فى مصر صار أمرا عاديا، فكم من الجرائم يرتكبها أصحابها بدم بارد، جهارا نهارا، دون أن يرقبوا فى أحد إلاً ولاذمة، الحرام حكايات من لحم ودم عن جرائم جنسية انتشرت كالنار فى الهشيم فى مجتمع يأكله الفقر ويجتاحه الحرمان، الحرام ظاهرة متنامية تؤكد أن المسئولين منشغلون بأمور بعيدة كل البعد عن هموم المواطن واحتياجاته الضرورية، ولا يدركون أن تلك الفواحش يجب أن تكون «قضية قومية» قابلة للحل قبل فوات الأوان، خصوصا أنها تعبر عن غياب الدين والقيم والأخلاق. هنا ثلاث حكايات عن جرائم الشرف والعرض، وقعت فصولها فى الدقهلية والشرقية والقاهرة، الأولى بطلتها «رابعة» التى حملت سفاحا بعد سفر زوجها للخارج من أجل «لقمة العيش»، ثم قتلت «ابن الخطيئة»، والثانية ل «فاطمة» التى جلبت العار لأسرتها وسقطت فى بئر الحرام، فكان مصيرها القتل، أما الحكاية الثالثة فهى مختلفة، حيث قاومت «سناء» مغتصبها لتدفع حياتها ثمنا للدفاع عن شرفها. الحكاية الأولى بطلتها فلاحة شابة، وبدأت منذ 8 سنوات تقريبًا.. وقتها تزوجت «رابعة» من أحد شباب قريتها الصغيرة التابعة لمركز «تمى الأمديد» بمحافظة الدقهلية، وبعد سنوات من الزواج ضاق بهما الحال، فسافر الزوج إلى إحدى الدول العربية سعيًا وراء الرزق.. لم تحتمل الزوجة بعده عنها، فسقطت فى بحر الحرام، واعتادت ممارسة الرذيلة مع رجال القرية، تارة فى منزلها وعلى فراش الزوجية، وتارة أخرى وسط الزراعات بعيدًا عن العيون.. ظلت على هذا الحال إلى أن أنجبت طفلا ثم قتلته.. مباحث الدقهلية تحت إشراف اللواء أسامة الميهى؛ مدير الأمن، كشفت الحادث وألقت القبض على القاتلة.. محقق «فيتو» يرصد حكاية «رابعة» مع الحرام كما جاءت على لسانها فى السطور التالية: تقول المتهمة: «صدقونى لم أقصد قتل طفلى رغم أنه ابن حرام.. فقط كنت أحاول إسكاته حتى لا يسمع الجيران صوت بكائه وينفضح أمرى، ولكنه مات بين يدى.. أما حكايتى فقد بدأت عندما تزوجت من جار لى يدعى «السيد» زواجًا تقليديًّا أجبرنى عليه أهلى، ثم أنجبت طفلين (6 و 4 سنوات).. ضاقت سبل الرزق فى وجه زوجى العامل، فقرر السفر للعمل فى إحدى الدول العربية رغم اعتراضى على سفره.. وجدت نفسى وحيدة فى منزلى لا أنيس ولا جليس سوى الصغيرين.. أصبحت مطمعًا للشباب والرجال فى قريتى والقرى المجاورة، وانهالت على مسامعى عبارات الغزل، وراودنى الكثيرون عن نفسى.. تحركت بداخلى رغبات الأنثى، خصوصًا مع طول حرمانى بسبب غياب زوجى.. اتصلت به وطلبت منه أن يحضر فى أجازة حتى ولو أيامًا قليلة، ولكنه رفض.. لم أستطع الصمود كثيرًا وسقطت فى مستنقع الرذيلة.. مارست الحرام مع عدد كبير من الشباب والرجال إلى أن ارتويت منهم، وكنت أنفق الأموال التى يرسلها لى زوجى عليهم». تصمت «رابعة» قليلًا وتتنهد فى عمق قبل أن تضيف: «تعرّفت على شاب اسمه «حسن»، وشعرت بين أحضانه بأنوثتى، واعتدت مقابلته وممارسة الجنس معه بانتظام وسط الزراعات، إلى أن حدث ما لم يخطر لى على بال وحملت سفاحًا.. حاولت إجهاض الجنين مرات ومرات، ولكنى فشلت.. أغلقت بابى على نفسى ومنعت الجميع من زيارتى حتى أهل زوجى، وعندما بدأت بطنى تكبر كنت ارتدى الملابس الواسعة.. بعد تسعة أشهر جاءتنى آلام الولادة، فلم أذهب إلى طبيب ووضعت بمفردى ودون أن يشعر بى أحد.. وقعت فى حيرة من أمرى، فهذا الطفل سوف ينكشف أمره لا محالة.. فكرت فى التخلص منه بالقتل فلم تطاوعنى يداى فى ارتكاب هذه الجريمة». قطعت المتهمة كلامها على نحو مفاجئ وكأنها لا تجد ما تقوله.. بعد لحظات استطردت: «هددت طفلىّ الكبيرين بالقتل لو تحدثا مع أى شخص عن المولود فنفّذا ما أمرتهما به، غير أن الصغير نفسه كان هو المشكلة بسبب بكائه الذى لا ينقطع.. وبعد 50 يومًا من ولادة الطفل، ويوم الحادث، أصيب بآلام فى بطنه وبدأ يصرخ بصوت مرتفع.. حاولت تهدئته بكل السبل ولكن صوته كان يزداد ارتفاعًا.. خفت أن يسمعه الجيران وتصبح فضيحتى على كل لسان.. دون أن أشعر وضعت الوسادة على رأسه حتى أكتم صوته.. تحجّر قلبى وضغطت على وجهه بالوسادة بكل قوتى.. دقائق معدودة وسكن جسد المولود.. نظرت إليه فوجدته فارق الحياة.. لم أعرف وقتها أفرح لموت ابن الحرام، أم أحزن على مقتل ابنى.. المهم حملت الجثة تحت جنح الظلام وخرجت بها إلى قرية مجاورة، وألقيت بها فى صندوق للقمامة هناك، وعدت إلى منزلى وكأن شيئًا لم يكن.. وبعد أيام قليلة فوجئت برجال المباحث يلقون القبض علىّ».. أخفت رابعة وجهها بيديها وانخرطت فى بكاء مرير وهى تقول: «أنا غلطانة وأستحق الشنق.. أرجوكم اعدمونى وريحونى.. ويا ريت أولادى يسامحونى.. أنا ضعت وضيّعتهم معى». أما المقدم محمد طمان؛ رئيس مباحث تمى الأمديد، فقد أكد للمحقق أنه تلقى بلاغًا بالعثور على جثة رضيع وسط أكوام القمامة فى قرية «العمدة»، فأجرى مسحًا شاملًا للسيدات اللاتى وضعن قريبًا، مع إجراء تحريات موسعة عن بعض السيدات سيئات السمعة، وعلم أن «رابعة» كانت على علاقة غير شرعية مع بعض الشباب والرجال، وأنها كانت ترفض الخروج من منزلها وتمنع الزيارات إليها فى الفترة الأخيرة.. حامت الشبهات حولها، وتم القبض عليها واعترفت فى التحقيقات بحملها سفاحًا وقتل المولود، ثم أنكرت فى النيابة، وعادت لتعترف مرة أخرى بجريمتها».. من جانبهم رفض أهل زوج المتهمة الحديث فى الموضوع نهائيًّا، واكتفوا بقول عبارة واحدة فقط هى: «كفاية اللى حصل.. ابننا سافر واتغرب علشان يوفر للمتهمة حياة كريمة، وهى خانته وضيّعت شرفه».