محافظ القاهرة: نصر 6 أكتوبر سيظل علامة مضيئة في تاريخ الوطن    منال عوض: مصر تولي اهتمامًا متزايدًا للاقتصاد الأزرق وتعزيز التعاون الإقليمي لحماية البحار    9 آلاف طن.. انطلاق قافلة زاد العزة إلى قطاع غزة    أسطورة ليفربول يهاجم صلاح بعنف: "لم يعد يتحمل المسؤولية.. وكأنه نسي كيف يلعب"    سيراميكا كليوباترا: لم نمنع القندوسي من الانتقال للزمالك.. واللاعب خارج حساباتنا    السكة الحديد تعلن عن طرق جديدة لحجز التذاكر ووسائل دفع متنوعة للتيسير على الركاب    الأرصاد: طقس حار نهارًا مائل للبرودة ليلًا وتحذير من شبورة كثيفة صباحًا    القاتل الصغير أمام العدالة.. والDNA كلمة الحسم في أبشع جريمة تشهدها الإسماعيلية    ليلى فاروق تنعى والدة طليقها أمير عيد    ليلى علوي تسرق الأضواء بكلماتها المؤثرة عن يسرا في الجونة    هشام جمال يكشف تفاصيل لأول مرة عن زواجه من ليلى زاهر    جامعة الفيوم تقدم العرض المسرحي"ليه لا " لمناهضة العنف ضد المرأة    خلال اجتماع اليوم .. رئيس الوزراء يتابع جهود تعظيم الاستفادة سياحيًا من مسار العائلة المقدسة    هيئة الدواء تحذر من "المرض الصامت": هشاشة العظام تهددك دون أعراض واضحة    لا تهاجموا صلاح.. انظروا ماذا يفعل مدرب ليفربول    طلب عاجل من توروب في الاهلي    حزن وبكاء خلال تشييع جثمان مدرب حراس المرمى بنادى الرباط ببورسعيد.. صور    الذكاء الاصطناعي أم الضمير.. من يحكم العالم؟    مركزان ثقافيان وجامعة.. اتفاق مصري - كوري على تعزيز التعاون في التعليم العالي    قرار وزارى بإعادة تنظيم التقويم التربوى لمرحلة الشهادة الإعدادية    تشغيل 6 أتوبيسات جديدة غرب الإسكندرية لتيسير حركة المرور    ياسر الزابيري بطل كأس العالم للشباب مرشح للانتقال إلى أتلتيكو مدريد    ليست الأولى.. تسلسل زمني ل محاولة اغتيال ترامب (لماذا تتكرر؟)    بعد تهنئة إسرائيل له.. من هو الرئيس البوليفي الجديد رودريغو باز؟    الأمين العام الجديد للشيوخ يجتمع بالعاملين لبحث أليات العمل    بروفة ريهام عبد الحكيم على أنغام الموجي استعدادًا لمهرجان الموسيقى العربية    "بين ثنايا الحقيقة" على مسرح السامر ضمن ملتقى شباب المخرجين    محافظ البحيرة ورئيس جامعة دمنهور يستقبلان طلاب الجامعة الأهلية    مدبولي: الحكومة تعمل على مواصلة تكثيف الجهود لتعزيز قدرات الدولة في مجال زيادة الاستثمارات في مراكز البيانات    «العمل»: التفتيش على 1730 منشأة بالمحافظات خلال 19 يومًا    وزير الخارجية: نقدر جهود الدكتور مجدي يعقوب في تسخير العلم والخبرة لخدمة الفئات الأكثر احتياجا داخل مصر وخارجها    مجلس إدارة راية لخدمات مراكز الاتصالات يرفض عرض استحواذ راية القابضة لتدني قيمته    اغلاق مزلقان التوفيقية في سمالوط بالمنيا لمدة يومين للصيانة    احمي نفسك بهذه الخطوات.. لماذا يقع برج السرطان ضحية للتلاعب؟    طارق العشري: زعلت على نفسي بعد رحيلي من فاركو    وزير الصحة يترأس الاجتماع الدوري للجنة التنسيقية لمنظومة التأمين الصحي الشامل    لعظام أقوى.. تعرف على أهم الأطعمة والمشروبات التي تقيك من هشاشة العظام    وزير الصحة يطلق جائزة مصر للتميز الحكومي للقطاع الصحي    «نقابة العاملين»: المجلس القومي للأجور مطالب بمراجعة الحد الأدنى كل 6 أشهر    المنظمات الأهلية الفلسطينية: الوضع كارثي والاحتلال يعرقل إدخال المساعدات لغزة    اتصالان هاتفيان لوزير الخارجية مع وزيري خارجية فرنسا والدنمارك    طالب يطعن زميله باله حادة فى أسيوط والمباحث تلقى القبض عليه    علي هامش مهرجان الجونة .. إلهام شاهين تحتفل بمرور 50 عامًا على مشوار يسرا الفني .. صور    تأجيل محاكمة 3 متهمين بالتنظيم الثلاثي المسلح لسماع أقوال شاهد الإثبات الأول    باكستان: الهدف الأساسى من اتفاق وقف إطلاق النار مع أفغانستان القضاء على الإرهاب    موانئ البحر الأحمر: تصدير 49 الف طن فوسفات عبر ميناء سفاجا    الرئيس السيسي يوجه بمواصلة جهود تحسين أحوال الأئمة والخطباء والدعاة    سعر الأرز الأبيض والشعير للمستهلك اليوم الإثنين 20اكتوبر 2025 فى المنيا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 20-10-2025 في محافظة الأقصر    روح الفريق بين الانهيار والانتصار    ضبط 3 أشخاص بالمنيا تخصصوا في النصب على أصحاب البطاقات الائتمانية    تقارير: اتحاد جدة ينهي تجديد عقد نجم الفريق    التنظيم والإدارة يعلن عن مسابقة لشغل 330 وظيفة مهندس بوزارة الموارد المائية    دار الإفتاء توضح حكم تصفح الهاتف أثناء خطبة الجمعة    نحافة مقلقة أم رشاقة زائدة؟.. الجدل يشتعل حول إطلالات هدى المفتي وتارا عماد في مهرجان الجونة    صححوا مفاهيم أبنائكم عن أن حب الوطن فرض    د. أمل قنديل تكتب: السلوكيات والوعي الثقافي    سهام فودة تكتب: اللعب بالنار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كنت عاقا لأبي في شبابي وأدركت خطأ ذلك.. فكيف أبره بعد وفاته وهل ينفعني هذا؟
نشر في فيتو يوم 23 - 05 - 2021

ورد سؤال إلى دار الإفتاء يقول فيه صاحبه "كنت عاقًّا لأبي في شبابي، ولم أشعر بقيمته إلا بعد وفاته، وبعد أن رزقني الله نعمة الأولاد؛ كيف أبر والدي بعد وفاته؟ وهل ينفعني هذا؟"، ومن جانبه أجاب الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية على هذا السؤال كالتالي:
جاء الإسلام لإرساءِ كل فضيلة، ودحْضِ كلِّ رذيلة، ومن الفضائلِ التي أرساها الإسلام برُّ الوالدين، فالوالدانِ سببٌ في وجود ولدهما، وهما أصل أصيل في إكسابه كل مكرمة من دين وخلق جميل؛ فأوجب اللهُ تعالى ورسولُهُ صلى الله عليه وآله وسلم بِرَّ الوالدين والإحسان إليهما في مواضعَ كثيرة؛ منها قوله تعالى: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا ۞ وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا﴾ [الإسراء: 23، 24]، بل وقَرَنَ ذلك بعبادته، وقرن عقوقهما بالشرك به سبحانه
بر الوالدين
قال تعالى: ﴿وَاعْبُدُوا اللهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾ [النساء: 36]، وقَرَن الشكرَ لهما بشكره سبحانه وتعالى بقوله: ﴿أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْك﴾ [لقمان: 14]، وأكد ذلك كلَّه حتى في حال أمرهما لولدهما بالشرك؛ قال تعالى: ﴿وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا﴾ [لقمان: 15]، ولَمَّا امتدح اللهُ تعالى سيدَنا يحيى عليه السلام قال: ﴿وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا﴾ [مريم: 14].
وأخرج الإمام مُسلم في "صحيحه" عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «رَغِمَ أنْفُ، ثُمَّ رَغِمَ أنْفُ، ثُمَّ رَغِمَ أنْفُ، قيلَ: مَنْ يا رَسولَ اللهِ؟ قالَ: مَن أدْرَكَ أبَوَيْهِ عِنْدَ الكِبَرِ أحَدَهُما أوْ كِلَيْهِمَا، فَلَمْ يَدْخُلِ الجَنَّةَ».
حكم بر الوالدين
فبرُّ الوالدين فرضُ عينٍ؛ فهو عبادةٌ لا تقبل النيابة؛ قال العلَّامة برهانُ الدين بنُ مازه البخاري الحنفي في "المحيط البرهاني في الفقه النعماني" (5/ 386، ط. دار الكتب العلمية): [وطاعةُ الوالدين وبِرُّهُما فرضٌ خاصٌّ لا يَنُوبُ البعضُ فيه عن البعض] اه. بخلاف رعايتهما؛ فإنها فرضُ كفايةٍ.
وقد أمر الإسلام بطاعة الوالدين إلا في معصية الله؛ قال تعالى: ﴿وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا﴾ [لقمان: 15]، فمفهوم المخالفة لهذه الآية وجوب طاعتهما إن لم يأمرا ولدهما بمعصية.
وقد نهى الله تعالى عن عقوق الوالدين، وجعل عواقبه شديدةً ووخيمةً؛ ففيه عقوبة في الدُّنيا قبل الآخرة؛ فعن أنس بن مالك رضي الله عنه، أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم قال: «بابانِ مُعجَّلانِ عُقوبتُهما في الدنيا: البَغْيُ، والعقُوقُ» رواه الحاكم في "المستدرك".
كما أن عقوق الوالدين مانعٌ من دخول الجنَّة؛ روى النسائي عن ابن عمر رضي الله عنهما، أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم قال: «ثلاثةٌ لا ينظرُ اللهُ عزَّ وجلَّ إليهم يومَ القيامةِ: العاقُّ لوالِدَيهِ، والمرأةُ المترجِّلةُ، والدَّيُّوثُ، وَثَلَاثَةٌ لَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ: الْعَاقُّ لِوَالِدَيْهِ، وَالْمُدْمِنُ عَلَى الْخَمْرِ، وَالْمَنَّانُ بِمَا أَعْطَى».
وقد بيَّن العلماء أن العقوق هو كلُّ ما يؤذي الوالدين أو أحدهما غير معصية الله تعالى؛ قال العلامة ابن حجر الهيتمي في "الزواجر عن اقتراف الكبائر" (2/ 115، ط. دار الفكر): [والوجه الذي دلَّ عليه كلامهم أن ذلك كبيرة كما يعلم من ضابط العقوق الذي هو كبيرة، وهو أن يحصل منه لهما أو لأحدهما إيذاء ليس بالهين؛ أي عرفًا] اه.
فضل بر الوالدين
وقال الإمام ابن حجر العسقلاني في "فتح الباري شرح صحيح البخاري" (10/ 406، ط. دار المعرفة، بيروت): [والعقوق -بضم العين المهملة- مشتقٌّ من العق؛ وهو القطع، والمراد به صدور ما يتأذَّى به الوالد من ولده من قولٍ أو فعلٍ إلا في شرك أو معصية ما لم يتعنت الوالد، وضبطه ابن عطية بوجوب طاعتهما في المباحات فعلًا وتركًا، واستحبابها في المندوبات وفروض الكفاية كذلك] اه.
وقال العلامة المناوي في "التيسير بشرح الجامع الصغير" (1/ 251، ط. مكتبة الإمام الشافعي، الرياض): [والعقوق ما يتأذى به من قول أو فعل غير محرم ما لم يتعنت الأصل] اه.
والأمر بالبر في آيات القرآن الكريم لا يحصر برهما في حال دون حال، ولا في زمان دون آخر، فيجب على الولد أن يبر والديه حال حياتهما، وإن فاته ذلك في حياتهما فلا أقل من أن يبرهما بعد وفاتهما؛ روى أبو داود في "سننه" عن أبي أسيد مالك بن ربيعة الساعدي رضي الله عنه قال: بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، إذ جاءه رجل من بني سلمة فقال: يا رسول الله، هل بقي عليَّ من بر أبويَّ شيءٌ أبرهما به بعد موتهما؟ قال: «نَعَمْ؛ الصَّلَاةُ عَلَيْهِمَا، وَالِاسْتِغْفَارُ لَهُمَا، وَإِنْفَاذُ عَهْدِهِمَا مِنْ بَعْدِهِمَا، وَصِلَةُ الرَّحِمِ الَّتِي لَا تُوصَلُ إِلَّا بِهِمَا، وَإِكْرَامُ صَدِيقِهِمَا».
فعلى من تُوفي والداه أن يكثر من الدعاء والاستغفار لهما؛ قال تعالى: ﴿وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا﴾ [الإسراء: 24]. وفي الحديث الذي رواه الإمام مسلم في "صحيحه" أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَة..» وذكر منها: «وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ».
وفي الحديث الذي رواه الإمام البخاري في "الأدب المفرد" عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "ترْفَع للميت بعد موته درجة، فيقول: أي رب، أي شيء هذه؟ فيقال: ولدك استغفر لك".
إذا أوصى الوالدان أو أحدهما بشيء، أو عَهِدَا عهدًا، فمن البر تنفيذ الوصية، والوفاء بالعهد، ومن البر أيضًا صلة رحمهما والإحسان إليهم.
بر الوالدين بعد الوفاة
ومن برهما أيضًا: إكرام صديقهما ومواساته إذا كان فقيرًا، وتعهده بالسؤال وإن لم يكن فقيرًا؛ ففي الحديث الذي رواه الإمام مسلم في "صحيحه" عن ابن عمر رضي الله عنهما: أنه كان إذا خرج إلى مكة، كان له حمار يتروَّحُ عليه إذا ملَّ ركوب الراحلة، وعمامة يشد بها رأسه، فبينما هو يومًا على ذلك الحمار، إذ مَرَّ به أعرابي، فقال: ألست ابنَ فلان؟! قال: بلى، فأعطاه الحمار، فقال: اركب هذا، والعمامةَ، وقال: اشدُد بها رأسك، فقال له بعض أصحابه: غفر الله لك، أعطيتَ هذا الأعرابيَّ حمارًا كنت تَرَوَّحُ عليه، وعمامةً كنت تَشُدُّ بها رأسك؟! فقال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «إن من أبَرِّ البِرِّ صِلَةَ الرجل أهلَ وُدِّ أبيه بعد أن يُوَلِّي»، وإن أباه كان وُدًّا لعمر.
صور بر الوالدين
ومن بر الوالدين كذلك أن يتصدق ويهب ثواب الصدقة لهما، لا سيما إذا كانت صدقة جارية؛ فإن ذلك يصل إليهما؛ روى الإمام البخاري في "صحيحه" عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: أن رجلًا قال للنبي صلى الله عليه وآله وسلم: إن أمي تُوُفيَتْ، أينفعها إن تصدَّقتُ عنها؟ قال: «نَعَمْ»، قال: فإن لي مَخْرَفًا، فأنا أشهدك أني قد تصدقت به عنها.
وروى الإمام مسلم في "صحيحه" عن السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، أن رجلًا قال: إن أمي افْتُلِتت نفسها ولم توصِ، وأظنُّها لو تكلَّمتْ تصدَّقتْ، فهل لها أجْرٌ إن تصدقت عنها ولي أجر؟ قال: «نَعَمْ».
وروى كذلك عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رجلًا قال للنبي صلى الله عليه وآله وسلم: إن أبي مات وترك مالًا ولم يُوصِ، فهل يكفر عنه أن أتصدق عنه؟ قال: «نَعَمْ».
ومن البر بالوالدين بعد موتهما أيضًا: قضاء صوم النذر أو الكفارة عنهما؛ فقد روى الشيخان عن عائشة رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ».
وكذلك زيارة قبرهما؛ فعن ابن بريدة عن أبيه رضي الله عنه، أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ، فَزُورُوهَا، فَإِنَّ فِي زِيَارَتِهَا تَذْكِرَةً» رواه أبو داود والبيهقي في "سننهما".
وأيضًا قراءة القرآن لهما، والأحاديث في ذلك صحيحة صريحة؛ روى عبد الرحمن بن العلاء بن اللَّجْلَاجِ عن أبيه قال: قال لي أبي -اللَّجْلَاجُ أبو خالد–: "يا بُنَيَّ، إذا أنا متُّ فأَلْحِدْني، فإذا وضَعْتَني في لَحدي فقل: باسم الله، وعلى مِلَّة رسول الله، ثم سُنَّ عليَّ التراب سنًّا (أي ضَعْه وضعًا سهلًا)، ثم اقرأ عند رأسي بفاتحة البقرة وخاتمتها؛ فإني سَمِعْتُ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقولُ ذلك" أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير"، قال الهيثمي: ورجاله موثوقون.
وقد رُوي هذا الحديث موقوفًا على ابن عمر رضي الله عنهما؛ كما أخرجه الخلَّال في جزء "القراءة على القبور"، والبيهقي في "السنن الكبرى" وغيرهما، وحَسَّنه النووي، وابن حجر.
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «إِذَا مَاتَ أَحَدُكُمْ فَلَا تَحْبِسُوهُ، وَأَسْرِعُوا بِهِ إِلَى قَبْرِهِ، وَلْيُقْرَأْ عِنْدَ رَأْسِهِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ، وَعِنْدَ رِجْلَيْهِ بِخَاتِمَةِ الْبَقَرَةِ فِي قَبْرِهِ» أخرجه الطبراني والبيهقي في "شعب الإيمان"، وإسناده حسنٌ كما قال الحافظ في "الفتح"، وفي رواية «بِفَاتِحَةِ الْبَقَرَةِ» بدلًا من «فَاتِحَةِ الْكِتَابِ».
وبناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فعلى السائل أن يتوبَ إلى الله تعالى، ويندم على ما فعل، ويكثر من الاستغفار، والدعاء لوالده بالرحمة والعفو والمغفرة، وأن يكثر من زيارته في قبره والصدقة عنه، وأن يقرأ القرآن الكريم أو شيئًا منه ويهب ثوابه له، ويصل أقاربه وأصدقاءه؛ لعلَّ الله تعالى أن يخفف عنه بذلك ما سبق من عقوق لوالده.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.