في زمن اللامعقول، حيث تبدلت الأدوار كما تتبدل الفصول، لم يعد غريبا أن نسمع قططا تعوي وذئابا تموء، نحن في عصر تبدل الأصوات، ليس لأن الطبيعة قررت أن تغير قوانينها، بل لأن البشر قرروا أن يعبثوا بهوياتهم حتى تلاشت الفروق بين الأصل والتقليد، بين الحقيقة والوهم. في عالمنا اليوم، لم يعد العواء حكرا على الذئاب، ولا المواء خاصا بالقطط، أصبحنا نرى من يمتهن التمثيل في الحياة أكثر من خشبة المسرح، ومن يغير نبرته كما يغير ملابسه، حسب الحاجة والموقف والمصلحة، صار الكاذب يتحدث عن الصدق كواعظ، والخائن ينادي بالإخلاص كزعيم شعبي، والانتهازي يتشدق بالمبادئ وكأنه شيخ جامع.
لطالما عرفت الذئاب بالهيبة والافتراس، ولكن في زمننا، بدأت الذئاب تبتسم، تتصنع اللطف، وتتبنى لغة الضعفاء، لم تعد تعوي في وجه الحياة، بل قررت أن تموء كاستراتيجية للبقاء، تراها في أماكن السلطة والنفوذ، في المؤسسات والشركات، وأحيانا في منازلنا وبين أصدقائنا، إنهم أولئك الذين يتخفون في صورة ودودين ومسالمين، بينما يقتنصون الفرصة الأولى للانقضاض على فريستهم.
عندك السياسي مثلا لم يعد يصرح بمواقفه الحقيقية، بل يتحدث بلغة ناعمة هادئة، تماما كقط منزلي مدلل، حتى يضمن التأييد والقبول، لكنه في لحظة الحقيقة، عندما تحين الفرصة ينزع القناع، ويعود إلى عوائه الحقيقي، يقنع الناس بأنه يريد مصلحتهم، بينما ينهش حقوقهم في الخفاء.
رجل الأعمال، الذي يسوق نفسه كفاعل خير، يقيم المبادرات الخيرية أمام الكاميرات، لكنه في الخفاء لا يتردد في استغلال موظفيه بأجور زهيدة، ورفع الأسعار ليضاعف أرباحه. إنه ذئب، لكنه يموء حتى لا يشعر به أحد.
حتى على المستوى الشخصي، هناك أشخاص يتقنون دور المسالم، يتحدثون بنبرة حنونة، ويبدون اهتماما مصطنعا، لكنهم في الحقيقة يتربصون، ينتظرون اللحظة المناسبة ليحصلوا على ما يريدون، ثم يتلاشون بلا أثر.
على الجانب الآخر من الترعة، هناك قطط قررت أن تعوي، تلك التي تعتقد أن رفع الصوت يمكن أن يمنحها هيبة الذئاب، فتصرخ وتتوعد، لكنها في الحقيقة تفتقد إلى الشراسة الحقيقية. إنها أصوات جوفاء، مجرد ضجيج بلا تأثير.
مثلا، هناك ذلك الموظف الذي يمارس التسلط على زملائه الأضعف، يرفع صوته في الاجتماعات، يتحدث كأنه القائد الأعلى، لكنه عندما يواجه المدير الحقيقي، يتحول إلى قطة يذبحها العريس في ليلة الدخلة، فيخفض صوته..
وهناك أيضا الناشط ياختي عليه الذي يملأ مواقع التواصل الاجتماعي بالشعارات النارية، يتحدث عن الثورة والتمرد، لكنه في الواقع لا يجرؤ حتى على قول رأيه الحقيقي في جلسة عائلية، يعوي كذئب شرس أمام الشاشات، لكنه مواء خافت عند أول اختبار حقيقي. حتى في العلاقات العاطفية، ترى من يتظاهر بالقوة والبرود، يصرح بأنه لا يهتم ولا يتأثر، لكنه في الحقيقة هش كهر صغير، ينتظر المورنينج تيكست لترتبفع معنوياته وبنظرة حانية يشعر بالأمان.
السؤال الحقيقي هنا: لماذا فقدت الأصوات ارتباطها بهوياتها؟ لماذا أصبحنا نعيش في عالم تبدو فيه المظاهر عكس الحقائق؟ ربما لأننا نعيش في عصر الصورة لا الجوهر. أصبح المهم كيف يراك الآخرون، لا كيف أنت في حقيقتك، الذئاب أدركت أن العواء قد يخيف الآخرين ويجعلهم متوجسين، فقررت المواء لكسب التعاطف، والقطط أدركت أن المواء لن يمنحها الهيبة، فاختارت العواء كتمويه زائف. الأمر ليس مجرد صدفة، بل هو نظام عالمي جديد، حيث الجميع يتقمص شخصيات ليست له، والجميع يبيع صورته التي تحقق له أعلى ربح اجتماعي. هل من أمل في العودة؟ هل يمكن أن تستعيد الذئاب عواءها الحقيقي، وتعود القطط إلى موائها الطبيعي؟ أم أننا دخلنا في مرحلة اللاعودة، حيث صار التزييف هو القاعدة وليس الاستثناء؟ أسد في البيت.. أرنوب في الشارع البطة التي شربت الفودكا ربما يكون الأمل الوحيد في هؤلاء الذين يرفضون المشاركة في هذه اللعبة، أولئك الذين لا يخجلون من حقيقتهم، الذين يعوون حين يكونون ذئابا، ويموؤون حين يكونون قططا، دون تزييف أو خداع. لكن إلى أن يتحقق ذلك، علينا أن نتوقع المزيد من القطط التي تعوي، والذئاب التي تموء، في مسرح هزلي لا يبدو أنه سينتهي قريبا. ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار ال 24 ساعة ل أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري ل أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية. تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هنا