«مياه بني سويف» ترد على شكاوى انقطاع الخدمة في إهناسيا شهدت محافظة بني سويف، خلال الأسبوع المنقضي 4 حوادث قتل، معظم ضحاياها في مرحلة الشباب وكانت كلمة السر لهذه الجرائم هي «خلافات الجيرة» ما ينذر بظاهرة مجتمعية تثير حالة من الرعب، خاصة أن الجرائم الأربعة وقعت في مناطق شعبية وقرى ريفية، كنا نتغنى بقيمها ومبادئها. قرية الأنصاري البداية من قرية «الأنصار» التابعة لمركز إهناسيا، غرب بني سويف، حيث دفع «محمد سلامه أحمد ابوزيد» 28 عامًا، حياته، في مشاجرة بين والده وآخرين، بسبب خلافات الجيرة في الأرض الزراعية، فأصيب بعدة طعنات بسلاح أبيض وتم نقله غارقًا في دمائه للوحدة الصحية بقرية سدمنت الجبل، ليلفظ أنفاسه الأخيرة، قبل وصول سيارة الإسعاف التي نقلته جثة هامدة لمشرحة مستشفى بني سويف الجامعي. مشاجرات مستمرة وفى «أشمنت» التابعة لمركز ناصر، شمال بني سويف، دفع «أيمن على وديع» 24 عامًا، حياته، ثمنًا لخلافات الجيرة بينه وبين جاره «سليمان خالد» حيث كان المجنى عليه دائم الشجار مع والده وزوجة أبيه، وتدخل جاره في إحدى المرات وحاول فض المشاجرة بين المجنى عليه ووالده وزوجة أبيه إلا أن المجنى عليه اعتدى عليه بالضرب، وتربص به جاره، بعد شهرين من واقعة الاعتداء عليه، وعندما وجده يدخل لمصلى ملحق بمسجد التقوى دخل ورائه وطعنه في رقبته ويده وبطنه عدة طعنات، وتركه غارقا في دمائه، وفر هاربًا قبل أن يتم القبض عليه ويعترف بجريمته، ويبررها بقوله: «أهل البلد كل شوية يعايرونى بأنه ضربني فأخذت حقي وقتلته». قرية الدوالطة وفى قرية الدوالطة، التابعة لمركز بني سويف، والتي فقدت أحد شبابها "رجب أبو السعود" 23 سنة، يعمل بمخبز بلدي، حيث دفع حياته ثمنًا لشهامته، أثناء محاولته فض مشاجرة شبت بين العاملين بمخبز بلدي، ومجموعة من شباب المنطقة، نتيجة محاولة أحد الشباب الحصول على 5 أرغفة، بدون البطاقة التموينية، فرفض بائع المخبز، وحدثت بينهما مشادة كلامية، تطورت لمشاجرة واشتباك بالأيدي، تدخل خلاله عمال المخبز لمحاولة الفصل بينهما، وسادت حالة من الحزن أرجاء المنطقة خاصة أن الضحية كان يتمتع بحب واحترام جميع المترددين على المخبز. جزيرة المساعدة وفى قرية «جزيرة المساعدة» التابعة لمركز الواسطي، شمال بني سويف، مشاجرة بين أسرتين، بسبب خلافات الجيرة بين زوجتهما ولهو الأطفال، الأمر الذي أدى إلى مقتل وتدخل الزوجين، فوقعت مشاجرة بينهما، إذ قام «على ع.م»، 37 عامًا، كهربائى، بالتعدّي على «محمد م.م» 50 عامًا، مقاول، بآلة حادة، كانت بحوزته مما أدى إلى مقتله في الحال وقامت قوات الشرطة بإلقاء القبض على الجاني وزوجته وتم تحرير محضر بالواقعة رقم 22549، جنح مركز الواسطى وتولت النيابة التحقيق. ظاهرة اجتماعية من جانبه قال الدكتور جمال عبد المطلب، أستاذ علم الاجتماع بكلية الآداب بجامعة بني سويف، إن هذه الظاهرة ترجع لعدة أسباب اجتماعية، بدأت منذ سنوات وندفع ثمن نتائجها حاليًا، فأصبحنا الآن نعاني من انعدام سطوة العادات والتقاليد التي كانت لها قوة القانون والشرع، خاصة في القرى، إضافة لغياب الدور الرقابي الأسري، بعد أن بدأت الأسرة تترك ابنها للتنشئة الخارجية منذ سن الأربع سنوات، دون ضوابط أو رقابة أو متابعة القائمين على تنشئته في تلك المرحلة سواء بالحضانة أو المدرسة. الخوف من المعايرة وأشار أستاذ علم الاجتماع بكلية الآداب، إلى أن الحوادث التي شهدتها محافظة بني سويف في الفترة الأخيرة، بمتابعتنا لأحداثها وأقوال المتهمين والشهود، تجد أنها ترجع لحالة التفكك في العلاقات الأولية التي يعانى منها المجتمع في الوقت الحالى، فأفتقدنا في القرية قيمة العلاقات الأولية كعلاقات القرابة والجيرة والصداقة، ناهيك عن الخوف من الوشم أو ما يعرف بيننا ب«المعايرة» التي دائمًا ما تكون دافعًا للقتل والثأر.