" تقليد أعمى، رد للجميل، خوف مستمر، محاولات للدفاع عن النفس" أنماط من الأمراض النفسية، تعانيها فئة كبيرة من التيارات الإسلامية الموجودة على الساحة حاليا،هذا ما أكدته الدكتورة هبة العيسوى، أستاذ الطب النفسى بجامعة عين شمس، فى تحليلها للجماعات الإسلامية المسلحة. وأضافت "العيسوى" فى حوار ل"فيتو" أنه برغم المراجعات التى أعلنتها الجماعة الإسلامية والجهاديون لم تنجح بالشكل الكامل، مشيرة إلى أن الظروف التى تمر بها البلاد حاليا مهيئة لعودة تيار العنف فى مصر مرة أخرى، داعية مختلف التيارات الإسلامية إلى مراجعة مبادئها، ومناهجها، وذلك من خلال فتح باب الحوار والنقاش، بجانب العلاج النفسى. وإلى نص الحوار: ما الدوافع النفسية لحامل السلاح؟ - هناك ثلاثة أنماط لحاملى السلاح، الأول «المقلدون والتابعون» مثل أنصار الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل، ثم «الخائفون» ويستخدمون السلاح للدفاع عن النفس، والثالث «العنف التهديدى» وهى الجماعة التى تستخدم السلاح لإرهاب الآخر وتهديده من أجل تغيير آرائه وأيديولوجياته. وكل نمط من هذه الأنماط الثلاثة له طريقة تعامل مختلفة تماما، حيث إن كل نمط له تركيبة نفسية وأسباب اجتماعية تدفعه إلى ذلك. ما حدث فى الاتحادية وأمام مدينة الإنتاج الإعلامى يعبر عن أى نمط؟ - أحداث الاتحادية تعبر عن الفئة الثالثة، وهى جماعة الإخوان التى ترهب المعارضين لها بالسلاح للضغط عليهم وتغيير أيديولوجيتهم، بينما ما حدث من أنصار "أبو إسماعيل" أمام مدينة الإنتاج الإعلامى هو شىء مختلف تماما، فهم مقلدون وليس لديهم أيديولوجيات، ولكنهم مثل تنظيم القاعدة يتبعون زعيمهم. والجماعة التى ارتكبت أحداث الاتحادية هى جماعة تحت تأثير عملية «غسيل مخ» وهؤلاء الناس على قدر متوسط من التعليم والذكاء، وهذا القدر يتم العمل والتركيز عليه لفترة طويلة من التقرب إليه والتعرف على مشاكله والعمل على حلها إلى أن يشعر بالأخوة، وعندما تجد هذه المجموعة أن هناك من يهدد قاداتها، لا يكون أمامهم سوى التضامن معهم ومحاولة رد الجميل. وفى حادث الاتحادية شباب الإخوان لم يكونوا مأمورين باستخدام العنف، لكن لديهم الحافز للضرب والقتل من أجل أصحاب الفضل عليهم، وكل هذا يتم رغم عدم وجود أمر مباشر بالضرب أو القتل، لكن يتم بعد أن تكون الجماعة قد وفرت لهم كل السبل والتدريب القتالى. وفى هذا السياق نشير إلى أن مرسى لا يشعر بأن يديه ملوثتان بدماء الشهداء لأنه لم يعط أوامر مباشرة بالضرب والهجوم، لكن من جانب آخر الجماعة قد علمت هؤلاء ودربتهم ووفرت لهم الأسلحة، أما جماعة "أبو إسماعيل"، فهى تعانى «الاتباع القهرى» وهو أحد الأمراض النفسية، بمعنى أن يسيطر على الإنسان فكرة معينة لا يستطيع التخلص منها، والفكرة الأساسية لديهم هى التبعية للشيخ حازم أبو إسماعيل. من الناحية النفسية هل يمكن أن تقدم جماعة الإخوان وأنصار "أبو إسماعيل" على مراجعة مواقفهم؟ - المراجعات تكون من الصفوة، حيث إن المنتمين لتلك التيارات والجماعات ليسوا فاعلين بل مفعولا بهم، وهذا هو الصف الثانى أو الثالث، لكن من يحتاج للمراجعات هم الصف الأول، ومسألة المراجعات من الوارد حدوثها مثلما حدث مع الجماعة الإسلامية عندما ندموا على قتل السادات وأعلنوا مراجعة مناهجهم، وهذه تكون سياسة طويلة المدى، لكن نحن فى حاجة إلى سياسة قصيرة المدى تعتمد على توظيف هؤلاء الأفراد بشكل قانونى عن طريق تكوين أحزاب لهم، وبالتالى يكون الاتباع من خلال الحزب، وعلى سبيل المثال فى حزب الحرية والعدالة إذا أرادوا إصلاحا فعليهم أن يدمجوا هؤلاء الشباب فى حزبهم وتكون لهم وظيفة أخرى غير تجييش الجيوش، وأن تكون هناك طريقة أخرى للتعامل المجتمعى. هل يتوب حامل السلاح ويتراجع عن منهج العنف؟ - حامل السلاح فى الاتحادية أو «حازمون» ليس مجرما بطبعه، بخلاف البلطجى، ولكن الصنف الأول من حامل السلاح والثالث هو ليس مجرما بطبعه، ولكن السلوك الإجرامى فرض عليه، وإذا أتته تعليمات من القيادة تقول له بأن ذلك حرام ولا يصح ولا يجوز وخطأ شرعا، سيتوقف العنف، ماعدا القلة التى لديها رواسب إجرامية. هل نجحت مراجعات الجماعة الإسلامية والجهاد فى تحقيق أهدافها؟ - إلى حد ما.. ولكن فلسفة التغيير لما يرونه خطأ لم تتغير. هل إعلان الإخوان والسلفيين استعدادهم لتقديم شهداء لنصرة الشريعة يعتبر بداية عودة تيار العنف؟ - المفتاح فى كلمة «شهيد» التى تؤجج لدى الميليشيات التابعة لهم شعور العنف، وأيضا ليس بالأمر المباشر، لكن بفتح شهيتهم بكلمة شهيد، وأن مصيره الجنة. هل المناخ والظروف السائدة فى البلاد الآن يهيئان لعودة تيار العنف؟ - بالفعل الظروف مهيأة لذلك، بسبب طبيعة إدارة البلاد وارتفاع صوت الإسلاميين والفوضى الأمنية وتقسيم المجتمع إلى مسلم وكافر. هل يوجد علاج نفسى لحامل السلاح ؟ - حامل السلاح يعانى مشاكل نفسية، ولو تحول إلى مجرم سيكون العلاج طويلا، ويعتمد على العلاج النفسى والسلوكى.