تفقد فريق بحثي من مركز بحوث الصحراء ووزارة الزراعة برئاسة الدكتور صفوت الحداد نائب وزير الزراعة لشئون الخدمات الزراعية، إحدى المناطق البحثية التي يجري حاليا تطبيق زراعة نبات "الكينوا"، وهو من المحاصيل ذات العائد المادي الكبير 14 دولارا للكيلو في حالة تصديره خام إلى الخارج، ويتميز بقلة استهلاكه للمياه بمعدلات تقل عن باقي المحاصيل بنسبة تصل إلى 75% من الاحتياجات المائية، مقارنة بالمحاصيل التقليدية مثل القمح والذرة والمحاصيل الإستراتيجية الأخرى. قال صفوت الحداد، عقب انتهاء زيارته لمنطقة "سنوره"، الواقعة في شرق محافظة بني سويف إن المزرعة البحثية تعد نموذجا للشراكة بين الأجهزة الحكومية والقطاع الخاص لتطبيقات العلوم، وتشكل نموذجا فريدا لغزو الصحراء من خلال زراعات عالية القيمة وقليلة الاستهلاك للمياه، مشيرا إلى أن نبات "الكينوا" تصل احتياجاته المائية لأقل من 800 متر مكعب من المياه خلال دورة الإنتاج التي تصل إلى 150 يوما. وأضاف نائب وزير الزراعة، أن الزيارة شملت تفقد عدد من الزراعات تحت نظام الصوب الزراعية "15 صوبة"، وفقا لتقنيات تستهدف توفير مياه الري وتكون أقل استهلاكا لها وأعلى إنتاجية، فضلا عن جودتها، موضحا أن تطبيق الممارسات الجيدة في زراعة الكينوا اعتمادا على الأصناف الهندية يضاعف إنتاجية المحصول لتصل إلى 2 طن للفدان بدلا من طن واحد فقط حاليا. وأوضح الحداد، أن الفريق البحثي تفقد زراعات عدد من النباتات الطبية والعطرية مثل القرطم، وزراعات الخضراوات مثل الفلفل الحار والكوسة، فضلا عن زراعة أشجار الكافور للاستفادة منها في إنتاج زيت الكافور أو في عمل مصدات للرياح، بالإضافة إلى إقامة مناطق لحصاد مياه الأمطار والسيول، مشيرا إلى أن الأصناف التي تم استحداثها من خلال مشروع إنتاج البذور المتحملة للملوحة ذات مردود اقتصادي واستثماري جيد وتستهدف المستثمرين الزراعيين، حيث توجد فوائد كبيرة لتلك الأصناف في صناعة الدواء ومستحضرات التجميل. وأشار الحداد إلى أهمية التوسع في زراعة نبات الكينوا لأهميته في إنتاج منتجات صحية لاحتوائه على نسبة عالية من البروتين يمكن الاستفادة منها في تحسين الخواص الصحية لرغيف الخبز، فضلا عن أهمية منقوع "الكينوا" في صناعة مستحضرات التجميل، موضحا أن المزرعة تتميز باستخدام تقنيات النانو تكنولوجي في ترشيد استهلاك الاسمدة وتوفير احتياجات النبات منها وفقا لهذه التقنيات، موضحا أن المشروع البحثي لإنتاج بذور المحاصيل المتحملة للملوحة والمتأقلمة للظروف المناخية الزراعية في مصر يعد مشروعا سباقا في نظرته المستقبلية ويتعامل مع الأزمات التي ستواجه كوكب الأرض خلال الفترة المقبلة بسبب ظاهرة الاحتباس الحراري وتراجع كميات المياه العذبة. وأضاف الحداد، أن إنتاج واستحداث أصناف نباتية جديدة تتحمل ملوحة التربة ومياه الري منخفضة الجودة يعتبر من أهم المشروعات التي يجب التركيز عليها في النشاط البحثي ويجب أن لا نتوقف عند ما توصلنا إليه في هذا المشروع، مشيرا إلى أن ظروف الطبيعة جعلتنا اليوم نبدأ في استغلال المساحات التي كانت تصنف كأراضِ قاحلة في تشكيل مجتمعات زراعية وعمرانية جديدة. ومن جانبه قالت الدكتورة شكرية المراكشي الخبيرة في زراعة النباتات الملحية ورئيس مجلس إدارة ايرو جيت لاستصلاح الأراضي، إن إستراتيجية التوجه نحو هذه الأنواع من المحاصيل تسير مع الأهداف الرئيسية للدولة في إستراتيجية التنمية المستدامة 2030، في تعمير الصحراء بالزراعة وإنتاج الغذاء والزراعات غير التقليدية بالاستغلال الأمثل لوحدة الأرض والمياه، من خلال زراعة الكينوا ذات القيمة الغذائية العالية، وظهرت نتائج جيدة للزراعة إلى جانب زراعة نباتات الذرة الرفيعة والخروع والقرطم، وأن العمل في الأرض يسير بأسلوب علمي يتماشى مع التغيرات المناخية خلال السنوات المقبلة، التي أصبحت الشغل الشاغل لكل المنظمات الدولية، فالزراعات غير التقليدية أصبحت تشكل مستقبل بقاء الإنسان على كوكب الأرض في ظل تنامي ظاهرة الاحتباس الحراري. وأكدت أن نبات الكينوا يعد أحد أهم أغذية المستقبل للإنسان لقيمته الغذائية المرتفعة، والأثر الصحي الإيجابي لها فيستخدم كبديل غذائي لمرضى حساسية القمح خاصة عند الأطفال لخلوها من الجلوتين (الحساسية المعوية للجلوتين)، وتحتوي البذور على نسبة عالية من الأحماض ومضادات أكسدة ونسبة دهون وأوميجا 6 الذي يعمل على رفع التركيز والقدرات الذهنية والنمو للطفل، وتقلل من أمراض القلب وتجلط الدم وترسب الكولسترول والدهون على جدار الشرايين، كما أن محتواها من الكالسيوم والحديد عالي وبالتالي يمكن عمل أغذية خاصة بها نسبة مرتفعة من هذه المواد، إلى جانب فوائد أخرى في مواجهة ضغط الدم والصداع النصفي وتحسين وظائف الكبد.