"لابد من حل الأزمة بالتفاوض والحفاظ على الجماعة" هذا هو حال الألسنة داخل جماعة الإخوان المسلمين حاليا حيال الأزمة الراهنة من أجل البقاء على الساحة السياسية والدعوية، قبل أن يدق الصراع بين الإصلاحيين والقطبيين آخر مسمار في نعش الجماعة. ووفقا للمعلومات التي حصلت عليها "فيتو" من مصادر داخل الجماعة فإن عددا من القيادات المحسوبة على التيار الإصلاحي داخل الإخوان بقيادة الدكتور خالد حنفي والدكتور حلمي الجزار - المحبوس حاليا - والدكتور جمال حشمت، يقودون مفاوضات جادة حاليا مع عدد من القيادات التي تركت الجماعة قبل وبعد ثورة 25 يناير، بهدف تكوين جبهة قوية تعمل على إعادة بناء الجماعة وفقا لمراحل زمنية تبدأ بالخروج من المأزق الراهن، عن طريق الدخول في مفاوضات مع النظام الحالي لإنهاء الأزمة بأقل الخسائر، وبما يحفظ للجماعة وجودها، تجنبا للدخول في صراع مع الجيش الذي يلقي دعما غير مسبوق من الغالبية الساحقة من الشعب، وفقا لرؤية قطاعات كبيرة داخل جماعة الإخوان المسلمين. وتفيد المعلومات أيضا بأن إعادة بناء الجماعة تشمل أيضا تغيير القيادات الحالية بما فيها مكتب الإرشاد ومجلس شوري الجماعة، ما دفع التيار الإصلاحي - مدعوما من مختار نوح ومحمد حبيب القياديين السابقين في الجماعة - إلى بذل جهود كبيرة في الأيام الماضية مع الدكتور كمال الهلباوي - القيادي الإخوانى السابق - من أجل تولى منصب المرشد العام للجماعة خلفا للدكتور محمد بديع عقب انتهاء الأزمة الأكبر في نظر قيادات الجماعة عبر تاريخها الممتد منذ عام 1928 والى الأن. ويرجع اختيار الهلباوي إلى أنه الوحيد الذي مازال يتمتع بثقة كبيرة لدي قواعد جماعة الإخوان، وفي نفس الوقت يجمع حوله كل الذين خرجوا من الجماعة خلال السنوات الأخيرة. إعادة البناء ستبدأ وفقا لمصادر" فيتو" بتكوين مجموعة من القيادات الإصلاحية في الجماعة بجانب قيادات سابقة أخرى تتولي ملف التفاوض مع النظام لحل الأزمة، بمساعدة شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، في سبيل الوصول إلى عدد من المكاسب تستطيع به هذه المجموعة إقناع جزء كبير من المتواجدين في اعتصامي رابعة والنهضة بترك الميدانين. وكشفت المصادر أيضا عن وجود تنسيق مع عدد من الشخصيات العامة التي لها قبول داخل التيار الإسلامي بهدف دعم هذا التوجه، وأن الأيام المقبلة سوف تشهد بلورة مقترح واضح لحل المشكلة يتبناه شيخ الأزهر وعدد من القيادات الإصلاحية داخل الجماعة بجانب بعض قياداتها السابقة مثل الهلباوي والدكتور حبيب. المصادر أكدت أن المؤشرات الأولية داخل قواعد الجماعة تشير إلى رغبة الكثيرين في إنهاء الأزمة بما يحافظ على وجود الجماعة، معتبرين أن الصدام مع الجيش المدعوم من الشعب في هذه المرحلة يمكن أن يقضي عليهم تماما، على عكس إنهاء الأزمة عن طريق التفاوض والذي يمثل فرصة كبيرة لإعادة بناء التنظيم مرة أخرى. ملامح إعادة بناء الجماعة مرة أخرى يعتمد بشكل أساسي على فصل العمل السياسي عن الدعوي تماما - بحسب المصادر - على أن يجري العمل على ضم جميع التيارات الفكرية المتقاربة داخل الجماعة وخارجها في كيان سياسي واحد، يمكن أن ينضم إليه فيما بعد أحزاب الوسط والتيار المصري وكثيرين من أعضاء حزب مصر القوية. كما يجرى في نفس الوقت تغيير شامل وجذري في الخطاب الدعوي الذي كان يتصدره القطبيون في الفترة الأخيرة، على أن يتم الدفع بتلاميذ الشيخ عمر التلمساني إلى قيادة العمل الدعوي وفقا لمنهج الوسطية والاعتدال، وهناك جهود كبيرة تبذل حاليا مع القيادات القطبية لتقبل الفكرة وترك الفرصة لغيرهم، خاصة بعد فشلهم في إدارة الجماعة وانتهاز الفرصة الكبيرة التي لاحت لها عقب ثورة 25 يناير وسقوط حكم مبارك، وبدلا من أن تكون بداية لتحقيق أهداف الجماعة أصبحت السبب في تعرضها لأكبر محنة عبر تاريخها.