من وقتٍ لآخر، تطفو على سطح النقاشات العامة موجةُ غضبٍ عارمة تطالب بإغلاق تطبيق أو منصة اجتماعية معينة، بدعوى أنها أصبحت منبعًا للانحلال، أو مصدرًا للجهل، أو مرتعًا للإسفاف، أو حاضنة لسلوكيات غير أخلاقية. وغالبًا ما يكون تيك توك في قلب هذه العاصفة مثلما هو حادث مؤخرا. ولكن هل الحل هو الإغلاق؟ وهل نقضي على المرض بقتل المريض؟ إذا تأملنا المسألة من منظور فلسفي ونفسي واجتماعي ومنطقي، فسنكتشف أن المسألة أعمق بكثير من مجرد زرّ إغلاق التطبيق. أولًا: منطق الإلغاء.. هل يصلح معيارًا عامًا؟ هل نغلق الشيء إذا أساء البعض استخدامه؟ لو طبقنا هذا المعيار حرفيًا، لكان علينا أن نُغلق الكثير من الأشياء: السكين: أداة تُستخدم في الطهي، ولكنها أداة جريمة في يد آخرين، فهل نمنعها من المطابخ؟ النار: تمنحنا الدفء والطهو، لكنها تحرق وتُدمّر، فهل نُطفئها من الوجود؟ السيارات: تنقلنا وتختصر المسافات، لكنها تقتل أحيانًا في حوادث، فهل نوقف الصناعة؟ اللغة: وسيلة تعبير راقية، ولكن تُستخدم في الشتائم والكذب والخداع، فهل نخرس؟ الحياة لا تُدار بمنطق الإلغاء الكامل، بل بمنطق التقنين، والتوعية، والمحاسبة الفردية.
ثانيًا: من منظور نفسي.. لماذا نُسقط مشاكلنا على المنصة؟ في علم النفس، هناك مفهوم يُعرف بالإسقاط، وهو آلية دفاعية يضع بها الإنسان مسؤوليته أو ضعفه على شماعة خارجية. نُحمِّل تيك توك مسؤولية تفكك الأسر، وتراجع الذوق، وانتشار العنف، بينما نتجاهل أن: هناك ملايين الأشخاص يستخدمون تيك توك بشكل هادف وراقي. وهناك محتوى تربوي، وديني، وعلمي، وإبداعي لا يقل عن أي منصة تعليمية. هناك آباء وأمهات غائبون عن رقابة أبنائهم، ويلقون باللوم على التطبيق. ف تيك توك لا يخلق القيم، بل يعكسها. إننا ببساطة أمام مرآة رقمية كبيرة، وإن كنا لا نحب ما نراه فيها، فالخلل فينا لا فيها.
ثالثًا: من منظور فلسفي.. الاختبار الكامل يتطلب أدوات متعددة إذا وسّعنا النظرة نحو الوجود، نجد أن الاختبار الإنساني لا يكتمل دون وجود كل أدوات الخير والشر.. الله حين خلق الحياة، خلقها بمنطق الابتلاء، ووهب الإنسان العقل والحرية ليختار. "إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا" (سورة الإنسان: أية 3) فمنصة مثل تيك توك ما هي إلا إحدى أدوات هذا الابتلاء، من أراد الإلهام والمعرفة، سيجدها هناك. ومن اختار السقوط والفراغ والتفاهة، سيجدها أيضًا. القرار في النهاية قرارك، والنتيجة محسوبة عليك.
رابعًا: من منظور اجتماعي.. هل نحتاج إلى عدو مشترك؟ في كثير من المجتمعات، نميل لا شعوريًا للبحث عن عدو خارجي نُحمّله أوزار الواقع. وهذه عادة اجتماعية قديمة، مرة نُلقي اللوم على السينما. ومرة على الإنترنت. ومرة على المرأة. والآن على تيك توك. لكن الحقيقة المُرّة أن مشكلاتنا أعمق من منصة. هي مشاكل في التعليم، والثقافة، والإعلام، والوعي الجمعي، والقدرة على التأثير والتوجيه. تيك توك لا يخلق الواقع، بل يكشفه ويضخّمه. كيف روج الإخوان للسردية الإسرائيلية بشأن إغلاق معبر رفح الملك لير على عتبة الفخراني الخلاصة: لا نغلق تيك توك.. بل نفتح أعيننا نحن لا نعيش في عالم مثالي، لكننا نملك العقول والإرادة لصناعة الأفضل.. الإغلاق سهل.. لكنه حل الكسالى، والعاجزين عن المواجهة. أما الصعب الحقيقي، فهو أن ننتج محتوى أفضل، ونُربّي أولادنا بشكلٍ أقوى، ونعلمهم أن كل أداة في يدك إما مفتاح لباب الخير، أو مفتاح لجهنم. تيك توك لا يحتاج إلى إغلاق.. بل نحن من نحتاج إلى فتح.. فتح الوعي. فتح البصيرة. فتح المسؤولية. ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار ال 24 ساعة ل أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري ل أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية. تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هنا