في جلسة ودية مع المستشار الخلوق عادل عجيب، لم يغضب من انفعالي وهجومي علي أحد المحامين الذي تسبب في مرافعته المتواضعة في اصدار حكما قاسيا علي موكله، ولم يقنع القاضي بسلامة موقفه.. بهدؤه المعهود شرح لي العلاقة المتكاملة بين المحامي والقاضي، فالمحامي يعرض الوقائع في ضوء القانون ويجتهد في تقديم الحقيقة، ومهمة القاضي الوزن والترجيح.. كم من قضايا ظُن فيها أن المتهم مجرم، ثم تكشفت الحقيقة بفضل محامٍ دقيق، نزيه، لم يتسرع في التصديق، بل بحث وراجع وتحقق.
وكم من أبرياء أنقذتهم مرافعة، أو استئناف، أو طعن، أو دفاع جريء. وهناك من المحامين من طعن على دستورية نصوص كاملة، لأنها تمس الحقوق والحريات، مثل الطعن بعدم دستورية المادة 47 من قانون الإجراءات الجنائية، التي كانت تفتح الباب لانتهاك خصوصية الأفراد، فجاء الطعن دفاعًا عن المجتمع لا عن شخص، وعن الدستور لا عن موقف.
القانون لا يضع العقوبات عبثًا، بل يُفرّق بين الحالات حسب خطورتها ونوايا مرتكبيها. فالعقوبات في التشريعات ليست جامدة، وإنما متدرجة، تُراعي ظروف كل واقعة وملابساتها الخاصة، وتُقدّر النية والباعث، وتُميّز بين الخطأ والجرم، بين الإهمال والتعمد، وبين من ارتكب فعله تحت إكراه، ومن فعله باختيار. وهذا التقدير الدقيق لا يتأتى للقاضي إلا من خلال ما يعرضه عليه المحامي، الذي يُسلّط الضوء على التفاصيل الخفية، ويكشف زوايا القضية الإنسانية، ويضع الواقعة في سياقها الطبيعي لا المجرد.
فالمحامي لا يبرئ من أخطأ، ولكنه قد يُخفف عنه إذا أثبت أن ما ارتكبه كان بغير قصد، أو تحت ضغط، أو ناتجًا عن ظروف قهرية. هو من يوازن بين القانون والواقع، بين النص والحياة، وبين الحرف والمعنى. وبهذا، يكون دور المحامي جوهريًا في تحقيق العدالة الجنائية، لا في تفاديها.
المحامي هو أول من يُنذر بالخطر حين تنحرف السلطة عن مسار القانون، وأول من يرفع صوته حين يشعر أن العدالة في خطر. المحاماة ليست حماية للمذنبين، بل ضمانة للمجتمع، حتى لا يُظلم أحد باسم القانون. فهي إحدى أهم الضمانات التي تقوم عليها دولة القانون، وحصن منيع في وجه التعسف، وحماية حقيقية للحرية.
ورغم كل ذلك، فالمهنة ليست سهلة. المحامي يواجه الكثير من التحديات ومنها: ضغوط نفسية، نظرة مجتمعية خاطئة، صعوبات في البداية، إرهاق دائم، ومع ذلك يصمد، ويواصل، ويُرافع، ويقاتل من أجل كلمة حق. وقد عبّر الدكتور سليمان مرقس عن ذلك بقوله: "لا شيء أشد خطرًا على العدالة من أن تُفهم القوانين بلا روحها، وتُفسر الأحكام بلا غايتها".
ومع إدراكنا لعظمة مهنة المحاماة ودورها الحيوي في حماية الحقوق وصون العدالة، لا يمكن إنكار أن كل مهنة قد يشوبها انحراف من قِلة لا تمثل إلا نفسها. فكما في الطب من يسيء، وفي التعليم من يُهمِل، كذلك في المحاماة من يخرج عن السلوك القويم أو يفرّط في الأمانة المهنية. لكن هؤلاء لا يُعبّرون عن جموع المحامين، ولا يمثلون شرف المهنة، بل هم استثناءات لا تُقاس عليها القاعدة. والواجب علينا أن نُميّز بين المهنة النبيلة كرسالة، وبين من يسيئون استخدامها لمصالح شخصية أو أهداف مشبوهة. فكما لا نُدين الدين بسلوك من يدّعونه، لا نُحاكم المحاماة بأفعال من ينتمون لها اسمًا لا فعلًا. يا رايحين للنبي الغالي هنيالكم وعقبالي الكاريزما وفن القيادة المحاماة مهنة لا يليق بها إلا النبلاء، من يجمعون بين المعرفة والشجاعة، بين الحنكة والضمير، بين فقه القانون وروح العدالة. هي المهنة التي تدافع عن الحق لا عن الأشخاص، وتُجسّد العدل لا الانحياز، وتحمي القانون لا المجرمين. وكما قال عبد العزيز باشا فهمي: "ما أعظم المحاماة على مر العصور، وما أبدع وأعظم أن تُبدع وأنت راضٍ عن هذا الخلق والإبداع، وأنت على حق ولم تظلم أو تُظلم". ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار ال 24 ساعة ل أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري ل أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية. تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هنا