر الأصم إلى جسد نابض بالحياة، ونقشوا على جدران المعابد والساحات مشاهد أدائية تُعد نواة مبكرة لفنون العرض.. ومن تلك الجذور العميقة ظل شغف التجريب يسكن وجدان مصر الفني، حاضرًا في كل عصر، متجددًا مع كل جيل، واليوم يحمل شبابنا هذه الشعلة، فيعيدون ابتكار أشكال التعبير، ويقدمون رؤى جديدة تكشف عن هويتهم الخاصة وتفتح أمامهم آفاق العالم الرحبة؛ فهم القلب النابض لهذا المهرجان وضمانة بقائه فضاءً حيًا للتجريب. ولم يكتف الوزير أحمد هنو بذلك بل أكد أن الاحتفاء بالمسرح التجريبي هو احتفاء بروح المغامرة، وبالجرأة على الخروج عن المألوف، والتطلع إلى آفاق لم تُكتشف بعد، ثم يختتم كلمته قائلا: ولتَبقَ القاهرة منبرًا مفتوحًا للتجريب والإبداع، ولينتصر حورس، رمز النهضة، على كل ظلام وجهل، كما انتصر منذ فجر التاريخ.. يعنى الوزير يؤكد قناعته بأهمية التجريب ثم تأتى المفاجأة بطلبه إصدار شهادة وفاة للمهرجان بعد أن أصبح شابا يافعا عمره 32 عاما، طارحا الأسم الجديد، مهرجان القاهرة الدولي للمسرح، ولذر الرماد يقترح أن تظل العروض التجريبية جزءًا أصيلًا ضمن برامجه، ومقترح الوزير مردود عليه بأسباب كثيرة منها: المهرجانات تكتسب أهميتها بتاريخها مثل الدول، وتتحول إلى علامات تجارية يكون ثمنها وقيمتها غير مقدرة بالمال، والكثير من المهرجانات تحاول خلق تاريخ لها مثل الدول الحديثة التى قد تستلب تاريخ الآخرين لتصنع لها تاريخا.
واسم مهرجان القاهرة التجريبى أكثر من مجرد علامة تجارية؛ فهو يمثل تاريخًا، هوية، وقيمة فنية وثقافية، والحفاظ على اسمه ضرورة قصوى لعدة أسباب جوهرية، تبدأ من تكريس الهوية الفنية للمهرجان وتاريخه، وصولًا إلى بناء قاعدة جماهيرية وفنية راسخة. فمن حيث الهوية والتاريخ، الإسم هو الرابط الذي يجمع بين الدورات المختلفة للمهرجان، ويحكي قصة تطوره ونجاحاته وتاريخه الإبداعى بما عرض فيه، والتحديات التى واجهها، فالحفاظ على اسم المهرجان، هو حفاظ على ذاكرة الأجيال التي حضرت وشاركت فيه، يعنى يرسخ مكانته كجزء لا يتجزأ من التراث الفني للمدينة أو البلد. هذا الاستمرارية تمنح المهرجان مصداقية وقوة، وتجعله مرجعًا فنيًا يُعتد به. ومن حيث الجمهور والفنانون، فهناك رابطة من الاعتياد على اسم المهرجان وربطه بجودة العروض، التنظيم، والتجربة الفنية الفريدة، وتغيير الاسم قد يسبب ارتباكًا ويضعف الولاء الجماهيري له، والذي تم بناؤه على مدار سنوات، وعلى المستوى الدولي يفضل الفنانون والمخرجون المشاركة في مهرجانات ذات أسماء عريقة ومعروفة، مما يزيد من جاذبية المهرجان على الصعيدين المحلي والدولي. ومن حيث التسويق والدعم والدعاية، يسهل الاسم الثابت عملية التسويق والترويج والحصول على مشاركة الجهات الراعية والداعمة، سواء كانت حكومية أو خاصة، لثقتها في المهرجانات التي تحمل أسماء راسخة وتتمتع بسمعة قوية، يعنى الاسم المستقر يضمن استمرارية الدعم المالي واللوجستي، ويجعل من السهل جذب الشراكات الجديدة التي تسعى للاستفادة من سمعة المهرجان وقيمته. باختصار الحفاظ على اسم مهرجان المسرح التجريبى ليس مجرد قرار إداري بسيط، بل هو قرار استراتيجي يهدف إلى حماية إرث ثقافي وفني، وضمان استمرارية نجاحه وتأثيره.
وإذا كانت هناك بعض الملاحظات أو الوهن يمكن علاجها، فالخطأ ليس في الفكرة ولكن فيمن يقوم على تنفيذها، فالمريض نعالجه ولا نقتله، فما بالك بمهرجان القاهرة للمسرح التجريبي الذى تحول لمنارة ثقافية بارزة في مصر والعالم العربي، رسخ مكانته على مدار 32 دورةً متتاليةً كواحدٍ من أهم الفعاليات الفنية التي تُعنى بالمسرح التجريبي والمبتكر. هو ليس مجرد مهرجان، بل مؤسسة ثقافية متخصصة نشأت ونضجت لتصبح منصةً حقيقيةً لاكتشاف المواهب الشابة، وتقديم التجارب المسرحية الجديدة التي تتجاوز القوالب التقليدية، وشهد المهرجان منذ عام 1988 ميلاد أجيال من المخرجين والممثلين والمؤلفين الذين أثروا الساحة الفنية بأعمالهم الجريئة والمبتكرة.. والتضحية بهذا التاريخ العريق بقرار إداري بسيط يُشبه محو ذاكرة فنية مهمة، فالدول الكبرى تحترم تاريخها من خلال الحفاظ على رموزها الثقافية، وتُعزز من قيمتها بدلًا من إلغائها. ونأتى للاقتراح الذى يتناقض جوهره مع مظهره، فالمسرح التجريبي.. مختبر للإبداع والتجديد والتجريب ودمج المسرح التجريبي مع المسرح العام، كما يقترح الوزير سيُفقد الأول قيمته وأهميته، فالمسرح التجريبي هو بمثابة مختبر فني لاختبار الأفكار الجديدة والتقنيات غير المألوفة، هو المكان الذي يُسمح فيه للمسرحيين بكسر القواعد، واستكشاف آفاق جديدة في السرد البصري والدرامي.
هذا النوع من الفن يحتاج إلى مساحة خاصة ومنفصلة عن المسرح العام الذي غالبًا ما يهدف إلى الوصول إلى جمهور أوسع، ويعتمد على الأشكال الأكثر تقليدية، ودمج الفضاءين قد يُقيد حرية التجريب، ويُخضعها للمعايير التجارية أو الجماهيرية، مما يُعيق التطور الفني والإبداع. أخيرا يا سيادة الوزير نجاح المهرجانات الفنية العالمية يكمن في تخصصها، والتخصصية تضمن عمق المحتوى، وتُركز على جذب جمهور متخصص والخبراء المهتمين بهذا النوع من الفن. يا سيادة الوزير الحفاظ على مهرجان القاهرة للمسرح التجريبي باسمه وهويته يضمن استمرارية هذا التخصص، ويجعله وجهةً عالميةً لكل المهتمين بهذا النوع من الفن. بدلًا من إلغائه.. ويكون السؤال المهم وماذا يضير الوزير أن ينشئ مهرجانا منفصلا للمسرح العام، ومصر تستحق ذلك، يُركز فيه على الأشكال الأخرى من المسرح وينسب له بدلا من هدم إنجازات الآخرين، وبذلك تُثري الساحة الفنية المصرية من خلال وجود مهرجانين متميزين بدلًا من مهرجان واحد قد يفقد هويته. وبدأت بشائر الأمل والنصر! السؤال الصعب: من أنا ومن أنت؟! يا سيادة الوزير الحفاظ على مهرجان القاهرة للمسرح التجريبي ضرورة ثقافية وفنية واستثمار في الإبداع، واعتراف بقيمة التاريخ، وتأكيد على أن الفن لا ينمو إلا في بيئة تُقدر التخصصية وتحتفي بالريادة مثل العلوم الطبيعية التى نشأت فيها علوم بالغة التخصص. [email protected] ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار ال 24 ساعة ل أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري ل أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية. تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هنا