كيف تصبح «نمبر وان» في مصر.. «فيتو» تكشف رحلة المشاهدات المزيفة.. الألف «لايك» ب50 جنيها.. وتسعيرة خاصة ل«اليوتيوب».. مؤسسات وفنانون يقعون في الفخ.. ومتخصصون يحددون شروط «الترند»

لكل «صناعة» فن، حتى صناعة المشاهير تحولت هي الأخرى إلى تجارة من أجل الوصول إلى القمة خلال فترة قصيرة بغض النظر عن الموهبة، فلغة التريند هي الأهم لجلب الشهرة والمزيد من الأموال.
النماذج كثيرة ممن يلجئون لهذا الأسلوب، ولكن الأبرز منهم الفنان «محمد رمضان»، والذي وجهت له تهم من قبل نقاد ومتخصصي تكنولوجيا أكثر من مرة، ففي بداية العام الجاري، كشف المخرج محمد فاضل أن نسب المشاهدة التي حققها الفنان «محمد رمضان» في كليب «مافيا» والتي تخطت 10 ملايين مشاهدة خلال 4 أيام فقط من عرضه، يرجع إلى قيام إحدى الشركات بالتلاعب في نسب مشاهدة المحتوى المعروض على «يوتيوب» بمقابل مادي كبير.
وأضاف خلال مداخلة هاتفية لبرنامج «بالورقة والقلم»، المذاع عبر فضائية «ten»: «حدث في شهر رمضان الماضي أن ادعى البعض أن أعمالهم الدرامية حققت ملايين المشاهدات على عكس إيرادات السينما»، مضيفةً أن ما يحسم الأمر هو ضريبة الملاهي.
مبادئ التسويق
تقوم فكرة عمليات التسويق على تحديد «السلعة» سواء كانت منتجا أم شخصا، ثم اختيار أسلوب مناسب لوصولها إلى العملاء، وصياغة إستراتيجية تساهم في ترويجها، أي أن التسويق هو الإجراءات التي تعمل على تعزيز بيع المنتجات في الأسواق.
وبهذا الصدد، يقول محمد نعيم، الخبير في فن التسويق، إن جميع حملات التسويق تستهدف تحديد نوعية المنتج الذي نرغب في التسويق له سواء كان منتجا أو إدارة حملة لفنان أو قناة.
وأضاف في تصريحات خاصة ل«فيتو»، أن المبادئ الصحيحة لعمليات التسويق مثلا إذا كان فنانا يجب أن نحدد في مرحلة البحث الأولية أعمال الفنان والجمهور المستهدف والجماهيرية التي يتمتع بها حتى نعمل على زيادة شعبيته بعدة طرق منها المشاركة في ندوات وعمل صفحات له على مواقع السوشيال ميديا تتمتع بجماهيرية عالية من أجل الوصول لأكبر عدد من الجمهور.
وأشار إلى أن الحملات التسويقية تتم في خلال فترة زمنية محددة، وهناك مرحلة في التسويق تتم من خلال فيديوهات عبر «يوتيوب».
مواقع التسويق المزيف
«التربع على قمة الشهرة» يتطلب الوصول إلى عدد أكبر من الجمهور في وقت قصير، وهو الأمر الذي استغله بعض شركات التسويق لاستخدام برامج تعمل على زيادة مشاهدات والترويج للمنتجات أو النجوم أو حتى أخبار كاذبة من خلال موقع «يوتيوب» أو حتى صفحات السوشيال ميديا.
تجارة المشاهدات
يقول طاهر عبد الله، خبير إعلانات بجوجل أدوردز، إن بعض الشركات تستخدم مواقع محددة من أجل زيادة عدد المتابعين والمشاهدات بشكل سريع، للتفاعل مع الشخصية، ولكنها غير حقيقية.
وأضاف في تصريحات خاصة ل«فيتو»، أن المواقع المستخدمة ظهرت في عام 2012، ويتم استخدامهم من أجل الترويج للمنتج والتفاعل معه من أجل تحقيق فائدة كبيرة في السوق وهي أسرع من الإعلانات الممولة.
وتابع أن هناك مواقع كثيرة ظهرت مؤخرًا يستخدمها المسوقون للزيادة الوهمية، ولكن هناك ثلاثة رئيسية منها «EG LIKERk، وhubla» ويتم استخدامهم من أجل زيادة نسبة اللايك والشير، وهناك برنامج «qqtube» تعمل على زيادة نسبة مشاهدات اليوتيوب مقابل مبالغ مالية.
EG Liker
وأكد أن موقع EG Liker يستخدمه المسوقون للحصول على 5000 لايك على المنشور الواحد، حيث يتم الحصول على 200 لايك في الضغطة الواحدة كل 15 دقيقة، كما يساهم في زيادة نسبة الكومنتات، وتبلغ تكلفة الألف إعجاب مزيف على المنشور الواحد 50 جنيه، أما قيمة الألف إعجاب للصفحة بشكل عام 150 جنيه.
موقع هوبلا
وأشار إلى أن موقع «hubla» من بين المواقع التي يستخدمها بعض المسوقين لزيادة نسبة اللايكات ويمكن للبرنامج أن يضيف للمستخدم 15000 ألف لايك على البوست أو للصفحة.
تجارة صفحات ال«فيس بوك»
تواصلت محررة «فيتو» مع أحد المسوقين الذين يعملون في مجال التسويق وبيع الصفحات، لشراء إحدى الصفحات التي بها نسبة كبيرة من المتابعين من أجل نشر بعض الأخبار عن الموضة وغيرها، فعرض علينا ثلاث صفحات الأولى بها 22 ألف متابع ويتم بيعها مقابل 1100 جنيه، وصفحة أخرى بها 24 ألف متابع ويمكن شراؤها مقابل 1250 جنيها، أما الصفحة الثالثة بها 23 ألف متابع مقابل 1500 جنيه.
«الشهرة بالنسبة ليا حاجة سهلة جدًا كمسوق» هكذا أوضح م.ح مسوق ل«فيتو»، مضيفًا أنه يمكن الوصول للشهرة بأقل التكاليف من خلال إعلانات ممولة أو برامج، مضيفًا أن الفرد من خلال دفع مبلغ 10 آلاف جنيه يمكن للفرد أن يصبح تريند لعدة أيام.
وأشار إلى أن التريند له شروط أهمها أن يكون الفرد حالة مختلفة، أو اخترع شيئا جديدا يثير الانتباه، أو نستخدم بند «Inbound Marketing» وهو يعني خلق مجتمع داخل المجتمع، وظهر في 2006 وما زال مستمرا حتى الآن، لأنه يخاطب المواطنين بنفس لهجتهم المستخدمة، بمعنى إذا أردنا نشر خبر عن أحد الأفراد كي يتحول إلى تريند يجب أن ننشر خبر مثير (+18) كي يخلق حالة من الجدل حول الشخص، أو أن الفرد يقوم بشيء خيالي مثل أخبار «أول شخص يسافر إلى القمر أو يبتكر شيئا جديدا».
مشاهدات مزيفة لليوتيوب
يحظى موقع «يوتيوب» بأكثر من مليار مستخدم شهريا، ونحو 6 مليارات ساعة مشاهدة شهرية لمقاطع الفيديو، ومليار مشاهدة يوميًا، كما يشهد الموقع رفع 100 ساعة من مقاطع الفيديو على خوادمه كل دقيقة.
وكل ما يهم في موقع «يوتيوب» هو عدد المشاهدات لأنه يدفع للفرد في مقابل المشاهدة، ومع ذلك، فمن المنطقى أن الشخص الذي لديه 10 آلاف مشترك مثلًا يكون لديه فرص للحصول على ألف مشاهدة أكثر من الشخص الذي يملك ألف مشترك فقط، كذلك دفع المعلنين الأموال عندما يقوم المشتركون بالنقر على الإعلان أو مشاهدة الفيديو لمدة نصف دقيقة.
ويبلغ متوسط تحقيق الربح عبر اليوتيوب من 50 سنة إلى 2 دولار لكل 1000 مشاهدة على اليوتيوب، وتعتمد على مكان المشاهدين والجمهور المستهدف، وهذه الأرقام تتغير باستمرار.
ويعد موقع «يوتيوب» من أبرز مصادر الدخل والربح والشهرة بالنسبة للبعض، لهذا تنشط بعض الشركات التسويقية في توفير مشاهدات له حتى لو كانت مزيفة.
روسيا اليوم
وفي تحقيق نشرته صحيفة «نيويورك تايمز»، أوضح أن هناك وسطاء للحصول على مشاهدات، يوفرها الكمبيوتر وليس البشر، وتَعِد بعدد غير محدود من المشاهدات في الفيديو، ورغم محاولة إيقافه لسنوات عديدة لم تنجح المنصة تمامًا.
وأوضح التحقيق أن البحث في جوجل يساعد المواطن بسهولة للوصول إلى مواقع تقدم طرقًا «سريعة» و«سهلة» لزيادة عدد مقاطع الفيديو بمقدار 500 أو 5000 أو حتى خمسة ملايين مشاهدة، حتى أن إعلانات هذه المواقع تظهر على نتائج «جوجل».
موقع Devumi.com
وكشف التحقيق عن أن موقع شراء المشاهدات «Devumi.com» ربح أكثر من 1.2 مليون دولار على مدى ثلاث سنوات من خلال بيع 196 مليون مشاهدة على «يوتيوب».
ومن عملاء «Devumi» مؤسسات إعلامية مثل «روسيا اليوم»، وصنّاع أفلام يعملون لصالح الأميركيين، ومجموعات محافظة، موسيقيين من المشاهدات.
وتعتمد هذه الشركات في زيادة المشاهدات على التكتيكات المتطورة باستمرار، بما في ذلك الزيارات الأتوماتيكية أو «البوت» ومقاطع الفيديو المنبثقة.
أما في مصر في يونيو 2018، بعد إعلان الفنان محمد رمضان، تصدره الماراثون الرمضاني السابق، ووصف مسلسله «نسر الصعيد»، بأنه رقم 1 من حيث نسب المشاهدة عبر موقع «يوتيوب»، أجرى أحد مهندسي البرمجة عبر موقع «فيس بوك»، بحثًا أثبت قيام مسلسل «نسر الصعيد» بشراء مشاهدات وهمية.
وكتب «أحمد فرحات» عبر صفحته عبر موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»: «إن القواعد المتعارف عليها في موقع يوتيوب، تقول إن عدد مشاهدات أي فيديو يتناسب مع عدد التعليقات عليه، والنسبة تقريبا 6%، يعني كل 100 مشاهد 6 منهم بيسيبوا تعليق على الفيديو، ودي إحصائية عالمية، وباستخدام أداة vidiq لتحليل الحلقة الأولى من مسلسل نسر الصعيد هيبان لأي حد أن التفاعل عليها نسبته 1% يعني أكيد ملعوب فيه، مشاهدات الحلقة على اليوتيوب تجاوزت ال 9 ملايين ونسبة التعليق 1%».
وأضاف: «واللى بيأكد التلاعب دا الإحصائية دي من موقع kedoo اللى بتبين أن الشركة المنتجة بتدفع فلوس في أوقات معينة بتشترى بيها مشاهدين ومشتركين وهميين علشان كدا المعدل بيزيد فجأة في وقت معين وبينزل فجأة في نفس الوقت ودا لأن المشاهدين من دول مختلفة، وكتير منهم من أجانب يعني مش بيعرفوا عربي أصلا، بيشوفوا الفيديو دقائق بسيطة».
qqtube
ونظرًا لأن التجارة الأكثر ربحًا في مجال «اليوتيوب» هي تجارة المشاهدات، خلال السنوات القليلة الماضية، ومع دخول أرباح ضخمة من صناعة الفيديو، ظهر مصطلح «youtuber»، بمعنى مقدم المحتوى عبر «يوتيوب»، ثم تحول الأمر إلى مهنة واحتراف.
ولهذا لجأت بعض شركات التسويق لجلب المزيد من المشاهدات من خلال استخدام بعض المواقع التي تزيد من معدل المشاهدات حتى لو كانت وهمية.
وأوضح «طاهر» أن موقع «qqtube.com» من أبرز المواقع التي تستخدم لزيادة عدد المشاهدات، ويمنحك تسجيل حساب على هذا الموقع 1000 مشاهدة مجانًا، ثم يعرض عليك باقته، التي تتيح لك مليون مشاهدة مقابل 400 دولار، و2 مليون ب800 دولار.
تواصلت محررة فيتو كذلك مع أحد مسوقي قناة «اليوتيوب» لتبين سعر المشاهدات والاشتراك بالقنوات الوهمية والحقيقية.
«في قناة جاهزه للبيع، فيها 650 مشترك.. ونحو 3725 ساعة مشاهدة» هكذا بدأ «أ.ي» أحد مسوقي قنوات اليوتيوب حديثه ل«فيتو» قائلًا إن سعر قناة اليوتيوب يبدأ من ألف جنيه للبيع، ويتم تزويدها بالمشاهدات، فالألف مشاهدة مزيفة يصل سعرها إلى 150 جنيها، أما الحقيقية 200 جنيه.