اعتاد المتخصصون والمهتمون بشئون البورصة على التصريحات التى تصدر من هنا وهناك، وترويج أخبار تخص الشركات المتداولة فى سوق الأوراق المالية، بغرض التأثير سلبا أو إيجابا على التداولات وأسعار الأسهم، لكن أن يأتى هذا الفعل من جانب مسئول حكومى بحجم وزير المالية الدكتور المرسى حجازى، فهذا يمكن اعتباره سقطة كبرى تستدعى المحاسبة السياسية والقانونية، فالوزير الهمام بادر ظهيرة الثلاثاء الماضى بإعلان إحالة ملف التصالح مع شركة «أوراسكوم للإنشاء والصناعة» بشأن التهرب الضريبى إلى النيابة العامة، وهو ما ثبت أنه غير صحيح، وأن الوزير يكذب ولا يتجمل ما أثر سلبياً على تعاملات البورصة ودفع مؤشراتها للهبوط، ناهيك عما أصاب سهم الشركة نفسه من أضرار. المحللون وخبراء أسواق المال طالبوا بضرورة التصعيد ضد وزير المالية، لتعمده الإضرار بمستثمرى البورصة، وترويج أخبار كاذبة من شأنها التأثير على التعاملات، مطالبين فى الوقت ذاته بضرورة تعديل قانون سوق المال، بما يتيح محاسبة المسئولين بمن فيهم رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة والوزراء ورؤساء الشركات القابضة على التلاعب في البورصة. والتلاعب فى البورصة يقصد به قانوناً، أي عمل أو امتناع عن عمل بقصد التأثير علي أسعار تداول الأوراق المالية، يكون من شأنه الإضرار بكل أو ببعض المتعاملين في سوق الأوراق المالية. من جانبه، طالب محمد ماهر نائب رئيس الجمعية المصرية للأوراق المالية بضرورة محاسبة وزير المالية الدكتور المرسى حجازى بسبب تصريحاته المضللة، بشأن إحالة ملف التصالح مع شركة أوراسكوم للإنشاء والصناعة إلى النيابة العامة، مشيراً إلى أنه كان يجب على حجازى أن ينأى بنفسه عن الوقوع فى هذا الخطأ الفادح. ماهر أكد أن ما قام به وزير المالية يُعد تلاعبا واضحاً بالسوق، وساهم إلى حد كبير فى التأثير على قرارات المستثمرين، لافتاً فى الوقت ذاته إلى أن التصعيد ضد «حجازى» يقتصر فقط على المتضررين من تصريحاته. ويرى نائب رئيس الجمعية المصرية للأوراق المالية أن قانون سوق المال رقم 95 لسنة 1992 به قصور شديد، ولا يتيح محاسبة كبار المسئولين التنفيذيين – وفى مقدمتهم رئيس الجمهورية والوزراء حال إفصاحهم عن معلومات جوهرية تخص الشركات المقيدة بالبورصة المصرية. محسن عادل نائب رئيس الجمعية المصرية لدراسات التمويل والاستثمار شدد على ضرورة تعديل قانون سوق المال ووضع ضوابط صارمة فيما يتعلق بتصريحات المسئولين الحكوميين، التى تكون ذات صلة بسوق المال، أسوة بما هو معمول فى الولاياتالمتحدةالأمريكية ودول الاتحاد الأوربى، بما يضمن عدم حدوث تداخل فيما بينهما، خاصة وأن الفترة الماضية شهدت تكراراً لمثل هذه التصريحات من أكثر من جهة، بداية بتصريحات الرئيس محمد مرسى فى ذكرى الاحتفال بحرب أكتوبر، حول مراجعة الدولة للاتفاقيات التى تم إبرامها مع رجال الأعمال إبان النظام السابق، وانتهاء بتصريحات كاذبة ومضللة من وزير المالية بشأن مفاوضات مصلحة الضرائب مع أوراسكوم. ولفت عادل إلى سرعة تأثر البورصة لحظياً بأى تصريحات تخرج من الوزراء، بما لا يمكن تدارك انعكاساتها، مما يؤدى إلى حدوث تغيرات غير عادية داخل التعاملات، الأمر الذى يترتب عليه عادةً اتخاذ إجراءات استثنائية من جانب الجهات الرقابية والتنظيمية بالسوق، وعلى رأسها الهيئة العامة للرقابة المالية والبورصة، مشيرا إلى ما حدث من قبل إدارة البورصة بإلغاء كافة العمليات المنفذة على شركة «أوراسكوم للإنشاء» لاحتواء التضارب الذي أحدثه وزير المالية. فيما أكد هشام توفيق، عضو مجلس إدارة البورصة المصرية، ورئيس شركة «عربية أون لاين» لتداول الأوراق المالية، أن القصور الواضح فى قانون سوق المال لا يتيح مساءلة وزير المالية على تصريحاته المضللة بشأن إحالة حال ملف التصالح مع شركة «أوراسكوم للإنشاء والصناعة» إلى النيابة العامة ، والذى ثبت أنه غير صحيح. توفيق طالب بضرورة تعديل قانون سوق المال، بحيث تتم محاسبة المسئولين الحكوميين، متوقعاً فى الوقت نفسه استحالة محاسبة أي منهم إذا استمر القانون كما هو. ومن ناحية أخرى، تهرب الدكتور أشرف الشرقاوى رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية من الإجابة على أسئلة «فيتو» حول تصريحات «حجازى» المضللة التى تستدعى المحاسبة، مكتفيا بالقول «اقرأ القانون».