أثار ما يسمى الفصل الطائر قلق الخبراء والمراقبين للعملية التعليمية، خوفًا من أن تصل إلى المدارس التجريبية، بعد قرار وزارة التربية والتعليم بتنفيذ الفكرة فى بعض المدارس الحكومية، حيث أكد الخبير التربوى الدكتور حسنى السيد، الباحث بالمركز القومى للبحوث التربوية أن مدارس القاهرة تعيش كارثة حقيقية تسمى "الفصل الطائر"، وهو ما زاد من عشوائية المدارس الحكومية.. وأشار إلى أن وصول تلك الفصول إلى المدارس التجريبية يعد كارثة أكبر، مؤكدًا أن هناك أكثر من 300 مدرسة تجريبية معرضة لهذه الظاهرة بعد قرار وزير التربية والتعليم فتح فصل جديد بكل مدرسة لاستقبال التلاميذ الجدد الذين بلغوا سن الإلزام. وأوضح السيد أن تلك الفصول تؤدى إلى عدم الانتظام فى الدراسة سواء من الطالب أو المدرس؛ لأن إعطاء الحصة يكون موقوفًا على فراغ مكان بالمدرسة، ولذلك فالمدرس والطالب لا يعرفان أين ستكون حصص اليوم الدراسى، والمدرسة فى ذلك تستغل حصص الأنشطة والألعاب واستخدام الفصول الفارغة لإعطاء الدروس لطلاب الفصل الطائر. من جهته قال استشارى الطب النفسى بجامعة المنيا الدكتور أحمد إسماعيل، إن عدم ثبات مكان الدراسة داخل المدرسة يؤدى إلى اضطراب التلميذ، والمدرس معا. وأكد أن غياب معرفة مكان الحصة يجعل الطالب قلقًا وغير مستقر نفسيا، ويزداد هذا القلق مع التلاميذ الأصغر سنًا، ويجعل الطالب غير راغب فى المدرسة، أو يعتبرها مكانا لقضاء الوقت، ولقاء رفقائه من الصغار وتنتفى عنده المدرسة باعتبارها مكانا للتعلم وتناول الدروس. وأشار إلى أن الأمر ينطبق بشكل أو بآخر على المدرس الذى يتعين عليه إيجاد مكان الدرس وتحديد مكان لإعطاء تلاميذه الحصة القادمة، معتبرًا أن ذلك يزيد من الأعباء والضغوط النفسية على المعلم الذى يتحول بعد فترة إلى اللامبالاة بالحصة وبالتلاميذ، وشىء فشىء يتسرب هذا الإحساس إلى التلاميذ وإدارة المدرسة، ويصبح طلاب الفصل الطائر فى نظر الإدارة فاشلين. من ناحيته أكد سالم الجنبيهى، رئيس مجلس أمناء إحدى المدارس التجريبية بالقاهرة، أن وزارة التربية والتعليم ستواجهها عقبة كبيرة خلال السنوات المقبلة، تتمثل فى الفصول التى استحدثتها الوزارة فى مدارس التجريبيات هذا العام لاستيعاب الزيادة فى الطلب على تلك المدارس، حيث إن الوزير قرر فتح فصل جديد بكل مدرسة تجريبية لاستقبال الطلاب الذين وصلوا للسن القانونية، كما قررت الوزارة استغلال كل فراغات تلك المدارس لبناء فصول دراسية لاستقبال تلك الأعداد، مؤكدًا أن عددًا كبيرًًا من التجريبيات لا تتحمل زيادة فى الفصول، وأنه ستكون هناك عقبة توفير أماكن للدراسة بتلك المدارس للفصول الجديدة خاصة بعد استغلال كل الفراغات الموجودة بالمدارس، مما يعنى أن الوزارة إما تقرر بناء مدارس جديدة أو تبنى أبنية جديدة فى ملاعب تلك المدارس، وفى الحالة الثانية ستقضى على الأنشطة الطلابية كلية، أو أن تزيد فى الكثافة الطلابية، وهذا يتعارض مع قانون التجريبيات. على الجانب الآخر أكد الدكتور رضا مسعد رئيس قطاع التعليم العام بوزارة التربية والتعليم أن الفصل الطائر ظاهرة قديمة موجودة فى بعض المدارس التى تعانى من الكثافة الطلابية العالية. وقال إن الوزارة انتهجت مع العام الدراسى الحالى نهجًا مغايرًا لفكرة الفصول الطائرة، تتمثل فى استغلال كل الفراغات الموجودة فى المدارس فيما يسمى بالفصل الذى لا ينمو، مشددًا على رفض الوزارة الاستمرار فى سياسة الفصل الطائر لأنه يجعل الطالب غير مستقر فكريا ونفسيا. وأشار إلى أن هناك أكثر من مليون و750 ألف طفل يتقدمون إلى المدارس الحكومية سنويا ممن يبلغون سن الإلزام، فى حين أن من يتخرجون فى الثانوية العامة عددهم يقترب من النصف مليون، وهو ما يعنى الحاجة إلى عدد كبير من المدارس لاستيعاب كل هذا العدد، وهو ما تحاول الوزارة توفيره خلال الأعوام المقبلة. وأكدت شاهيناز الدسوقى، مدير مديرية التربية والتعليم بالقاهرة، أن الكثافة الطلابية العالية داخل المدارس هى السبب الرئيسى لوجود الفصل الطائر، موضحة أنه يوجد بالقاهرة 200 فصل طائر تحتاج 400 معلم، بالإضافة إلى دورات مياه، مؤكدة أنها تجربة جديدة على مدارس القاهرة تم تنفيذها هذا العام فى مدارس إدارتى مصر الجديدة والتبين. وقالت إن حل تلك المشكلة يتمثل فى الجداول المدمجة بمعنى أن يظل الفصل الواحد داخل المدرسة مشغولا طوال اليوم الدراسى، مشيرة إلى أن الطالب يدرس ثلثى المواد داخل الفصل والثلث الأخير خاص بالمواد الثقافية والأنشطة التى يأخذها الطلاب داخل المعامل وفى فناء المدرسة، مؤكدة أن تعديل جداول الحصص بحيث يكون الفصل مشغولا طوال اليوم الدراسى حل من الحلول، وهو ما يسمى "الاستغلال الأمثل" لمساحات الفراغ داخل المدرسة. ونفت أن تكون هناك فصول طائرة داخل المدارس التجريبية، موضحة أن ما تم داخل التجريبيات هو إيجاد 150 فصلا من خلال استغلال الفراغات بتلك المدارس، فيما هو معروف بالفصل الذى لا ينمو وهو حل مؤقت لجأت إليه الوزارة لاستيعاب الطلب على تلك المدارس.