أعتقد أنه قد آن الأوان لأن نتعلَّمَ من دروسِ الماضي، وندركَ أنه لا كرامةَ لأمةٍ تعتمدُ على المعوناتِ، وأن نبادرَ عن قناعةٍ بالإعلانِ عن رفضِ المعونةِ الأمريكيَّةِ، التي داومت الولاياتُالمتحدةُ على استخدامها كورقةِ ضغطٍ قذرةٍ ل"ليِّ ذراعِ" مصرَ والتأثيرِ على حريةِ قرارِها السياسيِّ. وكعادةِ الرؤساءِ الأمريكيِّينَ منذ خمسينيَّاتِ القرنِ الماضي، عاودَ الرئيسُ الأهوجُ دونالد ترامبَ منذ أيَّامٍ، التلويحَ بقطعِ المعوناتِ الأمريكيَّةِ عن مصرَ، في حالةِ عدمِ رضوخِها لتحقيقِ رغبتِهِ المجنونةِ باستقبالِ اللاجئينَ الفلسطينيِّينَ.. دون إدراكٍ أنَّ دعوتَهُ غيرَ الطبيعيَّةِ لا تُقارَنُ في بشاعتِها بالقيمةِ التافهةِ للمعونةِ، وأنَّ الانصياعَ للرغبةِ الهوجاءِ لن يزيدَ مصرَ إلَّا عارًا أبديًّا، ومنحَ الكيانَ الصهيونيَّ فرصةً تاريخيَّةً للتوسُّعِ، وإجهاضَ قضيَّةِ شعبٍ عادلةٍ.
الواقعُ السياسيُّ يقولُ، إنَّ تهديدَ ترامبَ غيرُ المقبولِ، يستحقُّ صفعةً تُرسِّخُ لحريةِ القرارِ الوطنيِّ المصريِّ من قيدٍ رخيصٍ، داومت واشنطنُ على استخدامِهِ، لليِّ ذراعِ القاهرةِ في العشراتِ من المواقفِ عاليةِ الحساسيَّةِ، وتحديدًا حين بدأها الرئيسُ الأمريكيُّ الأسبقُ أيزنهاورَ في عامِ 1956 لإجبارِ الرئيسِ عبدِ الناصرِ على التراجعِ عن قرارِ تأميمِ قناةِ السويسِ.
تاريخُ المعونةِ العارِ يقولُ إنَّ الرئيسَ كينيدي قرَّرَ في عامِ 1962 استخدامَ تلكَ الورقةِ الرخيصةِ، لإجبارِ عبدِ الناصرِ على العدولِ عن إرسالِ قوَّاتٍ مصريَّةٍ لليمنَ، غيرَ أنَّ الرئيسَ الراحلَ لم يلتفتْ كينيدي كما فعلَها معَ سابقِهِ أيزنهاورَ.. ثمَّ اتبعهُما جونسونُ في السلوكِ ذاتِهِ عامَ 1964، لإرغامِ مصرَ على كبحِ التظاهراتِ التي اندلعتْ بالقاهرةِ متَّهمةً أمريكا بالتورطِ في مقتلِ الزعيمِ الكونغوليِّ لومبوما، إلَّا أنَّ عبدَ الناصرِ ردَّ عليهم في تلكَ المرَّةِ قائلًا: "اللي مش عاجبُهُ سلوكُنا يشرَبْ من البحرِ".
وعقبَ التقاربِ المصريِّ الأمريكيِّ وفي عامِ 1965، وتوقيعِ البلدينِ لاتفاقيَّةٍ تكفلُ معونةً أمريكيَّةً سنويَّةً للقاهرةِ بقيمةِ 65 مليونَ دولارٍ، رأى الرئيسُ عبدُ الناصرِ أنَّ الأمريكانَ يهدفونَ من ورائها لتقييدِ حريةِ مصرَ في تصنيعِ السلاحِ، فقرَّرَ على الفورِ إلغاءَها، ما جعلَ أمريكا تردُّ على الفورِ بإعلانِها وقفَ المعوناتِ، وردَّ عليهم عبدُ الناصرِ حينها قائلًا: "إنَّ الحريةَ التي اشتريناها بدمائِنا لن نبيعَها بالقمحِ أو الأرزِ".
وظلَّت المعوناتُ الأمريكيَّةُ لمصرَ متوقِّفةً حتى عامِ 1974، إلى أن اقترحَ وزيرُ الخارجيَّةِ الأمريكيُّ هنري كيسنجرَ مدَّ مصرَ بشحنةٍ من القمحِ، بعدَ أن تدخَّلَ لرعايةِ اتفاقاتِ التهدئةِ بين مصرَ والكيانِ الصهيونيِّ عقبَ حربِ 1973، وبعدَ توقيعِ اتفاقيَّةِ السلامِ مع الكيانِ الصهيونيِّ عامَ 1979 تحوَّلت المعوناتُ الأمريكيَّةُ لجزءٍ من الضماناتِ الأمريكيَّةِ للاتفاقيَّةِ، وتمَّ إقرارُها كمنحةٍ لا تُرَدُّ منذ عامِ 1982.
وفي عامِ 2016 قرَّرت واشنطنُ تأجيلَ صرفِ 195 مليونَ دولارٍ من المعونةِ، وإلغاءَ 96.7 مليونَ دولارٍ أخرى، تحتَ دعوى تحفُّظِها على أمورٍ تتعلَّقُ بحقوقِ الإنسانِ في مصرَ، أعقبَها قرارٌ من الكونجرسِ في 2017 بتخفيضِ المعونةِ بقيمةِ 300 مليونَ دولارٍ للسببِ ذاتِهِ.. وعادت إدارةُ بايدنَ للتلويحِ بحجبِ 130 مليونَ دولارٍ من المعونةِ لمزاعمَ تتعلَّقُ بحقوقِ الأقليَّاتِ والنِّساءِ، وتمكينِ منظَّماتِ المجتمعِ المدنيِّ في مصرَ.
دعوة الرئيس الأهوج سياسة اللا منطق
يقيني أنَّه آنَ الأوانُ لأن نجعلَ قرارَنا الوطنيَّ خطًّا أحمرَ غيرَ قابلٍ للمساومةِ، ورفضَ معونةِ الذلِّ الأمريكيَّةِ التي لا تعادلُ 1% من الناتجِ القوميِّ المصريِّ، ولا تُقارَنُ ببشاعةِ العارِ الذي يطالبُ به ترامبُ.. وكفى. ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار ال 24 ساعة ل أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري ل أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية. تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هنا