سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
التنظيم العالمي للإخوان من البداية إلى تحديات ما بعد الربيع العربي.. أبو الفتوح: التنظيم العالمي للجماعة عبء يظهرها على عكس واقعها.. 11 سبتمبر نقطة فاصلة في التركيز على نشاط التنظيم الدولي
في خضم ما يحدث في مصر وتركيا وتونس الآن من ثورات ضد جماعة الإخوان المسلمين، لابد من الحديث عن التنظيم الدولي للجماعة ومصيره من الأحداث المتتابعة. واقع الأمر كانت أحداث 11 سبتمبر 2001 وانهيار برجي التجارة العالمية في نيويورك، نقطة فاصلة في التركيز على نشاط التنظيم الدولي للجماعة؛ حيث صَاحب الوقعة تضييق على قيادات الجماعة وصل إلى وضع كثير منهم على قوائم الممنوعين من دخول الكثير من البلدان الأوربية. وقعت وثيقة ميلاد التنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين في 29 يوليو سنة 1982 م بتوقيع المرشد الخامس مصطفى مشهور لكن البداية الحقيقية كانت قبل ذلك بأكثر من نصف قرن على يد مؤسس الجماعة الشيخ حسن البنا( 1906- 1949) وإن كان الميلاد غير رسمي أو موثقا، فمنذ أن وعى حسن البنا بنفسه وأحس بأن له دورًا في الحياة وهو يؤمن يقينا بأن العالم كله مساحة ملعبه، فلم يغب عنه وهو يؤسس في مارس من عام 1928 جماعة الإخوان المسلمين أنها ذات رسالة وطموحات عالمية. كان الشيخ حسن البنا يرى في جمعيته نواة لإعادة الخلافة الإسلامية التي كانت قد سقطت رسميا قبل أربعة سنوات فقط ( 1924)، وكانت فكرة تأسيس كيان بديل عنها حاضرة في ذهنه وكان على قناعة أن أفضل الطرق لإصلاح الأمة الإسلامية هو بناء الفرد المسلم فالبيت المسلم فالمجتمع المسلم فالدولة المسلمة فالخلافة الإسلامية وصولًا لأستاذية العالم بالترتيب الذي يذكره عندما تحدث عن دعوة الإخوان كما يراها، ولم يكن يمانع حسن البنا من أن يبدأ دعوته في أي بلد وليس مصر تحديدًا ويورد في مذكراته (مذكرات الدعوة والداعية) قصة بحثه عن أرض أو بيئة أصلح من مصر لبدء الدعوة وكان يرشح لها اليمن، وسافر خصيصًا لأداء فريضة الحج من أجل استكشاف أي البلاد تصلح للهجرة غير أنه رجع بقناعة أن مصر هي الأصلح. وحينما شعر حسن البنا بأن الجماعة بدأت تقوى ويشتد ساعدها، أنشأ قسم الاتصال بالعالم الإسلامي، ليكون نواة للاتصال بكل الحركات المشابهة له، فضلا عن التواصل مع الطلاب القادمين من بلدانهم العربية وغيرها للتعليم في مصر، مما ساعده على انتشار فكرة التنظيم العالمي التي كان يحلم بها. كان لاغتيال البنا، والصدام مع عبد الناصر، الذي اعتقل كثيرا من قيادات الجماعة، أثر إيجابي عليها، حيث فر الكثيرون من قيادات الإخوان إلى بلدان عربية مثل السعودية واليمن والكويت ولبنان والكثير من دول الخليج مما أدى لانتشار الفكرة وترسخها في بلدان عدة. وإذا كان هناك فضل لأحد يمكن أن ينسب إليه دور اللاعب الرئيسي في تأسيس هذا التنظيم فهو الشيخ مصطفى مشهور أحد أكثر قيادات الجماعة تأثيرًا في بنائها بعد مؤسسها الشيخ حسن البنا فعقب خروجه من السجن مع بقية قيادات الجماعة في عام 1973 بدأ مصطفى مشهور العمل على الفور ومعه عدد من القيادات التي جمع بينها الانتماء والعمل معا في النظام الخاص مثل كمال السنانيري وأحمد الملط ونفيس حمدي وأحمد حسنين، فاتجهوا إلى العمل لجمع خيوط كل التنظيمات الإخوانية المنتشرة في الأقطار المختلفة، وحينما هرب مشهور من بطش السادات عام 1981، قام بإنشاء التنظيم بشكل رسمي في ألمانيا في 29 يوليو 1982، لافتا إلى موت التنظيم إكلينيكيا بوفاة مشهور المرشد الخامس للجماعة، والذي خلفه المستشار مأمون الهضيبي، الذي لم يكن على علاقة جيدة بقيادات التنظيم العاملي التي كانت تطمع، من وجهة نظره، في منصب المرشد العام للجماعة. وبعدما رحل الهضيبي، المرشد السادس للجماعة، خلفه مهدي عاكف الذي أكد منذ البداية رغبته في عودة التنظيم الدولي مرة أخرى بشكل فعال، إلا أن تتابع الأحداث السياسية في البلدان الأخرى وعدم تدخل مكتب الإرشاد فيها، أدى إلى تفرقة التنظيم مرة أخرى. استمرت الأحداث تتتابع على التنظيم الدولي إلى أن جاءت أحداث 11 سبتمبر، فأصبح الكثيرون من قيادات الجماعة يتنصلون من التنظيم الدولي، معتبرينه يظهر الجماعة أكبر من حجمها الحقيقي، فمثلا قال عبد المنعم أبو الفتوح في حوار له من صحيفة الشرق الأوسط في 2004 "إن التنظيم العالمي للجماعة أصبح عبئا عليها، لأنه يظهر الجماعة على عكس واقعها، مما أدى إلى توجيه الكثير من الضربات الأمنية لها"، لكن ثورات الربيع العربي أعادت للتنظيم بصيصا من الأمل، حيث اجتمع، خلال الشهور الماضية، عدد كبير من قيادات الإخوان من بينهم المرشد العام للجماعة، والدكتور محمد بديع بعدد من قيادات الإخوان في الدول الأخرى، واتفقوا على إعادة التنظيم مرة أخرى. من جانبه، قال أحمد بان، الباحث في شئون الحركات الإسلامية: "إن التنظيم الدولي للجماعة له خططه التي يكيفها مع الوضع السياسي، فلو كانت هناك اعتقالات، يحاول أن يلاعب النظام بحيث ينجو من الاعتقالات، مشيرًا إلى أن حال التنظيم العالمي، الآن، أفضل من قبل أحداث الربيع العربي، حيث سيطر الإخوان، على حد قوله، على الدول المركزية مثل مصر وتونس".