اللواء علاء عزالدين: استغلال حاجاتنا فى اختراق الأمن القومى غير مقبول أثارت الوثيقة الخطيرة التى حصلت عليها «فيتو» حول المذكرة السرية الخاصة بالمطالب القطرية، والتى تكشف حقيقة اتفاقات وشروط «ما تحت الترابيزة»، قبل موافقة الشيخ حمد بن خليفة آل ثانى -أمير قطر- على الاكتتاب فى السندات الدولارية للحكومة المصرية، أثارت الكثير من ردود الأفعال الرافضة لإعطاء قطر تلك المعلومات -التى وصفت بالخاصة جداً-التى تضر الأمن القومى المصرى، خصوصا أن المذكرة المكونة من 13 صفحة كانت تسأل عن أمور لا تمت للاقتصاد بصلة، ومنها السؤال عن اتفاقيات الدفاع المشتركة وإمكانية أن يكون هناك إصلاح قادم فى الجيش المصري. وقد أحدث نشر «فيتو» لوثيقة المعلومات غليانا فى وزارة المالية والوزارات الاقتصادية، وأكد خبراء ومحللون بالبورصة أن هذه المعلومات تهدد القطاع المصرفى بالانهيار. اللواء أركان حرب علاء عز الدين الخبير الاستراتيجى، مدير مركز دراسات القوات المسلحة السابق قال إن هذه الأسئلة التى جاءت بالمذكرة ليس لها علاقة بالاقتصاد، وقد تناولت اتفاقيات الدفاع المشترك والقوات المسلحة، مشيراً إلى أن شراء سندات يكون مقابل حقوق فى أمور تضمن لهم المال، لكن استغلال حاجة مصر فى اختراق الأمن القومى المصرى يعد أمرا غير مقبول. الدكتور عالية المهدى -مدير مركز البحوث الاقتصادية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية - تقول إن الأسئلة المطلوبة بالوثيقة ليست هى الأسئلة التى تُطلب فى حالة حصول دولة على قرض أو معونة اقتصادية، مشيرة إلى أن الأسئلة المطلوب الإجابة عليها غريبة وحساسة «لم نسمع بها من قبل»، وأضافت أنه فى حالة منح دولة لقرض أو معونة فالمطلوب معرفة موارد الدولة الممكنة والمتاحة لترد الدولة قيمة القرض الممنوح، ويكون المطلوب معرفة إذا ما كانت موارد الدولة دائمة أم لا لتحقيق المطلوب، أما السؤال عن اتفاقيات عسكرية أو بيانات عن السكان والدستور وغيرها فهذه أمور غير موجودة ولم نسمع عنها من قبل، وإذا أرادوا الاطمئنان على رد قيمة القرض فالمطلوب فقط معلومات خاصة بالشأن الاقتصادى وموارد رد الدين أو الفائدة . الخبير الإقتصادى الدكتور حمدى عبد العظيم. أكد أنه لا يجوز طلب المزيد من المعلومات غير الاقتصادية والتى تمس الأمن القومى لأنها ببساطة تعد تجسسا، وتوضع تحت بند معلومات يساء استخدامها ضد مصلحة البلد، والتى تمنح لدولة أجنبية لتسيء لمصر، فمنح القروض يحتاج لبيانات خاصة بالعائد المالى والناتج المحلى ومعدل التضخم والبطالة، للحكم على الاقتصاد كنوع من أنواع التقييم المالى والائتمانى لمصر، وتستخدم قطر هذه المعلومات كرغبة فى السيطرة واستخدام المعلومات لإضعاف الاقتصاد المصري. الدكتور جهاد عودة -أستاذ العلوم السياسية بجامعة حلوان- قال إن أى دولة تعطى معونة مالية لدولة أخرى، تطلب مجموعة من المعلومات الأساسية، وهناك فرق ما بين مستوى المعلومات، فمن الممكن أن تأتى تلك المعلومات فى 7 صفحات، لكن التطرق جاء لمستوى آخر من المعلومات- مستويات مخابراتية- وليست مستويات متعلقة بالتبادل المشترك وهو يتطلب معلومات معينة، حتى فى النظام الدولى والوثائق الدولية من المفترض الإجابة عليها، لكن الوصول إلى 13 صفحة من المعلومات أو الأسئلة المعلوماتية فهذا أمر لم يحدث، إلا إذا كانت الأسئلة تتعلق بالأمر المخابراتى ومعرفة أمور متعلقة بالدولة تحت تحت إطار «السرية». وقال إن تلك المعلومات بهذا الشكل تضر بالأمن القومى المصري، ومن الممكن أن يتم تبادل تلك المعلومات التى سيتم الحصول عليها من مصر ليتم تبادلها مع أجهزة مخابراتية أخرى، تضر بأمننا وإرادتنا بحيث لا يكون لنا الإرادة على وطننا، مؤكداً أن تلك المعلومات لم تطلب من قبل من هيئات دولية، فمثلاً عندما بدأنا نعمل السندات المصرية فى لندن، تم التحقق فى كثير من المعلومات المالية وأصول السندات المالية وكيف يتم تغطيتها وكل المعلومات كانت تخص القطاع المالى ولم يتم التطرق لأمور عسكرية مخابراتية لأن لها حساسية خاصة والمعلومات تتبادل وفق الحاجة والاحتياج، والمعلومات المطلوبة خارج الاحتياج. ما ذكره خبراء الأمن وأساتذة السياسة لا يختلف فى ثورة غضبه عما حدث فى الأوساط المالية، فقد انقلبت وزارة المالية رأساً على عقب صباح الثلاثاء الماضى، ودعا الدكتور المرسى حجازى لاجتماع عاجل بمكتبه، ضم كبار مساعدى الوزير وعلى رأسهم الدكتور سامى خلاف مستشار الوزير للدين العام، وحمله مسئولية تسريب الشروط القطرية الخاصة لوسائل الإعلام، خاصة بعد الضجيج الإعلامى لنشر المستندات بوسائل الإعلام مساء الإثنين، كما أجرى اتصالا بكل من الدكتور أشرف العربى -وزير التخطيط والتعاون الدولى- وأسامة صالح -وزير الاستثمار- وحاتم صالح -وزير الصناعة والتجارة الخارجية - وطلب عدم خروج أى ردود رسمية حول الموضوع، كما طالب «حجازى» من «خلاف» سرعة التعامل مع الموقف الذى أحرج وزير المالية، خاصة وأن التعديل الوزارى على الأبواب. أما الوضع فى باقى الوزارات الاقتصادية (التعاون الدولى والتجارة والصناعة والاستثمار) فكان مشتعلاً هو الآخر ولكن بصورة أقل، خاصة وأن «المالية» هى المسئولة عن التفاوض مع الجانب القطرى لإنهاء إعداد شروط نشرة الاكتتاب، وأن مسئوليتها انحصرت فقط فى الرد على الأسئلة والاستفسارات القطرية. أما الهيئات والمؤسسات الاقتصادية فكان الوضع مختلفا، فقد سادت حالة من الاستياء فى أروقة اتحاد الصناعات المصرية، خاصة وأن الأسئلة والاستفسارات القطرية اشترطت موافاة قطر بأسماء أهم رجال الأعمال العاملين فى مصر فى كل من قطاعات صناعة المنسوجات والملابس الجاهزة والصناعات الاستخراجية والمعدنية والطاقة والاتصالات والبناء والتشييد والقطاع العقارى والصناعات الغذائية والخدمات والنقل والزراعة، الأمر الذى أثار حفيظة أعضاء الاتحاد نفسه وعلى رأسهم جلال الزوربا رئيس الاتحاد وأحد كبار المستثمرين فى قطاع الملابس الجاهزة. ومن جانبه رفض الزوربا ما جاء بالأسئلة القطرية التى تتعلق بالأمن القومى والمؤسسات السيادية والقوات المسلحة، مشيراً إلى أنه كان يتعين على الحكومة القطرية تعيين مستشار مالى يقوم بجمع كافة المعلومات المتعلقة بقدرة مصر على سداد ديونها. أما فى البنك المركزى فسادت حالة من الفرح بسبب فضح المخطط القطرى عبر جريدة «فيتو» على الرغم من انفرادها الشهر الماضى بنشر مذكرات محافظ البنك المركزى هشام رامز فى أمن الدولة، وقال مسئول بارز بالبنك إن الأسئلة المتعلقة بالبنك المركزى ضمن الشروط القطرية للموافقة على الاكتتاب فى السندات القطرية ب»العادية»، واصفاً باقى الاستفسارات ب»الكارثة» خاصة المتعلقة بالأمن القومى والأجهزة السيادية . وسادت حالة من الاستياء بالبورصة المصرية عقب الانفراد الذى نشرته «فيتو» العدد الماضى حول الشروط القطرية للاكتتاب في السندات الدولارية المصرية بقيمة 3 مليارات دولار، فقد أصيب المحللون وخبراء سوق المال بالصدمة.