سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
ننشر الخريطة الكاملة لمناطق القتل والخطف وتجارة الأعضاء البشرية في أرض الفيروز .. فرض حظر التجول في الشوارع بعد السادسة مساء وجمع الإتاوات أمام رجال الشرطة..الأباتشى فشلت في القضاء على زراعة المخدرات
جاءت عملية اختطاف الجنود المصريين السبعة في سيناء على أيدى جماعات متشددة، ثم إطلاق سراحهم بعد مفاوضات مع الخاطفين، لتؤكد أنه لا أمن ولا أمان في أرض الفيروز.. فالقتلة والمجرمون واللصوص وتجار المخدرات والعصابات المسلحة، يتجولون في الشوارع والطرقات بكل حرية.. يقتلون هذا ويختطفون ذاك ويسرقون وينهبون، وينشرون الفزع والرعب بين الجميع دون رادع ودون خوف أو رهبة من قوات الأمن ورجال الشرطة الذين عجزوا عن حماية أنفسهم ومنشآتهم ومعداتهم.. "فيتو" قررت اقتحام مناطق الخطر في سيناء، ليرصد عن قرب الأوضاع الأمنية المتردية، وحالة الفزع والرعب التي سيطرت على الأهالي هناك واستعداداتهم لمواجهة المجرمين بأنفسهم بعد أن تخلى الجميع عنهم واكتفى بالكلام فقط.. واستطاعت أن ترسم خريطة مفصلة عن كافة أنواع الجرائم ومناطق انتشارها، وفى التقرير التالى يرصد كل ما توصل إليه من معلومات كما جاءت على ألسنة الأهالي هناك ومن واقع التقارير الرسمية. بدأت الرحلة من مدينة العريش والتي تعد أكبر مدن محافظة شمال سيناء، ومن خلال التجول في شوارعها والحديث مع الأهالي اكتشفت أخطر البؤر الإجرامية المنتشرة بها.. وتأتى منطقة جسر الوادى أو "مجرى السيل" في مقدمة المناطق التي تنتشر بها الجريمة بكافة صورها، خصوصًا جرائم القتل والسرقة بالإكراه، ويستهدف المجرمون فيها رجال الشرطة تحديدًا في الشوارع وأثناء تأديتهم عملهم. وكانت آخر هذه الجرائم مقتل فرد شرطة حاول منع ملثمين من ارتكاب واقعة سرقة بالإكراه، وقبلها شهدت ذات المنطقة مقتل مفتش بالأمن العام، ومازال مقتله لغزًا يحير رجال المباحث حتى الآن.. وفى مجرى السيل تفرض العصابات المسلحة بالبنادق الآلية إتاوات على المارة وأصحاب المحلات التجارية، ومن لا يدفع يكون القتل جزاءه.. وفى منطقة "غرناطة" بالعريش، أكد الأهالي أن البلطجية وقطاع الطرق هم المتحكمون في كل شيء.. يهاجمون الشاليهات المنتشرة بها ويسرقون وينهبون ويقتلون بكل جرأة، ولا أحد يستطيع الوقوف في وجوههم، وكثير من السكان الأصليين هجروا مساكنهم خوفًا على حياتهم وأسرهم، ومن تبقى منهم أقام سواتر ترابية ورملية، وزود مداخل ومخارج المنازل بأبواب حديدية ضخمة، فضلاً عن شراء الأسلحة المختلفة لاستخدامها في الدفاع عن النفس. ومن أخطر البؤر الإجرامية في العريش منطقة "الطريق الدولى السريع"، وتحديدًا في المنطقة الواقعة على بعد نحو 3 كيلومترات من كمين "الريسة"، وفى هذه المنطقة تنتشر العصابات المسلحة المتخصصة في سرقة السيارات بالإكراه، واختطاف مستقليها وطلب فدية من أسرهم، وهؤلاء المجرمون يختبئون في المناطق الصحراوية الوعرة المتاخمة للطريق، ويتحركون في مدقات جبلية لا يعرفها أحد سواهم وهؤلاء يمارسون أنشطتهم الإجرامية تحت جنح الظلام أو في الساعات الأولى من النهار.. أما منطقتا "الضحايا" و"أبوصقل" فتقل فيهما نسبة الجريمة بشكل ملحوظ .. فالأولى يوجد فيها مبنى مديرية الأمن، وديوان عام المحافظة ومكاتب الأمن الوطنى والمخابرات وغيرها من المبانى الحكومية المختلفة.. والمنطقة الثانية معظم سكانها من الصيادين المنتمين لعائلات محددة ولا يوجد بها عدد كبير من الغرباء أو البدو. من مدينة العريش.. توجهت "فيتو" جنوبا بنحو 30 كيلومترًا حيث تقع مدينة "الشيخ زويد".. وفيها أكد الأهالي انتشار كل أنواع الجرائم سواء السرقة بالإكراه أو السلب والنهب، واختطاف الأطفال والكبار والقتل وسرقة السيارات.. وأرجعوا السبب في ذلك إلى أن 80% من سكان المدينة من البدو والأعراب، وبعض هؤلاء بلا عمل وفضل احتراف الجريمة خصوصًا في ظل الغياب شبه التام للأمن.. ومن أخطر مناطق الشيخ زويد "حى المهدية" وفيه تكثر جرائم اختطاف الأطفال وقتلهم وبيع أعضائهم الداخلية للراغبين من المرضى، ويكثر به سماسرة هذا النوع من الإتجار في البشر، ولا يسمحون لأحد بالدخول إليه إلا وفقًا لضوابط وقواعد معينة، ومن يخالف هذه الضوابط يكون القتل مصيره. وفى الشيخ زويد أيضًا ينتشر تجار ومهربو الأسلحة بكافة أنواعها، وتباع المواد المخدرة في الشوارع على مرأى ومسمع من الجميع وتحت حراسة الأسلحة النارية.. ثم توجه المحقق شمالاً إلى منطقة رفح وفيها اكتشف انخفاض نسبة الجريمة مقارنة بالعريش والشيخ زويد، وأرجع الأهالي السبب في ذلك إلى الانتشار الأمنى المكثف سواء من قوات الشرطة أو الجيش، لتأمين منفذ رفح البرى، غير أنه بالقرب من المدينة الحدودية الصغيرة ينتشر سماسرة تهريب الأفارقة والعاهرات سواء الروسيات أو غيرهن إلى إسرائيل، وكذلك سماسرة إدخال البضائع المهربة إلى قطاع غزة عبر الأنفاق. وإلى الشرق من رفح والعريش، وفى عمق سيناء حيث الطبيعة الصحراوية الوعرة وبالقرب من مطار "الجورة" تتمركز عصابات عديدة مكونة من أرباب السوابق والهاربين من السجون ومن تنفيذ أحكام بالمؤبد والإعدام، وهؤلاء ينتمون إلى محافظات مختلفة.. ونشاطهم الأساسى قطع الطرق ومهاجمة رجال الشرطة وسرقة السيارات بالإكراه والخطف والقتل، والتهريب وتجارة المخدرات بنظام الجملة.. أما أخطر البؤر الإجرامية في شبه جزيرة سيناء فتتمثل في جبل "الحلال" الذي يمتد في وسط سيناء بطول 160 كيلو مترًا، وتكثر به الكهوف والمغارات العميقة التي لا يعرف مداخلها ومخارجها، سوى نفر قليل من البدو.. ويأوي هذا الجبل أصحاب الفكر المتطرف من الجهاديين والإرهابيين، وتجار المخدرات والسلاح والهاربين من أحكام بالإعدام.. وإذا اقترب منه غريب يتم إطلاق النار عليه مباشرة دون تحذير. وعن زراعة المواد المخدرة في شبه جزيرة سيناء، تحدثت "فيتو" مع مصدر أمنى مطلع .. حيث أكد أن زراعة البانجو والخشخاش والقنب الهندى، تنتشر في المناطق الجبلية الوعرة خصوصًا في وسط وشمال سيناء، والتي تكثر بها الوديان والأراضى الصالحة للزراعة.. ويعد الشريط الحدودى الواقع بين مصر وإسرائيل وقطاع غزة إلى الشرق من مدينة رفح، من أكثر المناطق التي تتم بها الزراعات المخدرة.. ونظرًا لصعوبة الطبيعة الجبلية وارتفاع تكلفة مكافحة هذا النشاط غير المشروع، نجح الأعراب في زراعة عشرات الأفدنة بالبانجو والخشخاش والقنب الهندى، وتعد هذه الزراعات هى النشاط الأساسى لأهالي المناطق الصحراوية، وهم يتولون حراسة مزروعاتهم ليل نهار بالأسلحة الآلية والثقيلة، ولا يترددون في قتل كل من يقترب منها. كما أنهم أنشأوا بنية أساسية ضخمة تمثلت في حفر الآبار ومد شبكات ضخمة من المواسير والخراطيم لاستخدامها في عمليات رى الزراعات المخدرة. المصدر أضاف أن قوات الجيش والشرطة تشن بين الوقت والآخر حملات لإبادة هذه المزروعات، بالاستعانة بصور الأقمار الصناعية والطائرات الحربية من نوع الأباتشى، والكلاب البوليسية المدربة، ولكنها لا تنجح بنسبة كبيرة لسببين أساسيين هما: كثرة عدد المزارع وامتدادها على نطاق واسع في كافة أرجاء سيناء مع الطبيعة الجبلية الوعرة وارتفاع تكلفة التخلص من تلك المخدرات. أما أهالي سيناء ومنهم عبد الشافع مجدى، وشهاب شوقى وعبد الباسط محمد، من أبناء مدينة العريش، فقد حملوا وزارة الداخلية المسئولية كاملة عن انتشار الجرائم في أرجاء سيناء، بسبب تقاعسها في مواجهة البلطجية والمجرمين.. وقالوا: "لا أحد في سيناء يأمن على نفسه وبيته وممتلكاته.. فجرائم السلب والنهب والاختطاف والقتل أصبحت تحدث ليل نهار وعلى مرأى ومسمع من الجميع.. حتى رجال الشرطة أنفسهم يتم قتلهم وسرقة أسلحتهم، وأقسام البوليس يتم اقتحامها وسرقتها وإحراقها.. فإذا كان هذا يحدث مع رجال الأمن فما بالنا بما يتعرض له المواطن العادى؟". وأضاف سيد منير – من أبناء سيناء- أنه في أعقاب ثورة 25 يناير، اتخذ المساجين الهاربون من مناطق سيناء الجبلية الوعرة أوكارًا لهم، وبدأوا يمارسون أعمال السلب والنهب وترويع المواطنين وقتل ضباط ورجال الشرطة، باستخدام الأسلحة الآلية الخفيفة ومدافع الآر بى جى، والنصف بوصة وغيرها.. ووصل الأمر إلى منع المواطنين من السير في الشوارع بعد الساعة السادسة مساء، وإجبار أصحاب المحلات والمقاهى على دفع الإتاوات الأسبوعية، وغلق محلاتهم في السابعة مساء ومن يخالف ذلك يتم إحراق محله، وربما قتله.. التقط صاحب محل ملابس في شارع 23 يوليو بالعريش يدعى "هشام عمار"، طرف الحديث قائلاً بانفعال: " أنا شخصيًا تعرضت للضرب وكاد اللصوص يقتلوننى عندما رفضت دفع الإتاوة، كل هذا حدث أمام رجال الشرطة عندما لجأت لهم لإنقاذى من الجناة". أما جمعة طلعت (38 سنة – سائق)، فقد أكد أنه تعرض لمحاولة اختطاف من قبل مجهولين ملثمين، اعترضوا طريقه بالقرب من كمين الريسة، وهددوه بالبنادق الآلية وأوثقوه بالحبال ووضعوا لاصقًا على فمه، ثم ألقوه في "شنطة" السيارة وانطلقوا به إلى منطقة جبلية وعرة، غير أنه تمكن من الهرب منهم.. وعندما توجه إلى قسم الشرطة لتحرير محضر بسرقة سيارته، وأدلى بأوصاف الجناة قال له الضابط: "احمد ربنا على عودتك بالسلامة.. وانسى السيارة".