مطلوب وزراء جراحين لإنقاذ مصر الأمن القومي المصري لا يقبل "الهزار" الببلاوى لديه فرصة جيدة للنجاح شرط تهيئة الظروف مع استمرار تعقيدات المشهد السياسي في مصر تظل هناك العديد من القضايا الجدلية التي تفسر ما حدث وتتوقع ما سيحدث، وفي هذا الإطار حاورت "فيتو" الدكتور عبد المنعم سعيد - رئيس مجلس إدارة جريدة "المصري اليوم"، الرئيس الأسبق لمؤسسة الأهرام - لقراءة المشهد الحالي... -كيف يمكن التعامل مع تيارات الإسلام السياسي في الفترة القادمة؟ يكون ذلك عن طريق أمرين، هما: "الحكمة" و"الحسم"، بحيث تكون "الحكمة" في التعامل معهم كجزء من التيار السياسي في هذا البلد، خصوصا أن هؤلاء كانت حولهم العديد من الأساطير التي اختبرت بعد أن وصلوا إلى الحكم في العام الماضي، وأصبح الشعب على وعي بأفعالهم وطريقة تفكيرهم، ولا يمكننا إنكار أن تيار الإسلام السياسي يمتلك سلاحا مؤثرا في نفوس قطاع عريض من المصريين وهو سلاح الدين. الأمر الثاني وهو "الحسم" ويتم بالتعامل معهم وفقا لأن الأمن المصري "خط أحمر" لا يقبل "الهزار". ولكن في الفترة الأخيرة ظهرت العديد من الدعوات التي تطالب بإقصاء هذه التيارات، فما تعليقك؟ دمج هذه التيارات في الحياة السياسية سيكون إضافة، لأنه قد يؤدي إلى مكاسب للجميع، ولهذا فأعتقد في ضرورة الاتجاه بأقصي سرعة نحو الانتخابات المراقبة دوليا، بينما إقصاء هذه التيارات لن يؤدي إلى أي فائدة، وطالما كانت هذه الجماعات خاضعة للقوانين التي تخضع لها كافة القوى السياسية الأخرى فلا مشكلة في ذلك، بينما وجود جماعات سرية لا يعرف مصادر تمويلها ونظامها الداخلي وعلاقاتها الخارجية فهذا هو الخطر بعينه. وهل تعتقد أن هناك احتمالية لعودة مرسي إلى الحكم؟ مرسي من الممكن أن يعود إلى الحياة السياسية بعد فترة إذا حدث توافق بين جميع الأطراف، ولكن عودته حاليا كرئيس للجمهورية هو أمر غير ممكن، ومجرد "أضغاث أحلام" من أتباع تيار الإسلام السياسي، لأن الشعب خرج إلى الميادين وأسقطه بالفعل. -وماذا سيكون مصير التنظيم الدولي للإخوان المسلمين؟ سيظل كما هو، رغم أن هذا التنظيم وجهت له ضربتان قويتان هما ما حدث في تركيا من احتجاج أظهر أن بعض أمور السلطة لا تتوافق مع مطالب الجماهير، والضربة الثانية كانت في مصر بعد إسقاط مرسي، وأعتقد أن هذا التنظيم سيعمل في الفترة القادمة على مراجعة أوضاعه، لأن ما حدث له في الفترة الماضية سيؤثر على أوضاع التنظيم في عدد من الدول كسوريا وتونس والمغرب والأردن والكويت والدول التي تسمح للإخوان بمشاركة أنشطتها. -هل تعتقد أنه يمكن تنفيذ خارطة الطريق التي وضعها المجلس الأعلي للقوات المسلحة في ظل هذه الحالة من الاستقطاب؟ على الرغم من ملاحظاتي على الإعلان الدستوري، إلا أنني -وبشكل عام- أؤيد الانتقال بشكل سريع من الحكم المؤقت إلى الحكم الدائم، لأن ذلك يؤدي إلى استقرار البلاد، ويمكننا من النظر في إمكانية تعديل المسار إذا لزم الأمر، خاصة وأن المرحلة الانتقالية الطويلة تؤدي إلى مزيد من الإشكاليات والتشكيك. -هل تشكيل الحكومة الجديد هو الطريق لحل الأزمة الحالية؟ لا اعتقد أن أي حكومة في العالم لديها القدرة على تهدئة الأوضاع إلا بعد فترة من العمل تمكنها من تنفيذ برنامج يقضي على أسباب الاحتقان، وبالتالي فلابد من إعطاء الحكومة الفرصة للعمل حتى لا تتعرض للضغوط التي تعرضت لها الحكومات المتعاقبة في الفترة السابقة، خاصة وأننا أمام وضع اقتصادي متدهور، وتراجع مستوى التنمية الذي انخفض إلى 2% بعد أن كان يتراوح من 5 إلى 7% على الرغم من الزيادة في معدلات السكان. -هل تتوقع نجاح الدكتور حازم الببلاوي في إدارة الحكومة في الفترة القادمة؟ كنت أعتقد أن البرادعي هو رجل المرحلة، إلا أن الببلاوي أيضا شخصية محترمة له باع طويل في الاقتصاد، كما أن لديه فرصة معقولة للنجاح إذا ما توافرت له ظروف العمل المناسبة. -وهل تؤيد تواجد عناصر من الإخوان المسلمين أو الجماعة الإسلامية بين صفوف هذه الحكومة؟ إذا حدث ذلك فستكون الحكومة مجرد تجمع لعدد من ممثلي الأحزاب السياسية، أي سيكون لدينا "برلمان مصغر"، وستكون الحكومة خاضعة للابتزاز، مما يعرضها للفشل والسقوط في أسرع وقت، ولكن بشكل عام أعتقد أن الحكومة الجديدة يجب أن تكون حكومة كفاءات، بغض النظر عن الخلفية السياسية لأعضائها الذين يجب أن يتعاملوا وكأنهم "جراحين" أمام مريض، فالجميع يشبهون مصر الآن بأنها رجل الشرق الأوسط المريض. -كيف تقيم دور الحركات الشبابية والقوى الثورية في مرحلة ما بعد 30 يونيو؟ هذه الحركات كان لها إيجابيات وسلبيات، وسلبياتها تمثلت في أنها لم تعترف ببعض أخطائها السابقة، أما إيجابياتها فأنها كانت قوى الحياة التي أثبتت أن لها قدرة على تعبئة المجتمع في اتجاهات صحيحة في بعض الأحيان، وبشكل عام فقد آن الأوان أن تدرك هذه الحركات حدودها، بمعني أن يدركوا أنهم الطليعة التي تسبق الشعب المصري، كما يجب عليهم معرفة أن الشعب متنوع الاتجاهات، وأن المجتمع المصري معقد بصورة أكبر من مجرد تظاهرة تملأ الميادين. -على المستوى الدولي، كيف تقيم ردود الأفعال بشأن ثورة 30 يونيو؟ ردود الأفعال الدولية كانت بصفة عامة معترضة على الإطاحة بمرسي، إلا أن دول العالم تدريجيا سوف تتقبل إرادة الشعب في أن التغيير حدث بالفعل، وخاصة أن مصر دولة كبرى، لا يمكن قطع العلاقات معها بسهولة، وبشكل عام فإن كل دول العالم اندهشت من المصريين، فهذا الشعب الذي عرف عنه أنه مسالم قام بثورة أسقط فيها نظام متشعب وقوي، بثورة عرف عنها أنها "تقدمية"، في حين أنه بشكل مفاجئ اختار رئيس جمهورية منتميا لجماعة الإخوان المسلمين، والتي عرف عنها أنها "رجعية" تنتمي لأفكار قرون مضت، وفي مفاجأة أخرى يطيح الشعب في ثورة شعبية به وجماعته التي يعرف عنها التنظيم والتمويل وأنها قائمة على السمع والطاعة. -هل تعتقد أن الولاياتالمتحدة قد تلجأ إلى القيام بأي أمر من شأنه إعاقة المرحلة الانتقالية؟ أنا من الجيل الذي يؤمن بأن الولاياتالمتحدة ليس بيدها أي شيء تواجه به مصر، لأنني لا أثق في قدرة الإدارة الأمريكية على التعامل مع الموقف الجماهيري المصري الذي يتسم بالتعقيد، فنحن حينما أردنا إسقاط مبارك اسقطناه في 18 يوما، وكذلك أسقطنا مرسي، وكلاهما كان ولاؤهما للولايات المتحدة، وبشكل عام فان الأمريكان يلحقون بالموضوع الذي يفعله المصريون، وأعتقد أن دورهم ضعيف، إذا كان لهم دور من الأساس. -وماذا عن مستقبل العلاقات المصرية مع الدول الإقليمية كتركيا وإيران، التي شهدت بعض التقدم في عهد مرسي؟ الحقيقة أن سياسات مصر تجاه هذه الدول لم تتغير في عهد مرسي عن عهد مبارك، فلم تعد العلاقات الدبلوماسية مع إيران أثناء حكم مرسي كما كان الحال مع مبارك ،الذي استقبل الرئيس الإيراني محمد خاتمي كما فعل مرسي مع نجاد ،لأن العلاقات في العهدين كانت تتسم بالصدام في بعض الأوقات، وفي البعض الآخر كانت ناعمة، وكذلك الحال مع تركيا، التي لم تكن علاقاتها بمصر حميمية و"سمن على عسل" في حكم مرسي، وبالتالي فشكل العلاقة لم تختلف عما كانت عليه أيام مبارك ،فهذه العلاقات كانت تصعد وتهبط ولكنها لم تصل إلى حد التحالف، كما لم تصل إلى التدهور. -وكيف تقرأ ردود الأفعال العربية تجاه ما حدث في مصر في 30 يونيو؟ جزء كبير من الدول العربية وبخاصة دول الخليج نظرت إلى الأمر بنظرة ايجابية، لأن هذه الدول-بشكل عام- ليست مع الثورة، كما أنهم أخذوا على الجماعة أنهم مرحلة ثورية في تاريخ مصر، في حين أن بعض الدول استاءت مما حدث كتونس، فالعديد من الدول اعتبرت أن مرسي كان حائط صد أمام مساعداتهم لمصر، بدليل المساعدات التي ظهرت بعد سقوطه، بما يؤكد رغبة هذه الدول في تقديم المساعدة، إلا أن الإخوان بمواقفهم وتنظيمهم في هذه الدول منعوا هذه المساعدات.