تمر حياة الكثير والكثير من البشر وتنتهي بوفاتهم ورحيلهم عن دنياهم وهم يجهلون أسرار الله تعالى في ممالكهم، وحكمة وجودهم في هذه الحياة، ويجهلون أيضا الحكمة الإلهية فيما شرعه سبحانه وتعالى لهم وكلفهم به.. لذا عزمت بعون الله تعالى على كتابة عدة رسائل لشرح أسرار الله عز وجل في مملكة الإنسان. وها هي الرسالة الأولى.. تدور أسرار الله تعالى في مملكة الإنسان الكامنة في الجسد الترابي، والذي هو عبارة عن وعاء خلقه الله تعالى من تراب ويعود بعد انتهاء أجل صاحبه إليها.. يقول سبحانه "مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَىٰ". وتدورحول أربع هي النفس والعقل والقلب والروح.
ولنتحدث بإيجاز عن هذه الرباعية المليئة بالأسرار الإلهية حتى نتعرف على حقيقة أنفسنا ومن نحن، ولنبدأ بالحديث عن القلب. فالقلب هو محل نفخة الرحمن في جسد الإنسان المشار إليها باللطيفة النورانية التي تحمل سر الحياة في الإنسان. وهو محل الاعتقاد والإيمان. القلب ومكانته يقول عليه وعلى آله الصلاة والسلام في تعريفة لمحل الإيمان أن الإيمان ما وقر في القلب وصدقه العمل. والقلب محل النية والتي هي الأصل في الأعمال حيث أشار الرسول الكريم صلى الله عليه وعلى آله وسلم "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل إمرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو إمرأة ينكحها فعلى ما هاجر عليه".
والنية ما وقر في القلب وصدقه العمل. والقلب محل العقل النوراني الذي يدرك ما يعجز عنه العقل المعقول المركب في الرؤوس ويبصر ما لا تبصره أعين الرؤوس. ولقد أشار الله عز وجل إلى ذلك في تعجبه ممن شاهدوا آياته تعالى في الكون وشاهدوا طلاقة قدرته وعظيم إبداعه وكفروا به سبحانه وأنكروا وجوده سبحانه.
أشار بقوله تعالى "أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا ۖ فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَٰكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ". وفي موطن آخر يقول سبحانه وتعالى محدثا عن أهل الكفر أعمياء القلوب والبصائر "وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ ۚ بَل لَّعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلًا مَّا يُؤْمِنُونَ"..
ويقول أيضا سبحانه مشيرا إلى ندمهم وحسرتهم في الآخرة "وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ". ويقول أيضا سبحانه مشيرا إلى طمس قلوب أهل الكفر والجحود والإنكار "فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا ۖ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ". و
يقول عز وجل متعجبا ممن قرأ القرآن وهو كلام الله وخطابه ووحيه ورسالته إلى خلقه ولم يتدبر معانيه مشيرا إلى قلوبهم المعقولة بعقال العمى والجهل يقول سبحانه "أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا".
لعلمه الذين يستنبطونه منهم الاحتفال بالأم ليس بدعة
هذا ولقد أشار الرسول الكريم صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلى القلب في أحاديث كثيرة منها قوله "ألا إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب". هذا والقلب موضع النظر من الله ومحل التجلي حيث يقول عليه الصلاة والسلام "إن الله لا ينظر إلى صوركم وأجسادكم وإنما ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم. وأشار إلى قلبه وقال "التقوي هاهنا". قالها ثلاث.
