بخبرته ككاتب ومراقب للوضع يحلل الكاتب الصحفي مكرم محمد أحمد، نقيب الصحفيين الأسبق، الأوضاع في مصر والتي اعتبرها تسير من سيئ إلى أسوأ، مشيرًا إلى أن الرئيس محمد مرسي لا يختلف في حكمه عن الرئيس السابق حسني مبارك، بل يزيد عليه أنه انحاز إلى هدف جماعته في التمكين والسيطرة على كل السلطات، وأكد أن إسقاط مرسي لن يكون بالجيش وإنما من خلال ثورة شعبية كالتي أطاحت بنظام مبارك، وإلى نص الحوار: كيف تقرأ المشهد السياسي؟ - الوضع الآن سيئ، بل بالغ السوء، خصوصا في ظل الوضع الاقتصادي الذي يتعدى كونه أزمة، رغم أننا لم نطبق بعد روشتة صندوق النقد الدولي، والتي بدورها ستنقل 40% من المصريين من شريحة الفقراء إلى ما تحت خط الفقر، بالإضافة إلى تردي الأوضاع الأمنية التي وصلت إلى ذروتها في الفترة الأخيرة بعد اختطاف جنود الشرطة والجيش على يد السلفية الجهادية، وبشكل عام لدينا عدم رضا في الشارع عن الحكم بسبب التصرفات الإخوانية ومحاولة الانفراد بالسلطة. كيف ترى إطلاق سراح الجنود السبعة المختطفين؟ - هناك العديد من التساؤلات التي تحيط بالموضوع، والقضية هي أننا لا نعلم من الخاطفون، وأين هم الآن، فالرواية الرسمية تقول إنهم أصيبوا بالذعر بسبب تدخل الجيش فتركوا المخطوفين وهربوا، ولكن عدم مطاردتهم والقبض عليهم يشيران بالفعل إلى وجود صفقة تنص على تحرير الجنود مقابل ترك الخاطفين. هل عادت هيبة الدولة بعد تحرير الجنود السبعة؟ - الهيبة عادت بشكل جزئي، لأن الدولة أثبتت أنها قادرة على الدفاع عن حقها، ولكن الهيبة الكاملة ستعود بتطهير سيناء من جميع أشكال الإرهاب، وهو الأمر الذي لم يحدث حتى الآن. كيف ترى حملة تمرد؟ التصرفات التي تصدر عن جماعة الإخوان المسلمين هى التي أوجدت «تمرد»، وهى حركة شبابية تلقى رواجا واسعا بين المصريين، وأعتقد أن قيام الحملة بجمع ما يزيد على 3 ملايين توقيع من مواطنين يطالبون بسحب الثقة من الرئيس إنما هو أمر يدل على النفور الشعبي من الجماعة، وأعتقد أنه إذا وصل عدد توقيعات تمرد إلى 5 أو 7 ملايين فسيكون الرقم ضخما، بغض النظر عن تأثيراته. وكيف تقيم أداء التيار المعارض للإخوان؟ - قوى المعارضة، وفى مقدمتها جبهة الإنقاذ، ضعيفة وليست لها شعبية، بل إنهم «جنرالات بلا جنود»، كما أنهم فقدوا جزءًا كبيرًا من شعبيتهم في الفترة الأخيرة بعد أن أثبتوا أنهم بلا صدى، لعدم قدرتهم على حشد الجماهير، ولأن المعارضة أصبحت غير قادرة على إحماء الأوضاع، و«الفرن السياسي بارد». هل إسقاط مرسي يحتاج إلى استخدام العنف أم بالاعتصام والثورة السلمية؟ - بالطبع قد تحدث أزمة ضخمة لم تكن متوقعة أيام الثورة، خاصة أن الجميع الآن يميلون إلى العنف، وإذا تهورت الجماعة وتصرفت بحماقة وأطلقت ميليشياتها على الشعب فستحدث الأزمة، ووقتها سيضطر الجيش إلى النزول للشارع، وإذا دخلنا في سيناريو إسقاط مرسي فإن الإخوان سيقاومون بشراسة، لأن سقوط مصر في أيديهم كان غنيمة كبيرة قد تدفعهم إلى حد الجنون بما قد يؤدى بهم إلى ارتكاب ما لا يمكن أن يتصوره أحد، بدليل أنهم أقاموا بعض البروفات مع حليفتهم الجماعة الإسلامية، التي تعتبر عصا النظام التي تقول ما لا يستطيع أن يقوله الإخوان، من خلال العروض العسكرية في المحافظات. هل تتوقع قيام الجيش بانقلاب عسكري على مرسي؟ - الانقلاب العسكري لم يعد موجودًا في العالم كله، كما أن الولاياتالمتحدة لن تسمح به، لأنه إذا وقع انقلاب عسكري في مصر فسيكون بداية لسلسلة من الانقلابات في دول أفريقية أخرى، كما كان يحدث في الستينات من القرن الماضي، وهو ما يجعل الغرب يفرض عقوبات كبيرة من حيث العزلة الدولية وغيرها، كما أن الجيش لديه العديد من التحديات الأخرى التي تجعله يبتعد عن السياسة كالأزمة في سيناء والأنفاق والتربص الإسرائيلي، فضلا عن الأخطاء التي ارتكبها المجلس العسكري أثناء الحكم الانتقالي. لكن إذا انعكست الأوضاع وخرج الشعب على الرئيس إلى أي جانب سينحاز الجيش؟ - الجيش لن يتدخل لصالح مرسي إذا نزل الملايين إلى الشوارع وزحفوا إلى الاتحادية، كما لم يتدخل لصالح مبارك الذي كان رجلا عسكريا والأجدر بالحماية، فالجيش أكد مرارًا أنه لن يطلق رصاصة واحدة تجاه المصريين، لكن بشكل عام مرسي آمن رغم ثورة الغضب ضده إلى أن يخرج المصريون عليه في الميادين. ما الفرق بين السنوات العشر الأخيرة من حكم مبارك والشهور العشرة الأولى من حكم مرسي؟ - لا فرق، فمبارك يكاد يكون هو المثل الأعلى لمرسي، وإن كانت الميزة لمبارك بأن الأوضاع في سيناء كانت أفضل مما هى عليه الآن، ولكن مبارك كان يعيش في عالم افتراضي، فقد كانت أسرته تعتقد حتى اللحظات الأخيرة أنها في قلب كل مصري، وهو نفس العالم الافتراضي الذي يعيشه مرسي الآن. هل تتوقع أن تحصل الجماعة على أغلبية البرلمان كما حدث سابقا؟ - لا يمكن أن يحدث ذلك، وأعتقد أن الجماعة لن تحصل على 30% من إجمالى مقاعد البرلمان، وخسارة الجماعة لن تصب في صالح جبهة الإنقاذ التي لم تستطع حتى الآن اتخاذ قرار بخوض الانتخابات، وإنما ستصب في صالح مجموعة المستقلين الذين سيدخلون المجلس بناء على العصبيات والعائلات. وكيف تقييم العلاقات الإخوانية مع الولاياتالمتحدة الأمريكية؟ - العلاقة حاليا قائمة على الشك، فالولاياتالمتحدة تساعد الإخوان من منطلق أنه الاضطرار لعدم وجود بديل لهم، فهم يشكون في سياسات مرسي وفرضوا عليه مشروعات لم تكن موجودة في أيام مبارك، كما أنها أصبحت تهمل دور مصر في كل القضايا، فالأمريكان يستقوون حينما تكون مصر ضعيفة ويلتزمون حدودهم حينما تكون مصر قوية. ما روشتة خروج مصر من أزمتها الحالية؟ - مصر لن تتقدم وهي منقسمة على نفسها، فلن نصنع مشروعا تنمويا ولن نتمكن من مقاومة الإرهاب إلا باستعادة هيبة الدولة.