إن أشد ما يترك فى النفس كمدا وحسرة بعد ثورة يناير الهادرة.. وبعد اختيار رئيس جمهورية بطريق الانتخاب الحر المباشر من بين جماعة الإخوان الذين يقولون إنهم مسلمون.. أن يقسم سيادة الرئيس على احترام الدستور والقانون فى ميدان الثورة «التحرير سابقاً» وأمام المحكمة الدستورية العليا وفى جامعة القاهرة.. ثم ينقص فى أقل من خمسة أشهر من هذا القسم على الدستور والقانون ويحنث بالقسم ويخالفهما ويخرج على الدستور وأحكام القانون، وذلك بأن أصدر إعلانا أسماه إعلانا دستوريا فى 12/11/2012 وهو بحق غير دستورى، بل وغير قانونى لأن يمثل افتئاتا عليهما، وذلك لأن الدساتير جميعها المكتوبة والعرف «مثل الدستور البريطانى» تنص على استقلال القضاء وأن القضاة غير قابلين للعزل وقانون السلطة القضائية الحالى والذى أقسم رئيس الجمهورية على احترامه ينص على ذلك أيضا. وصدر هذا الإعلان غير الدستورى الذى شق الصف وأثار حفيظة الجميع وتأججت انتفاضة الشعب لمصر، مرة أخرى حيث خرجت الجماهير الغاضبة إلى الشوارع والميادين معترضين فتم تسليط جماعات الإخوان الذين يدعون أنهم مسلمون على هؤلاء وقتلوا منهم من قتلوا وأصابوا من أصابوا فى مظاهرات أذرفت دم ودمع المصريين غير الإخوان. المسلمون يتصرفون حسب تعاليم الإسلام السمحة والشريعة الإسلامية الغراء بالوسطية والاعتدال والدعوة إلى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة.. أما الإخوان الذين اعتدوا على المعتصمين أمام قصر الاتحادية المسالمين العزل.. الإخوان الذين اعتدوا على المحكمة الدستورية العليا ومنعوا قضاتها الأجلاء من ممارسة أعمالهم وتعطيل مرفق القضاء.. الإخوان الحازمون الذين حاصروا الإعلام واعتدوا على الإعلاميين والفنانين. الإخوان الذين سبوا وقذفوا وكفروا الآخرين.. لم يتعاملوا فى ذلك كله كمسلمين ولا بروح الإسلام ولا تعاليمه والإسلام من كل تلك الأفعال برىء.. فالرسول الكريم «صلى الله عليه وسلم» لم يبعث لعانا ولا بذاء ولا فحاشاً وإنما كان خلقه القرآن.. لو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك. بعد هذا الإعلان غير الدستورى، الذى صدر ممن لا يملك سلطة إصداره انفض المستشارون المحترمون من حول الرئيس وقدموا استقالتهم. هذا الإعلان دهس الدستور - الذى صدر فى ظله - بقدميه حيث عزل النائب العام وهو غير القابل للعزل، كما عطل عمل المحكمة الدستورية العليا بأن حصن كل من مجلس الشورى واللجنة التأسيسية ضد الحكم بحلهما بمعرفة هذه المحكمة العظيمة وعطل عمل محاكم مجلس الدولة الذى أشرف بالانتماء إليه بأن حصن قرارات رئيس الجمهورية بأثر رجعى ضد الالغاء وحظر على تلك المحاكم بسط رقابة الشرعية والمشروعية على تلك القرارات السابقة واللاحقة.. ونحن جميعا مطالبون بالتصدى لأى محاولات تنال من القضاء المصرى الشامخ، ونقول لمن يحاول الاقتراب منه بسوء.. "إلا القضاء".