فتح الدكتور "خالد علم الدين"؛ المستشار الرئاسى السابق وعضو مجلس شورى الدعوة السلفية، النار على الرئيس مرسى وجماعته، وحمّلهم مسئولية تدهور الأوضاع فى البلاد، معتبرًا الإعلان الدستورى الذى أصدره مرسى فى نوفمبر الماضى سبب معاناة المصريين فى الوقت الراهن . الدكتور علم الدين أكد فى حواره مع "فيتو" أن خطر الإخوان المسلمين أشد على العقيدة الإسلامية من إيران، مشيرًا إلى أن الجماعة حاربت السلفيين من أجل الاستئثار بتمثيل التيارات الإسلامية والانفراد بالسلطة . وكشف عن أساليب الجماعة فى أخونة مؤسسات الدولة، وحرصها على استقطاب الشرطة والجيش بعزل القيادات المؤثرة، متوقعًا حدوث مذبحة للقضاة فى حالة فشل مساعى أخونة هذه المؤسسة.. وفيما يلى نص الحوار: # كيف تقرأ اضطرابات الساحة المصرية؟ ** الحقيقة أننا كنا نأمل أن يكون للإخوان فعلًا خطط ومشروع حقيقى للنهوض بالوطن وقدرة على إدارة البلاد، وكنا نتوقع أن ينفذوا وعودهم بعدم الانفراد بإدارة البلاد وإشراك الجميع معهم، والانفتاح على كافة القوى الوطنية، بحيث يكون هناك توافق وطنى نعبر به المرحلة الحالية، لكنهم خيّبوا كل آمالنا، بل تسببوا فى استقطاب سياسى أحدث انفلاتًا أمنيًّا، أعقبه انهيار وتردٍّ فى الأوضاع الاقتصادية، مما أصاب الشعب بحالة من الغضب والإحباط بعد تفاؤله بتولى رئيس وحكومة، فلم تحدث تنمية ولا الأموال عادت ولا حقوق أخذت، وما يحدث رد فعل طبيعى لشعب غاضب وشباب يتم الاعتداء عليه ويعذب ويسجن، وإعلام يتم تهديده، ومحاولات لأخونة القضاء، واتهامات له بعدم النزاهة . # كنت قريبًا من القصر الرئاسى، هل يمكن أن تشرح لنا كيف يصنع القرار؟ ** بإيجاز الرئيس يحاول، لكن ليس هناك مؤسسية بالشكل الجيد، ولا تدار الرئاسة بشكل مؤسسى أو احترافى، لكن بمجموعة من المستشارين والمساعدين غير الأكفاء، وبعضهم مساعد ومستشار للرئيس دون صفة رسمية من وراء الستار، وأفراد ينتمون لحزب الحرية والعدالة فى مكتب الرئيس على علاقة واتصال مستمر بمكتب الإرشاد، فكل من ينتمى للإخوان داخل الرئاسة هو فقط الذى يُستشار؟ # الرئيس اختار فى البداية هيئة استشارية من كافة الأطياف.. كيف كان دورهم؟ ** المستشارون من غير الحرية والعدالة لم يُستشاروا فى القضايا الهامة، وكان هذا واضحًا فى اتخاذ القرارات، خاصة الإعلان الدستورى المكمل الذى أعلن بعده نائب الرئيس المستشار محمود مكى أنه لا يعرف أى شىء عنه إلا من الإعلام، ولم يعرف أحد عن الإعلان سوى الإخوان وفقط . # لكن أبناء التيار الإسلامى وأنت أحدهم دافعتم عن الإعلان الدستورى رغم أنه تسبب فى غضب شعبى واستقالة مستشارى الرئيس؟ ** لم أدافع عن الإعلان الدستورى، بل أسميته فى ذلك الوقت كغيرى بالإعلان المكبل، وانتقده حزب النور، وتم تعديله خاصة فى نقطة تحصين قرارات الرئيس، ودعنى أعترف أن هذا الإعلان كان سبب الانقسام والاستقطاب والمعاناة التى نحن فيها، خاصة وأن صياغته كانت سيئة . # من الذى كان متواجدًا فى اللجنة القانونية التى وضعت الإعلان الدستورى؟ ** لا أدرى من أشار على الرئيس بذلك، وعرفنا به من الإعلام، وكانت الرئاسة تطلب منا الحضور لإبلاغنا ما الذى يجب أن نقوله لنحشد الشعب فى تأييد الرئيس، فلم يكن هناك اجتماع بنا إلا فى كل موقف يثار الجدل فيه حول قانون أو قرار، بهدف تعبئة الرأى العام، وهذا الأسلوب كنا نرفضه . # بما تفسر العلاقة بين الدعوة السلفية وحزبها النور؟ وانقلاب علاقتهما بالإخوان من الوئام إلى الصراع الشرس الآن؟ ** العلاقة بيننا فى حزب النور والدعوة السلفية خلافية ومتشابكة، أما فيما يخص العلاقة بين النور والإخوان فلم ترد الجماعة أو تتوقع أن نقوم بإنشاء حزب، ولم تكن ترغب أن يكون لأى تيار سلفى حزب؛ حتى ينفردوا بتمثيل الإسلاميين باعتبارهم الجماعة الأقدم، فضلًا عن سلوكها السابق فى الدعوة، فهى تتعامل مع التيارات الإسلامية كأنها الوصى، وأى محاولة للتيار السلفى للاستقلال تواجه بحرب من خلال وسائل مختلفة . # لكن العلاقة بين السلفيين والإخوان مرت بشهر عسل طويل؟ ** فى البداية رفضنا رغبة الإخوان فى التحالف معنا فى انتخابات مجلس 2012؛ لأن التحالف ضم أحزابًا ذات مرجعية ليست إسلامية، فانسحبنا وأنشأنا تحالفًا مع الجماعة الإسلامية، ونجحنا فى الانتخابات بشكل أزعج الجماعة على حد ظنى، حتى أتت انتخابات الرئاسة وطلب الإخوان مساعدتهم، لكنهم فوجئوا بتأييدنا للدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، لدرجة أنهم سبوا مشايخ الدعوة ووجّهوا لنا اتهامات باطلة، ورغم هذه الإهانات جاءوا لنا فى جولة الإعادة وتناسوا شتائمهم لنا بكل سهولة، وطلبوا أن ندعمهم بعد أن منحونا عهودًا ومواثيق . # ما هى النقاط التى اتفقت عليها الدعوة مع الإخوان؟ ** أولًا عدم الانفراد بالحكم والاستئثار بالسلطة، وأن يكون هناك تشاور قبل أخذ قرارات مصيرية، وتشكيل حكومة توافقية من كل القوى الوطنية، وأخيرًا استقلال القضاء وحرية الإعلام وعدم التضييق عليهم، والتوازن فى تشكيل الفريق الرئاسى، لكنهم نقضوا الوعود وأخلّوا بها، وما تم تنفيذه يتم تفريغه من معناه الحقيقى بالتهميش . # وما الذى يمنع رئيسًا لديه سلطة من عدم تنفيذ وعوده أو إشراك القوى السياسية معه؟ ** ببساطة حب الانفراد بالسلطة وعدم مشاركة الآخرين نزعة موجودة لديه . # لكن رغم هذا ظلت الدعوة السلفية تدعم الرئيس.. فلماذا؟ ** استمر دعمنا فى محاولة لإنجاح الرئيس والمشروع الإسلامى، ولم نكن نعرف هذا الشغف للاستئثار بالسلطة، ولم تظهر عملية الأخونة بهذا الشكل الكبير، وكنا نريد استقرار الدولة، خاصة وأننا اعتقدنا بوجود دستور ومجلس شعب وشورى أن تتجه الأوضاع إلى الأفضل . # البعض فسر سكوت "النور" رغم الخلاف كان بسبب تمرير دستور على هواكم؟ ** ليس صحيحًا، فقد كنا نرى أن هذا الدستور لو لم ينجز لن يكون هناك دستور، وكانت هناك محاولات لإسقاط الجمعية التأسيسية، ورأينا أن الانتهاء منه سيضعنا على بداية طريق الاستقرار، وكنا نريد أن يكون هناك مؤسسات قوية بمشاركة كافة القوى السياسية، لكن الإقصاء والاستقطاب كان سببًا فى ذلك الخلاف الشديد . # هل فعلا تصدر القرارات الرئاسية من مكتب الإرشاد ويصدق عليها الدكتور مرسى؟ ** أنا أظن أن العلاقة بين المجموعة المحيطة بالرئيس والمنتمين للحرية والعدالة على اتصال دائم بمكتب الإرشاد من خلال التواصل المستمر والمشورة بينهم وبين مكتب الإرشاد، فهم عملوا كدور وسيط ينقلون بين الرئيس والإرشاد قبل أخذ القرارات . # وما الدور الذى كان يلعبه المستشار محمود مكى، ولماذا اختير نائبًا للرئيس؟ ** المستشار محمود مكى من الوطنيين والمخلصين، وكان قويًّا، لكنهم لم ينفذوا وعدهم له بدور هام وصلاحيات واسعة، بل كان الرجل كثيرًا ما يشعر بالغضب بسبب قرارات يتم أخذها دون العودة إليه أو مشاورته، إلا أنه آثر أن يستمر حتى يتم إقرار الدستور . # هل عدم تشاور الرئيس كان سبب تراجعه عن الكثير من قراراته؟ ** مساعدو الرئيس ومن يأخذ القرار غير محترف، والضغوط التى كانت على الرئيس من الداخل والخارج قوية جدًّا، والمعارضة كانت تهول الأمور بشكل مستمر، والإعلام أيضًا كان ضاغطًا بشكل سلبى، لذلك كان هناك ارتباك. # هل طلب خيرت الشاطر نزول الإسلاميين مع الإخوان فى معركة الاتحادية؟ ** طلب ورفضنا، وكان يتحجج بأن هناك محاولة اقتحام، وكان يتحدث عن ضرورة التواجد والحشد لحماية الرئيس، لكننا قلنا له إن الصدام قد يحدث وقد يسقط ضحايا، وهو ما حدث بالفعل . # كيف تتم عملية أخونة الدولة؟ ** تبدأ بتعيين نائب إخوانى للمحافظ أو الوزير؛ ليعرف كل تفاصيل ما يدور فى الوزارة أو المحافظة، وفى نفس الوقت هو غير واضح للجماهير، كما يحق للمسئول الإخوانى ان يكون له اتصال مباشر مع الرئاسة، وبالتالى يخاف المحافظ أو الوزير على منصبه، فيضطر للسكوت، وأمامنا مثالان على ذلك هما: نائب المحافظ بالإسكندرية "حسن البرنس"، الذى يعتبر المحافظ الفعلى، وكل التعاقدات مع الشركات هو من يتولى إبرام العقود فيها، والمحافظ لا دور له تقريبًا، وفى محافظة كفر الشيخ يوجد محافظ إخوانى هو سعد الحسينى؛ الذى عيّن سكرتير محافظ ثانيًا إخوانيًّا على الرغم من وجود سكرتير محافظ أول، لكن الحسينى يعتمد على سكرتيره الإخوانى فى اتخاذ القرارت، وبعد أن يخرج الحسينى ليكون وزيرًا يستلم منه مساعده الراية، فهناك عمليات للأخونة فى الدولة تتم بشكل كبير جدًّا، وهناك لجنة من الإخوان تتابع أجهزة الدولة، ومهمتها تقديم تقارير عن التغييرات أو أى طلب يخص الإخوان فقط ومصلحتهم بعيدًا عن مؤسسات الدولة . # وهل تساعد الرئاسة المسئولين الإخوان دون غيرهم؟ ** هناك صلاحيات كاملة ودعم واتصال مباشر لأى مسئول إخوانى بالرئاسة، وتسهيلات لا يحصل عليها وزراء أكفاء، بل على العكس مقيدون، والدعم والحرية مقصوران على الوزير أو المحافظ الإخوانى، أو التابع لهم فقط، باعتبارهم أهل الثقة، وأرى أنه لو أعطيت صلاحيات لباقى الوزراء لأنجزوا . # كيف تدار الدولة فى الشئون الخارجية؟ لأن تعيين وزير للخارجية إخوانى أمر خطر وصعب، ولن يقبل به أحد، قاموا بتعيين مساعد للرئيس يتولى شئون العلاقات الخارجية وتهميش دور وزير الخارجية ووزارته، واكتفائها بالأعمال الإدارية التنظيمية بعيدًا عن الأعمال الاستراتيجية والتخطيط الذى يقوم به الدكتور عصام الحداد، وفى وزارة الداخلية والجيش تقوم الجماعة بتغيير القيادات الكبيرة والشخصيات البارزة فيها، وخطوة خطوة يتم السيطرة عليهم . # ما رأيك فى أداء حكومة الدكتور قنديل؟ وهل تؤيد استمرارها؟ ** الحكومة فاشلة، وتغييرها حاليا أفضل حل، خاصة وأننا كنا نرفض تغييرها مع دخول انتخابات مجلس الشعب، أما الآن فتغييرها واجب؛ لأنها حكومة تسيير أعمال، ورغم ذلك تقوم الآن باتفاقات وتقدم مشروعات قوانين، ومجلس الشورى يقوم بدور مجلس الشعب بصلاحيات لا يملكها . # وكيف ترى أداء المعارضة، وهل فعلا تتحمل الدماء التى تسقط كما يتهمها الإخوان؟ ** أعترض بشدة على آليات العنف التى تستخدمها المعارضة، وخاصة إعطاء العنف غطاءً سياسيًّا، وهى ليست ناضجة، وليس لديها وجود حقيقى، لذلك لا تستطيع النزول للشارع، كما أنها لا تمتلك رؤية إصلاحية وبرنامجًا حقيقيًّا تعرضه على الشعب. # هل يمكن أن تحدث ثورة جديدة أو انقلاب عسكرى فى مصر؟ ** لا أخشى انقلابًا عسكريًّا أو ثورة جديدة أو فتنة طائفية أو ثورة جياع، إنما أخشى الأخطر، وهو أن نظل فى هذا التوهان حتى السقوط، وأن نبقى "محلك سر"، وندور حول أنفسنا فترة من الزمن فى ظل أحوال تتردى واقتصاد ينهار. # هل هناك تربص بشخص الأزهر بعد موقفه من الصكوك؟ وهل يمكن أن نرى مذبحة للقضاء؟ ** هناك تربص بالأزهر وشيخه والقضاء والإعلام والمعارضة وبالقوى الإسلامية غير الموالية للإخوان، وهناك محاولات لقتل شيخ الأزهر معنويا بتحميله مسئولية شىء ليس من اختصاصه، وكل ذلك لإرهاب الدكتور أحمد الطيب، وكذلك تحاول الجماعة أخونة القضاء، ولو فشلت تكون هناك مذبحة للقضاة. # لماذا يصر الإخوان على التقارب مع إيران؟ **أنا شخصيًّا أستغرب الهيام الإخوانى بإيران، وأقول لهم: لا نخشى إيران بقدر ما نخشى منكم أنتم ومن تهاونكم فى العقيدة . # هل كان للإخوان دور فى انقسام حزب النور من الداخل؟ ** ليس مهمًّا إذا كان للإخوان دور أم لا، ولا أدرى إن كان لهم يد من عدمه، لكنى سعيد بذلك الخروج، وأعتبر خروج رئيس الحزب عماد عبد الغفور ومجموعته ميلادًا حقيقيًّا لحزب النور.