كنت قد ذكرت لكم، خلال الحلقتين السابقتين، كيف أن الرئيس مرسي قد أرسل في طلبي بعض حراساته الخاصة، وهم ثلاث دبابات بشرية، وكيف داهموا شقتي و"سحبوني" إلى قصر الرئاسة دون "إحم ولا دستور"، وكيف أخذ مرسي يعتذر عن الطريقة التي أحضرني بها للقصر وتأكيده لي أنه يريدني في أمر مهم، وكيف أخذت ألح عليه في معرفة هذا الأمر، لكن دون فائدة، وكعادة الرئيس لم يُفهمني أي شيء أو بالأحرى لم أفهم أنا منه أي شيء طيلة سبع ساعات.. كنت قد أصبت خلالها بحالة إغماء مرتين خلال اللقاء بسبب محاولتي فهم أي شيء من الرئيس. وأفقت من الإغماءة الثانية على صوت الرئيس يقول لي: شكلك كده مش عايز تنفذ المهمة التي طلبتك من أجلها يا عم أبو طقة! قلت: يا ريس إنت تعبتني زيادة عن اللازم.. أرجوك اتركني أعود لمنزلي لأنني قد أتصرف تصرفات غير لائقة، فلم أفهم منك أي شيء، رغم وجودي معك هنا منذ سبع ساعات، وطوال هذه المدة لا يوجد على لسانك سوى أنك تريدني في مهمة خطيرة ولم تفصح بها حتى الآن! قال: كنت أظنك هارش المسائل وتفهمها وهى طايرة يا عمنا! قلت: طب هي إيه دي اللي أنا أفهمها وهي طايرة؟ قال: المهمة التي أريد منك تنفيذها، ومن أجلها حصلت على مليون أخضر! قلت: كمان حصلت على مليون أخضر.. شوية شوية هتسألني صرفت المليون في إيه.. وممكن تطالبني بيهم لأنني لم أنفذ المهمة.. يا راجل قول عايزني في إيه وخلصني! قال: دا إنت أخدت عليا خالص يا عم أبو طقة.. وتقول لي يا راجل وخلصني! قلت: آسف يا سيدي.. أنت الريس وأنت مولانا وأنت بابا وأنت ماما.. بس قول إيه هي المهمة اللي إنت عايزني فيها أو اتركني أرحل إلى حال سبيلي! قال: شوف يا سيدي ولا سيدك إلا أنا.. إنت بالطبع تعرف ما فعله الشباب من جمع توقيعات على استمارة "تمرد" وكيف أعلنوا أنهم جمعوا ما يقرب من "خمستاشر" مليون توقيع وكيف عادت جبهة الإنقاذ إلى الظهور من جديد على الساحة السياسية بعد فترة غياب عقب ظهور "تمرد" على السطح.. وكيف ينوي الجميع التجمهر بالملايين أمام الاتحادية ويعزلونني ثم يحاكمونني.. وإنت عارف الباقي يا صاحبي! قلت: نعم أعرف كل هذا وأعرف أن أنصارك من الإخوان والسلفيين والجماعات الإسلامية قد أعلنوا عن حركة مضادة اسمها "تجرد"، وما زالت أيضا تجمع التوقيعات وتريد أن تنافس "تمرد" خلال الأيام القليلة القادمة! قال: أديك قلت أيام قليلة يا عمنا.. وعلشان ما نكدبش على بعضنا لن تستطيع تجرد جمع أكثر من أربعة ملايين حتى لو عملوا قرودا للشعب.. إحنا من الآخر رأينا إنك إنت اللي هتحل المشكلة دي قبل يوم 30! قلت: إزاي بقى يا معلم؟! قال: تحميني وتحمي مكتب الإرشاد! قلت: ولماذا لا تطلب من أمريكا حمايتك؟! قال: أمريكا طلبت مني إرسال شباب الإخوان والجهاديين المصريين إلى سوريا لقتال بشار الأسد مقابل حمايتي وبقائي في الحكم.. قلت: عادي يا عمنا وفيها إيه لما تبعت كام شاب من الإسلاميين للجهاد في سوريا؟! قال: إحنا بالفعل دعونا علماء المسلمين وعقدوا مؤتمرا منذ أيام وطالبوا الشباب بالجهاد ضد بشار.. لكننا لا نأمن مكر أمريكا.. وغير ذلك فالمرشد والشاطر وكل أعضاء مكتب الإرشاد يخشون من إرسال الشباب إلى سوريا.. ونحن هنا نحتاجهم للحرب ضد هؤلاء المتمردين في حال هجومهم على القصر الرئاسي أو مقر مكتب الإرشاد! قلت: طيب.. وماذا أفعل أنا في هذا العك الذي أنتم فيه؟! قال: إنت عمنا كلنا يا أبو طقة بيه.. ولازم تحمينا من العيال بتوع تمرد وأحزاب جبهة الخراب التي تجعل لهم غطاء سياسيا في كل ما سوف يفعلونه بنا.. قلت: خلال الأيام المتبقية على اليوم الموعود 30 يونيو سوف أعمل على عدم وصول الشباب المتظاهر للقصر وسوف أرسل برجالي إلى المقطم لحماية مكتب الإرشاد.. لكن يجب أن تنفذوا ما آمركم به حتى يمر هذا اليوم على خير! قال: أنت تؤمر ونحن ننفذ يا عمنا! قلت: أريد منك خمسمائة شاب أشداء من خلاصة شباب الجماعة! قال: اعتبرهم موجودين.. لكن لماذا؟! قلت: هل تتذكر ذاك المكان الذي كنتم تديرون من خلاله جعله غرفة انتخابات الرئاسة بطريق مصر السويس؟! قال: نعم أتذكر وأعرفه جيدا.. فهذا مكان سري لأعضاء مكتب الإرشاد كنا نجتمع فيه ونقيم فيه معسكرات لتدريب شبابنا في زمن النظام السابق عليه اللعنة! قلت: سوف تذهب أنت وكل أعضاء مكتب الإرشاد المهمين إلى هناك دون أن يشعر أحد بذلك.. وسنعلن يوم 30 أنك داخل الاتحادية تمارس مهامك الرئاسية.. وأن المرشد ونوابه موجودون داخل مكتب المقطم يمارسون مهامهم أيضا وأن الأمور تسير بطريقة طبيعية.. وكأن شيئا لم يكن.. وسأقوم أنا بالمبيت هنا في القصر مكانك وسيقوم زميلي سحلول بالإقامة في مكتب الإرشاد بدلا من المرشد.. وسيحمي رجالي قصر الرئاسة ومكتب الإرشاد في حال تخلي ضباط الشرطة والحرس الجمهوري عنك.. وسيفاجأ الشباب المتظاهر بي أنا وشباب الفشارين في القصر ومكتب الإرشاد.. وساعتها لن يستطيعوا فعل شيء لأنك طبعا تعرف جيدا يعني إيه أبو طقة ويعني إيه درب الفشارين! قال: طبعا أعرف يا عمنا.. لكن دعني أولا أعرض هذه الخطة على المرشد والشاطر كي أقول لك رأيي فيها! قلت: لو كان لك رأي لكنت قلته لي قبل أن تتصل بهم يا عم مرسي! قال: عديها بقى يا عمنا! وبالفعل أجرى مرسي اتصالا طويلا بمكتب الإرشاد ثم عاد لي وقال: هذه الخطة لم تعجبنا ياعم أبو طقة.. لأن الجماعة يشمون فيها رائحة خيانة! قلت: كيف هذا؟! قال: لقد قال لي الشاطر إن أبو طقة يتخابث عليك يا مرسي بيه ويريد أن يحتل القصر الرئاسي ومكتب الإرشاد ثم يعلن نفسه حاكما على مصر ويجعلها ولاية للفشارين.. وبعد ذلك يحتل الدول المجاورة وينشر فيها الفشر كي يحقق حلمه في إقامة خلافة الفشارين الكبرى! قلت: إنت بتهيس وتقول إيه يا عم أنت.. طب إنت فاهم اللي بتقوله ولا كالعادة؟! قال: بصراحة كالعادة يا عمنا..أنا مش فاهم حاجة خالص.. أنا كان مالي ومال الرئاسة وبلاويها؟! قلت: إنت الذي اختار أن يكون رئيسا! قال: لم أختر يوما أن أكون رئيسا يا عمنا.. ولو أخذوا رأيي مائة مرة كنت سأقول "لا"! قلت له: إنت راجل طيب غلبان يا عم مرسي.. وأنا سأحميك أنت فقط دون مقابل مادي وهذا وعد مني أقطعه على نفسي! وهنا هرول مرسي ناحيتي محاولا تقبيل يدي.. إلا أنني سحبتها من بين يديه وقلت أستغفر الله يا أبو أحمد.. هذا واجبي يا رجل.. ولا يجب أن تفعل ذلك.. فأنت رئيسنا حتى الآن.. وهنا سلمت على الرئيس مرسي واستأذنته في الانصراف. وفي اليوم التالي سمعت أن المرشد والشاطر قد قررا تنفيذ خطتي حرفيا بأن يذهبا لنفس المكان الذي حددته لمرسي ومعهم خمسمائة شاب مسلحون لحمايتهم حتى تهدأ الأحداث ثم يعود مرسي للقصر ويعود قادة الجماعة لمكتب الإرشاد.. وأكلوا على العبد لله المليون الأخضر... فقررت فضح خطتهم وأحكي لكم ما دار في لقائي بمرسي في السطور السابقة!