نسخة من مصر المحروسة .. فيها العالم والعابد.. «أبو دقن» وأبو سكسوكة وأرباب «التاتو» .. الليبرالى والمتأسلم والمستسلم.. البيه والبواب.. الدكتور والجزار والشاعر والفاجر وابن السبيل.. وأحمد ومنى ومينا وسلسبيل.. زورونا تجدوا ما يسركم، لكنكم أبدا لن تجدوا الصادق لم أكن أتوقع نجاحى فى إفشال الجلسة الأولى لمحاكمة مبارك، ولم أشعر بالسعادة إلا عندما هاتفنى الدكتور محمد بديع -المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين- يشكرنى على أفكارى العبقرية،ثم ماطلنى فى دفع المبلغ الذى اتفقنا عليه،والذى لم أكن انتظره بالفعل، لأننى لم أفعل شيئا سوى أننى كنت أستغل الأحداث لإقناع الشاطر ومرشده بأننى أفعل كل شيء، لأننى أعلم أنهم لن يوفوا بوعدهم كعادتهم، لكنى أردت الحصول على مبرر لفضحهم، ولأننى لا أخفيكم سرا كنت قد اتفقت معهم على إفشال المحاكمة أو تأجيلها على الأقل لكن مقابل مليون دولار أخضر، الأمر الذى لم يفعله المرشد والشاطر، وأخلا بالاتفاق، لذا قررت فضحهما، وسوف أقص عليكم ما دار داخل كواليس المحاكمة، فإلى هناك: بدأت الحكاية عندما اتصل بى المرشد وقال لى بالحرف الواحد: إلحقنى ياعم أبوطقة أنا محتاجك ضرورى، لازم تيجى حالا لمكتب الإرشاد لأن الكلام مش هينفع فى التليفون !! فقلت له: مهما كان الموضوع لا أستطيع أن آتى إلى مكتب الإرشاد كى لا يرانى شباب الثوار فيشكون أن هناك علاقة بينى وبينكم وأنكم أخونتمونى .. واتفقنا أن يكون اللقاء هنا فى بيتى، بعيدا عن الأنظار، وبعد نصف ساعة وجدت المرشد يطرق بابى، وكان معه المهندس خيرت الشاطر -مهندس كل العمليات- فأدخلتهما، وطلبا منى سرعة التدخل لعدم إعادة المحاكمة .. فقلت لهما: إن النائب العام أعلن عن ذلك، وكل الصحف والفضائيات تناولت هذا القرار، والشعب ينتظر إعادة المحاكمة ليرى ما سيسفر عنه قرار النائب العام .. فقال خيرت: هى دى المصيبة يا أبوطقة بيه، احنا كنا خلاص أوشكنا على إخراج مبارك من السجن بعد أن بدأنا بسلسلة البراءات لكل من كان بالسجن من رموز النظام السابق، وحصلنا على نصف أموال كل من حصل على البراءة عدا صفوت الشريف كان ماسك علينا مستندات لم يعلن لنا عنها إلا عندما خرج من السجن، فاتفقنا على أن نحصل على ربع أمواله فقط، ويانحلة لا تقرصينى ولاعايز عسل منك !! فقلت له: يعنى أنت بتحكى لى عن كل الأموال اللى داخلة كروشكم دى وعايزنى كمان أساعدك فى إفشال المحاكمة دون أن تقول لى كم نصيبى فى تلك العمليات !! فقال المرشد: حاسب عندك ياعم أبو طقة، فكل هذا قد تم دون أن نتفق معك على شيء!! قلت: لكننى ساعدتكم فى أشياء كثيرة دون أن أعلم أهدافكم، وكنت أظن أنكم تريدون صالح الوطن وليس صالحكم وصالح الجماعة !! فقال خيرت: انظر لى جيدا ياعم ابو طقة .. أنت ستحصل على نصيبك كاملا فى صفقة إفشال محاكمة مبارك التى ستقام يوم السبت 11مايو القادم واترك كل ما فات !! قلت: أوكيه ياعم الشاطر، لكن عايز أشوف فلوسكم قبل أن ابدأ فى أى شيء !! وهنا أخرج المرشد شيكا بمبلغ مائة ألف جنيه وقال لى: «شبرق» نفسك بالمبلغ ده، وعندما تنجح فى المهمة لك منا مليون جنيه مصرى !! قلت: مليون إيه يا أبو مليون أنت.. دى صفقه فيها مليارات ونصف أموال مبارك وأولاده ستتخطى المليارات .. أنا عايز مليون أخضر يعنى سبعة ملايين بالمصرى ودون مناقشة ولا فصال !! فربت المرشد على فخذ الشاطر الذى «ظغر» لى وقال: أوكيه ياعمنا فماذا ستفعل لإفشال المحاكمة؟! قلت له: سيبها على الله، أنا هاتصرف بمجرد أن اذهب إلى البنك واسحب المائة ألف وأذهب لأى منتجع أفكر هناك فى الأمر ثم ابلغك بالتحركات التى سوف تذهلك إن شاء الله، لكن لى شرط أولى !! قالوا فى نفس واحد: ماهو هذا الشرط !! قلت: أى تكاليف أو مصاريف أو إكراميات أو رشاوى للذين سيشتركون فى المؤامرة ستكون خارج مبلغ المليون دولار اللى اتفقنا عليه !! فقال المرشد: أوكيه، لكن حاول ألا تتعدى مليون دولار أخرى فى تحركاتك بأى شكل من الأشكال، وأظن أنه مبلغ كاف لتدفع منه لكل من سيشاركك وببذخ !! قلت: أوكيه اتفقنا يانجم أنت وهو !! خرج المرشد والشاطر وبدأت أنا فى إعداد حقيبة السفر للمنتجع،وفى طريقى مررت على احد البنوك وصرفت الشيك بكل سهولة ويسر لم أعتد عليها فى التعامل المالى مع الإخوان المسلمين .. لكنى قلت: جايز يكون ده طعم كى أكمل المهمة .. المهم أننى حولت المبلغ لحسابى وتوكلت على الله إلى أحد منتجعات شرم الشيخ وهناك بدأت الخطة !! _ فى البداية اتصلت بالمستشار محمود كامل الرشيدى -الرئيس بمحكمة جنايات شمال القاهرة -بعد أن علمت من خلال اتصالاتى أنه هو القاضى الذى سيرأس منصة المحكمة فى قضية محاكمة مبارك ونجليه والعادلى ومساعديه . وقلت له: كيف ستحاكمون مبارك دون أن تسمحوا للجميع بحضور المحاكمة .. فالناس تريد أن ترى المحاكمة !! قال: عموما أنا لا أسمح لأى مخلوق على وجه الأرض أن يتحدث معى فى تفاصيل المحاكمة، لكن أنت يا أبوطقة بيه عمنا ومقدرش أقول لك اقفل السكة !! قلت: طب ليه كده يا مستشار .. دا أنا بس بألفت نظر معاليك إن المحاكمة يجب أن تكون علانية لصالح إثبات الشفافية التى تتمتع بها معاليك ..وأنت عارف إن الإعلام يشكك فى شفافية الرسل والأنبياء هذه الأيام !! قال: معك حق ياعم أبوطقة.. لكنك رأيت ما حدث فى المحاكمة الأولى لمبارك عندما كانت تذاع على التليفزيون المصرى!! قلت: أنا عرضت وجهة نظرى وأرى أنها الأصوب فى كل الأحوال وآسف على إزعاج معاليك ياسيادة المستشار !! عقب أن أنهيت مكالمتى مع المستشار الرشيدى بنصف ساعة وجدت خبرا على شريط أخبار إحدى القنوات يشير الى أن محاكمة مبارك ستذاع على الهواء مباشرة على القناة الأولى المصرية، فتنفست الصعداء، وقلت فى نفسى: يبدو أن المستشار وجد أن رأيى صواب فأخذ به، وقمت بالاتصال بالمرشد، وقلت له: لقد أجريت اتصالاتى وجعلت المحاكمة على الهواء، وأنت عارف أن المحامين بيحبوا يظهروا فى التليفزيون على أنهم يدافعون عن حقوق الشهداء، فسيحدث هرج ومرج كفيل بتأجيل المحاكمة لمدة لن تقل عن شهر آخر، هذا إن لم يغضب عليهم القاضى ويحكم بالبراءة .. ياللا بقى حول لى ربع مليون أخضر علشان الناس اللى طلعت عينيهم حتى حصلوا على قرار البث المباشر للمحاكمة !! فقال لى المرشد: اعطهم وعدا بأننا سوف ندفع بمجرد أن نرى ذلك بأعيننا.. ولا تقلق ياعمنا فكلمتنا واحدة !ّ! قلت فى نفسى: أنا مش خسران حاجة، فالقاضى لن يشك أننى من الممكن أن استغل هذا الحدث لأنه يثق بى من ناحية، ومن ناحية أخرى لم يناقشنى فى شيء، والإخوان لن يجرؤوا على سؤال القاضى إن كان قد تعامل معى من عدمه وبالتأكيد هتعدى .. ثم اتصلت بمجموعة المحامين الذين يدافعون عن حقوق الشهداء واحدا تلو الآخر، وكل واحد أقول له: أنا عمك أبو طقة وعايز مصلحتك يا ابنى، أنا اعلم أنك أهم محام فى هؤلاء الذين يدافعون عن حقوق الشهداء، لكنك غير ظاهر، فحاول أن تقدم مذكرة للمحكمة تطلب فيها حضورك للجلسة، فالجلسة أصبحت علنية، ولا يجب ألا يراك الناس وأنت تصول وتجول فى المحكمة، لكن لا تقل لزملائك ذلك، وأنا سوف اتصل بالنائب العام كى يوافق على اقتراحك قبل أن تتقدم بطلبك، هيا ولا تفكر !! فيقول لى كل منهم: حاضر ياعمنا.. شكرا ياعم أبو طقة. ثم يذهب منفردا للنائب العام يطلب حضور الجلسة، الأمر الذى أزعج النائب العام الذى اتصلت به، وبعد السلام والتحية وتبادل الذكريات بيننا فى الكويت، سألته عن المحاكمة، فقال: ليس لأحد أن يسأل عن المحاكمة ياعم أبوطقة !! قلت له: أنا لا أسأل، لكنى سمعت أن المحامين طلبوا منك حضور الجلسة وأنت لم تجبهم حتى الآن، وعلمت أنهم سيقفون احتجاجا على عدم حضورهم، وأنا أرى أن هذا حق لهم، وأرى أنك لست فى حاجة إلى شوشرة أخرى !! قال: أنا أعلم أنه من حقهم، لكنى طلبت منهم أن يرشحوا ثلاثة منهم كى لا يحدث هرج ومرج داخل المحكمة لكنهم رفضوا .. قلت: طبعا سيرفضون لأن كل واحد منهم يرى أنه أفضل من الآخر.. وأنت تعرف المحامين ياعم طلعت .. عموما أنا ماليش أن أتدخل فى عملك.. لكن لو عايز رأيى يبقى خليهم يحضروا علشان لو مبارك طلع براءة فلا أحد يقول إن النائب العام هو السبب !! أنهيت مكالمتى مع طلعت وبعدها بنصف ساعة تقريبا وجدت على شريط الأخبار خبرا يشير الى أن النائب العام والمحكمة وافقوا على السماح لجميع المدعين بالحق المدنى بحضور المحاكمة، ولا يوجد تعنت ضدهم كما ادعى البعض !! اتصلت بالمرشد، وقلت له: عايز ربع مليون أخضر علشان أوزعه على المحامين الذين وقفوا أمام مكتب النائب العام يطالبون بحضور الجلسة علشان يعملوا دوشة والقاضى مايعرفش يسمع مين ولا مين .. أظن دى فكرة جهنمية ..بس أنا وعدتهم بأنى هظبطهم!! قال: مافيش مانع ياعم أبو طقة.. بس أشوف ده بعينى أثناء المحاكمة .. اوعدهم بأنك هتخلص معاهم بعد المحاكمة مباشرة ولاتقلق ياعمنا فكلمتنا واحدة !! المهم ماطولش عليكم ..قولوا لى طول.. قمت بالاتصال بمحمد عطيان .. وعطيان هذا هو من يلقبه الشباب بأبو الثوار .. وأنا لا أدرك كيف أنجب هذا الرجل كل هؤلاء الثوار ..ومن هى أم الثوار هذه التى تنجب كل هؤلاء .. بعد وصلة التهريج هذه مع الرجل سألته عن محاكمة مبارك يوم السبت، فقال لى إنه غير مهتم ولم يكن يعلم بموعدها ولايعرف مكان انعقادها .. فأبلغته بما لم يكن يعرف . وقلت له: لازم تكون هناك باعتبارك أبو الثوار وتذهب لتطالب بإعدام محمد مرسى واللى يقول لك دى محاكمة مبارك قل له أنا عارف بس أنا عايز إعدام محمد مرسى لأنه مطلب ثورى وأنا أبو الثوار .. ماتقلقش يا أبونا أنا هابعت لك عربية تاخدك من البيت للمحكمة .. فقال لى الرجل: لا تفعل ذلك.. أنا سوف اذهب بطريقتى .. فقلت فى نفسى: بركة أنها جات منك وماجاتش منى !! بعد ذلك اتصلت ببعض معدى البرامج وأبلغتهم بتلك الأخبار المتعاقبة على هامش المحاكمة، وأقنعتهم باستضافة كل المعارضين لمحاكمة مبارك قبل ليلة المحاكمة، الأمر الذى حدث بالفعل، فاتصلت بالمرشد ووصفت له ما حدث، وطلبت ربع مليون أخضر يتم توزيعه على كل هؤلاء، ومائة ألف للرجل الطيب أبو الثوار ومراته أم الثوار، فقال لى المرشد: أنت قائد تلك العملية وكل ماطلبته مجاب، لكن بعد أن نرى بأعيننا، وأنت تعلم أن كلمتنا واحدة !! جاء موعد المحاكمة السبت الماضى، فحدث كل هذا وأكثر منه من الأحداث التى تسببت فى تأجيل المحاكمة لجلسة 8 يونيو القادم مع صرف المتهمين المخلى سبيلهم من قبل، الأمر الذى نسبته إلى نفسى أيضا أمام المرشد، وحتى الاشتباكات التى وقعت أمام المحكمة بين أبناء مبارك «آسفين يا ريس» وأهالى الشهداء.. كل ذلك نسبته إلى نفسى .. حتى أن تصريحا لل«يو إس ايه توداى» كان يقول: «إعادة محاكمة مبارك لعبة تخلو من العدالة» نسبته أيضا إلى نفسى، وقلت للمرشد: إننى أنا الذى أبلغت الوكالة بهذا التقرير لوصف الوقائع قبل أن تحدث، وكعادته قال لى: نحن نشكرك ياعمنا على هذا الإنجاز الذى فعلته، وسنلبى كل طلباتك، لكن بعد براءة مبارك، وأنت تعلم إن كلمتنا واحدة. فقلت له: لقد تم تأجيل الجلسة وهى فى طريقها لبراءة مبارك. فقال لى: أمك فى العش ولا طارت ياعم أبو طقة؟ وهنا فهمت أنهم ينوون أن يخلوا بى كعادتهم، فأغلقت الهاتف وقررت أن أفضحهم فى تلك السطور، وقد فعلت !!