سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
لأول مرة.. نجل زكريا محيي الدين يفتح خزائن أسرار والده ل«فيتو».. لم يندم أبدا على دوره في الثورة.. «ناصر» لجأ إليه في المهمات الصعبة.. ويكشف كواليس ساعات الرعب بعد خطاب 9 يونيو
كأبيه يفضل السكوت والصمت، يرى أن كونه نجل زكريا محيي الدين لا يعطيه الحق في الحديث عنه أو عن ثورة 23 يوليو التي تمر ذكراها ال65 اليوم، بتلك الصورة كان الحديث مع محمد زكريا محيي الدين ليس بالمهمة سهلة. بموعد محدد ووقت للحوار بدأ الحديث مع الرجل الذي استقبلنا بتحفظ شديد، ليبدأ هذا الحوار الذي كشف فيه نجل زكريا محيي الدين خزائن أسرار أبيه الذي عدَّه الكثيرون «رجل نظام يوليو الأول». وفي البداية يقول محمد زكريا محيي الدين، لا يوجد أي شيء باق الآن من ثورة 23 يوليو، فالأهداف الستة لم يتحقق منها سوى بناء جيش قوي، أما العدالة الاجتماعية والقضاء على الإقطاع فهي أهداف تحققت وقت جمال عبد الناصر فقط. وأضاف أن ثورة يوليو انتهت فعليًّا في عام 1956 وذلك بحل مجلس قيادة الثورة ومن وقتها وتحولت الثورة لدولة، لافتًا إلى أن أهم ما يميز ثورة 23 يوليو أنها كانت تخطئ وتصحح أخطاءها مباشرة، مشددًا على أن من يريد أن يقيِّم 23 يوليو فليقيِّمها وقت حدوثها وهو وقت كان هناك حتمية للتغيير. الحديث عن كواليس ليلة 23 يوليو لم تكن سهلة خاصة أنه ولد بعد الثورة، لكنه يعرف دور والده جيدًا وبسؤاله عن ذلك يقول محمد زكريا محيي الدين «والدي لم يكن من اللجنة التأسيسية وكان مسئولًا عن منطقة القاهرة، لذلك كان دوره من أهم الأدوار وبناء على ذلك تم ضمه إلى اللجنة التأسيسية للضباط الأحرار بعد نجاح الثورة. يبدأ مشوار زكريا محيي الدين بعد ذلك ليتولى الكثير من الأدوار الصعبة والمهمة، ويقول نجله إن جمال عبد الناصر كان دومًا يلجأ لوالده في الأدوار الصعوبة لأنه رجل تنفيذي وتخطيطي ويعشق النظام ويضع الأهداف ويصل إليها. أن تكون ابنًا لرجل في السلطة في ذلك الوقت لم يكن يعني أن هناك رفاهية، يقول نجل زكريا محيي الدين «ماكنش فيه أي رفاهية ولم يكن يسمح لينا بده، حياة طبيعية، وفي مدارسنا الحكومية وكان لبسنا مصري، كأطفال مكناش نقدر نطلب حاجات رفاهية». 9 يونيو لم يكن يومًا عاديًّا بالنسبة للمصريين حين وقعت النكسة وأعلن جمال عبد الناصر التنحي، لكن أسرة زكريا محيي الدين كان لها النصيب الأكبر من الصدمة إذ أنهم فوجئوا أن والدهم هو خليفة «عبد الناصر» حتى لو لم يعرف زكريا محيي الدين بشيء. يتذكر «محمد» تلك الأيام فيقول «أنا كنت بلعب يوم 5 يونيو وبابا نزل اليوم ده ومرجعش إلا بعد أسبوع، ولما الأخبار بدأت توصل مؤكدة بدأ الحزن في الجميع ولما جيه خطاب 9 يونيو، مكناش عارفين ايه اللى بيحصل وبابا كان المفروض يسافر واشنطن يوم 5 يونيو وكان محضر شنطته». يكمل ما شاهده كطفل فيقول: «بنتفرج على التليفزيون وكان جمال حزين جدًا وقرر أن يتنحى وكنا ننتظر أن يتولى بدلًا منه عبد الحكيم عامر ولما سمعنا اسم بابا كنا في حالة من الخضة أنا وماما والعيلة، وبعد الخطاب مباشرة طلعت فوق السطوح وببص لقيت ناس جاية وكانوا متجمعين من قبل الخطاب لأنهم مخدوش وقت وانطلقوا رافضين التنحي ومكنش عندنا أي حراسة، لكن الغضب بدأ يعلى بعديها الناس ومنجناش غير إنهم غلطوا في البيت وبعد كده جت حراسة مشددة لحراستنا». ويتابع « بابا اتصل في آخر يوم 9 يونيو، وهو أول من ذهب إلى منزل جمال عبد الناصر، بعد مفاجأته، وقال لجمال أنت اللي دخلتنا في المشكلة وأنت اللي هتطلعنا ووالدي كان عصبي في الأيام ديه، وأرسل خطابا للإذاعة لإذاعته فورًا ليعلن رفضه للمنصب لكن تم إذاعته بعد العصر في وقت لا يسمع فيه أحد الراديو». لم تكن الأمور جيدة بعد 67، الكثير من المفاهيم تغيرت، يقول محمد زكريا محيي الدين كان هناك أخطاء سياسية أدت لحرب 67 وأهمها عدم وضع الجيش تحت قيادة حاسمة وهو ما تم تفاديه بعد النكسة، أما خروج أبيه من العمل العام فلم يفصح عن الأسباب مكتفيًا أن والده اعتبر أن دوره انتهى في مارس 1968. لم تكن العلاقات مقطوعة بعد اعتزال والده للعمل العام، يبرهن «محمد» على ذلك بصدمة والده حين توفي جمال عبد الناصر 1970، مشددًا أن والده كان حزينا جدًا. تأسيس جهاز المخابرات العامة كان أحد أهم إنجازات زكريا محيي الدين، لذلك لم يكن من السهل عليه رؤية ضباطه يحاكمون في القضية التي عرفت باسم «انحرافات جهاز المخابرات» ليكشف «محمد» أن والده كان دائم الإشادة بصلاح نصر وأن الكثير من أجهزة المخابرات لها طرق عملها. مع بدء عصر السادات التزم زكريا محيي الدين الصمت في بيته، وهو الصمت الذي طال حتى وفاته، فلم يكتب مذكراته أو يسجل حلقات تليفزيونية أسوة بما فعله زملاؤه، ويقول نجله عن سبب ذلك «أبي رجل عسكري كما قال الكتاب، ولذلك لم يكن يحب الحديث كثيرًا وأدواره من إنشاء أمن الدولة والمخابرات والجهاز المركزي للمحاسبات ساعدت في ذلك». أمر آخر يضيف «محمد» فيقول: «والدي ماكنش سياسي مكنش عنده طموح سياسي وانسحابه بسبب عدم رضاه عن الحالة وقتها واعتبر أن دوره انتهى وهو بطبيعته كتوم ولذلك لم يفكر في نشر مذكراته فيها أبدًا». كان لزكريا محيي الدين رأي أيضًا فيما حدث في 2011، فيقول نجله إن رأي والده في الرئيس الأسبق مبارك أنه «طول بزيادة ومفيش حاجة اسمها توريث احنا مش سوريا»، أما عن ثورة يناير التي حضرها زكريا محيي الدين الذي توفي في 2011 فكان رأيه أن الناس معها حق وإن كانت صدمته الحقيقية في انهيار وزارة الداخلية. وفي نهاية الحوار يقول محمد زكريا محيي الدين «والدي لما شاف محمود عزت بعد الثورة على التليفزيون قال ده واخد مؤبد» أما عن مسلسل الجماعة 2 فاعتبره عملا دراميا وليس تاريخيًّا، قائلًا: «هو مطلع أبويا مدخن شره وأنا أبويا عمره ما شرب سيجارة وكان هناك بعض غلطات تاريخية في التوقيتات».