نحن في زمن "الترند". "الترند" أصبح بديلًا عن مصطلح "الرأى العام". و"الهاشتاج" هو من يقود منظومة الإعلام، بجميع أطيافها وتنويعاتها، فضائيات وصحفا ورقية وبوابات إلكترونية، ويتحكم فيها ويتدخل فى سياستها التحريرية. نجوم القبح.."اللى حضَّر العفريت يصرفه"! الخميس 20 فبراير 2020 عندما يتكلم "مجدى يعقوب" الإثنين 27 يناير 2020
"الترند" هو الذي يصيغ عناوين الصفحات الأولى للصحف الحكومية والخاصة ويشكل محتواها. في زمن "الترند".. استسلم الصحفيون والكتاب وخضعوا لسلطانه، ومنحوا عقولهم ورؤوسهم إجازة مفتوحة، فوجدنا كُتابا كبارا يكتبون عن "بطانة رانيا يوسف" و"شورت سما المصرى"، و"حنجرة حمو بيكا" و"رائعة حسن شاكوش"!
اقرأ أيضا سطوة "السوشيال ميديا" والضمير الغائب!
الإعلام لم يعد متبوعًا أو قائدًا في عصر الفضاء الإلكترونى، بل تابعًا رخيصًا مُستأنسا إلى أقصى درجة. "الترند" هو من دفع إعلاميًا كبيرًا إلى استضافة راقصة أجنبية مثيرة للجدل ومعروفة بتجاوزاتها وانحرافاتها الأخلاقية، وهو من قاد إعلاميًا من الطراز ذاته إلى الفخر بأنه أول من انفرد باستضافة اثنين من مطربى المهرجانات والتراقص مع كلمات أغنيتهما الساذجة وأنغامها المسروقة، وهو ما دفعه أيضاً إلى محاولة تعطيل قرار وقف مطربى المهرجانات ليغازل جمهورهم على منصات التواصل الاجتماعى.
"الترند" لا يكون واقعيًّا أو صادقًا في معظم الأحوال، فمن اليسير تزويره وتشكيله على الهوى والمزاج "وكله بالفلوس"، أو كما تغنى "أصالة": "كلّه بالجِني بيتفرد ويتني، وبيتهد ويتبني"، وهذا أمر معروف لعملاء ورواد ونزلاء وزبائن وسكان العالم الافتراضى. وب"الترند" يرتفع أشخاص ويهوي آخرون، ومن خلاله تتم صناعة نجوم وتحطيم آخرين..
اقرأ أيضا المثقفونَ .. والمهامُّ القذرة!!
إذن.. نحن بصدد إشكالية شديدة التعقيد، تناقشها "فيتو" فى عددها الأسبوعى بشكل موسع، ويجب إخضاعها للدراسة والتحليل، فلا يصح أن تقود ميليشيات إلكترونية الرأى العام وتصيغ ثقافته وتشكلها على هواها، ولا يصح أن تتحول مؤسسات صحفية وإعلامية إلى كيانات هلامية لا عقل لها، وتعتمد فى عملها على ما يبثه العالم الافتراضى. العالم الافتراضى هو الذى صعد ب "حمو بيكا" و"حسن شاكوش" و"سما المصرى" و"جوهرة" و"رانيا يوسف" إلى قمة "الترند"، ليتحولوا فى الصباح إلى مواد صحفية للبوابات الإلكترونية والصحف الورقية، وفى المساء.. إلى أهم عناوين وموضوعات وضيوف برامج التوك شو. وبالتزامن مع ذلك.. يتوه النجوم الحقيقيون من أهل العلم والفكر والثقافة والفن فى دروب التجاهل والنسيان فى وطنهم، فى الوقت الذى يتم فيه تكريمهم فى الخارج.
اقرأ أيضا "إنتى أى كلام"! من المؤكد.. أن أحدا فى مصر لم يكن يعلم بأمر طبيب الغلابة فى بنى سويف الذى تم تكريمه ضمن مبادرة "صُناع الأمل" فى دولة الإمارات العربية المتحدة، لدوره الإنسانى فى علاج الفقراء والمُعدَمين. وفى الوقت الذى توهم فيه البعض بالاحتفاء به إعلاميا فى اليوم التالى على الشاشات المصرية، كان إعلامنا مهموما بغسل سمعة "نمبر ون" وإعادة تسويقه بعد سلسلة من الإخفاقات والسقطات والتجاوزات. كل من يهمهم أمر هذا البلد مدعوون للتصدى لهذه الظاهرة وكبح جماحها؛ فالشخصية المصرية فى أضعف حالاتها، وإن لم يتم التدخل وبشكل عاجل وسريع، فإن القادم سوف يكون أكثر سوءا وترديا.