صدرت دراسة حديثة بعنوان " تحليلى إكلينيكى لفوبيا مناهضة الحكومة"، والتى أجراها باحث أمريكى يدعى آيفور تاور ونشرت فى العدد ال10 من مجلة كلينيكال سيكاترى.. وتناولت الدراسة تحليل نفسى للخوف العميق الذي ينتاب الجماهير من الحكومة ورجالها، والذى اعتبرته بمثابة مرض عقلى لابد من إيداع المصابين به فى المصحة العقلية، وأطلقوا عليه اسم " فوبيا مناهضة الحكومة" أو كما تسمى بالإنجليزية Anti-Government Phobia (AGP) . وترتبط الدراسة بالفصام البارانويدى فى الطب النفسى، وتتضمن أعراضه الشك الزائد، الإعتقاد فى وجود تفكير تآمرى لدى الحكومة ضد المواطنين، ونمط تفكير يتضمن ضلالات وافكار غريبة، وتبنى اتجاه قوى يتضمن فكرة أن رجال الحكومة "أعداؤنا" أو كما يقول عنها الباحث " نحن ضدهم"، والانسحاب من الواقع، وغالبا ما يكون ذلك مصحوبا بشكل من أشكال التعصب الدينى. وتبدأ الأعراض غالبًا بشكل فورى إثر العمل فى بعض الوكالات أو المؤسسات الحكومية أو التعرض لحملات إعلانية قوية مناهضة للحكومة، ويغرق المريض فى متاهات نظرية المؤامرة، ويبدأ فى الانسحاب ببطء وتدريجيا من الواقع، ويحدث التدهور العقلى بشكل تدريجى بشكل لا يشعر به المريض. ويتنامى هذا التفكير إلى أن يصل المريض لتبنى فكرا " عدائيا" غير منطقيا ضد الحكومة، على سبيل المثال فى النسق العقلى المشوه للمريض نجده اذا قامت الحكومة بمصادرة بعض الأسلحة يفترض أن هذه الخطوة لمصادرة جميع الأسلحة من أفراد الشعب حتى تتهيأ الحكومة بشن حرب على شعبها، وفى بعض الحالات المزمنة يقوم المريض بتخزين الأسلحة والمؤن والاستعداد ليوم النصر فى الحرب على الحكومة. وتعليقا على الدراسة أكدت عزة أحمد هاشم، الكاتبة والباحثة فى علم النفس السياسى، أنها واحدة من دراسات التي أجريت لتوظيف العلم كأداة للسيطرة على الشعوب، وربما كان هذا سبيلًا متقدمًا لفرض السيطرة وتكميم الأفواه، وتكمن خطورتها فى إمكانية توظيفها ضد المعارضة توظيفا تعسفيا، فيتحول المعارض إلى مجرد شخص مريض عقليا وفى حاجة إلى علاج، ففى الثقافات الأوروبية والأمريكية لا يصدق الناس إلا لغة العلم، ولذلك تحدقهم الحكومة بلغة العلم، وبلغة العلم قد تجد تبريرًا لكل تجاوزاتها فى حقوق المواطنين. وأضافت "الباحثة النفسية": إذا كان سلاح الأنظمة العربية " التكفير" لأننا كمصريين وكعرب عموما لا نصدق العلم بقدر تصديقنا للدين، لأنه إيمان مطلق لدينا يتحول المعارض إلى " كافر"، أما فى أوروبا فمثلما يستخدمون العلم لتطبيق الديمقراطية والتقدم، فهم يستخدمونه أيضًا كأداة لتبرير الاستبداد ووصم المعرضين بوصمة علمية، فالمعارضين فى أوروبا وأمريكا ما هم فى النهاية الا عصبة من المجانين الذين يحتاجون إلى علاج. الدراسة خطيرة للغاية وأثارت جدلًا فى الولاياتالمتحدةالأمريكية لأنها بداية على طريق استخدام العلم للدفاع عن الحكومة والهجوم على معارضيها. والخلاصة لكى تكون سويا وصحيا نفسيا وأن تنأى بنفسك عن وصمة المرض العقلى عليك أن تكون محبًا ومؤيدًا للحكومة، هذا هو ما يحدث فى دولة يفترض أنها أكثر الدول ديمقراطية..