لقطات صادمة لجمل يأكل الصبار (فيديو) في الأساطير الشعبية، ربطوه بجلب الحظ السيئ، وأحيانا أخرى بالنبات الذي لا يشيخ، بينما خلط البعض بينه وبين الصبر الذي ذكره النبي صلى الله عليه وسلم، في أحد الأحاديث. الصبار هو النبات الغامض الذي لا تدرك هويته إلا بعد الاقتراب منه وفهم مراحل حياته الطويلة والشاقة فهو في نظر الكثيرين المعادل النباتي للجمل سفينة الصحراء، يجمع بين المعجزة الربانية في الجلد والتحمل والجمال الغامض الذي لا تكتشفه إلا إذا غرقت في تفاصيله. معرض زهور الربيع بحديقة الأورمان فرصة هامة للتعرف على أنواع النباتات الأكثر غرابة أو تلك الدارجة، لكننا لا نعرف عنها شيء، ومنها الصبارات بأنواعها المختلفة. المهندس أحمد هلال صاحب إحدى شركات تنسيق الحدائق والمتخصص في أنواع الصبار المختلفة، يمتلك واحد من أكثر أقسام العرض غرابة وجمالا في المعرض، فأشكال الصبار المختلفة تغلب على المشهد وتدفعك لمشاهدة كل الأصناف حتى النهاية. ويقول هلال: إن هناك آلاف الأصناف من الصبار في العالم، وأضاف: "نعمل في مصر على أغلبها واستكشفت من خلال ذلك الفوائد الكبيرة للصبار التي ربما لا يعلم عنه أحد شيئا". ويضيف أن أغلب أصناف الصبار بها مواد طبية فعالة، وقال :"شخصيا أتعامل كثيرا مع طلبة كليات الصيدلة الذين يستعينون بأصناف الصبار المختلفة لاستخلاص المواد الفعالة منها فلكل صنف مادة فعالة تختلف عن غيرها، فالأصناف تختلف في الخصائص من حيث موطنها فمنها صبارات مناخ البحر المتوسط وجنوب أفريقيا ومنها أصناف الأمريكيتين المشهورة". وتابع: "الصبار نبات مختلف وله شخصية مستقلة في كل شيء وهو كائن متحمل للملوحة ونقص المياه والحرارة فهي نباتات مناسبة جدا لتوفير استهلاك المياه وهناك توجه كبير خاصة في دول الخليج العربي لاستخدام الصبار في تنسيق الحدائق، نظرا لاستخداماته المنخفضة جدا للمياه عن أي نبات آخر وأشكاله المتنوعة والكثيرة". ويشير إلى أن الزيوت المستخلصة من الصبار هي أشهر المنتجات المعروفة للعامة، ويضيف أن هناك أصناف أخرى تصلح للأكل كثمار التين الشوكي إلى جانب أصناف أخرى تصنع منها المربى وأخرى يصنع منها العصائر في أمريكا الجنوبية وأصناف تصنع منها الخمور في المكسيك. ولفت إلى أن عددا من انواع الصبارات تحتوى بداخلها على أعمدة خشبية صلبة جدا وخفيفة الوزن وكانت تستخدم قديما في عمل هياكل الخيام في الصحراء، إلى جانب أن بعض أنواع الصبار يستخرج منها نسيج الكتان. وأكد أن الصبار هو من النباتات التي يوجد لها هواة يجمعون أنواعها المختلفة كهواة جمع الطوابع وهناك أنواع نادرة تعرض الآن في المعرض كالأستروفيدا والاستاكيوم وهي من الأصناف النادرة والمرتفعة نسبيا في أسعارها. ورغم التنوع الكبير للصبار إلا أن دراسة أعدها مجموعة من العلماء ونشرت في دورية "ننيتشر بلانتس" عام 2015 أكدت أن 31% من انواع الصبار في العالم معرضة للانقراض بسبب الرعي غير المنظم للحيوانات إلى جانب التجارة غير المشروعة في الصبار والتي تهدد الأنواع النادرة منه بالانقراض. وعقد العلماء أصحاب الدراسة مقارنة تدلل على أن الصبار أكثر كائن مهدد بالانقراض في العالم، حيث يقترب ثلث أصنافه على الانقراض بينما تصل نسبة الكائنات المهددة بالانقراض بين الطيور 12% وبين الثدييات 25 %. وتجدر الإشارة إلى أن منظمة الأغذية والزراعة "فاو"، أبرزت دور الصبار كأحد أغذية المستقبل في ظل تصاعد حدة التغيرات المناخية وتهديدات الجفاف، وهو ما يستدعي تحويل الصبار إلى محصول أساسي. وأكدت فاو، أن هناك عدة أنواع مختلفة من الصبار يمكن أن تدخل في توفير الغذاء على رأسها التين الشوكي متعدد الفوائد إلى جانب توفير أعلاف للحيوانات من نبات الصبار، ولفتت في تقرير لها إلى أن الصبار يعتبر مخزن جيد للمياه، حيث يمكن أن يخزن هكتار من الصبار نحو 180 طنا من المياه. وأشارت تقارير الفاو إلى أن لدى المكسيك، الموطن الأصلي للصبار، تاريخ طويل في استهلاكه، حيث تصل نسبة استهلاك الفرد الواحد من النوبال، وهي فروع الصبار الطرية الشهية، المعروفة بالألواح، إلى 6.4 كيلو جرام سنويًا. وأضافت أن الصبار يزرع في مزارع صغيرة بالمكسيك ويحصده المزارعون في البرية في مساحات تصل إلى 3 ملايين هكتار، كما تزداد معدلات زراعته في المزارع الصغيرة باستخدام تقنيات الري بالتنقيط بصفته محصول أساسي أو ثانوي. وأشارت التقارير إلى أن البرازيل موطن لأكثر من 500.000 هكتار من مزارع الصبار لاستخدامها كأعلاف، كما انتشرت زراعة هذه النبتة في مزارع في شمال أفريقيا وإقليم تيغراي في إثيوبيا لتصل مساحات زراعتها إلى ما يقارب 360.000 هكتار يتم إدارة نصفها تقريبًا.