وأنا باقترح إنها تكون مجلة ذات طابع خاص... يعنى بغض النظر عن تناولها أبوابا وموضوعات تشبه إلى حد كبير كثيرا من المجلات والجرائد الموجودة بالفعل على الساحة الآن؛ إلا أننا سنكون الأقرب للمواطن نحس نبضه، نشعر بمعاناته، ونعبر عنها بكافة الأشكال الصحفية سواء الخبر، أو المقال، أو التحقيق.. بل التحقيقات الموسعة، والتي يجب أن نوليها قدرا مبالغا فيه من الأهمية، والتقارير الساخنة الموضوعية، إضافة.. وكما ذكرت سالفا المقالات التي حبذا لو كانت لكبار الكتاب الذين سيطلبون أجورا مبالغا فيها؛ وكذلك أصحاب الرأى الذين يملكون رؤية مستنيرة وفكرا استشرافيا يفتح لنا آفاق المستقبل، ويتنبأ لنا بالقادم من المعضلات وطرق حلها، الطرق التي يمكن تطبيقها على أرض الواقع، وليست تلك الميتافيزيقية التي تشطح بنا في السماء السابعة وتحلق سادرة في عالم الخيال. هكذا تكلم الأستاذ فكرى الأبانوسى الكاتب الصحفى الكبير ومستشار التحرير الخطير، أمام أعضاء مجلس إدارة المجلة الجديدة الذين أرسلوا له، ولعدد معتبر من خبراء الصحافة والإعلام ليستفيدوا من خبراتهم في إنشاء الصحف والمجلات المتعددة، حتى يطلقوا مشروعا صحفيا كبيرا يعلمون جيدا أن الساحة الفكرية والسياسية الحالية أحوج ما تكون إليه، ولكن الأستاذ عايش الماشى صاح محتجا: لا.. لا.. لا.. أنا احتج بشدة يا أستاذ أبانوسى إيه الكلام ده بس يا راجل، الوضع الحالى لا يحتمل مثل هذه الأمور، الفكر الأيديولجى العقيم ده مات وشبع موت من زمان يا أستاذ، الحمد لله الأمور مستقرة الآن ولا عاد في معاناة ولا نبض المواطن ولا الكلام القديم اللى بالك فيه ده يا باشا؟!! صلى ع النبى كده وروق إحنا نعمل مجلة ذات موضوعات خفيفة وصور جميلة وشوية موديلز من اللى قلبك يحبهم وكان الله بالسر عليم، بقى أنا اللى هاقول لك برضه وانت سيد العارفين إن المجلة صورة أكتر منها كلام مكتوب ودش كتير لا هايودى ولا هايجيب، إنت لسه عايش في المد الثوري، وشواشى البرجوازية العليا والأهداف السامية، والحاجات ال ق. م. دي، خلاص ماحدش بقى فاضى لوجع الدماغ ده اليومين دول. الأستاذ جميل أبو الدهب رئيس مجلس الإدارة معلقا: والله أنا شايف برضه إن كلام الأستاذ عايش الماشى معقول جدا يا أستاذ فكرى مع احترامى الكامل لنضالك الثورى وخبرتك الصحفية المعتبرة؛ بس ما تنساش إننا شركة تجارية في المقام الأول، ويهمنا نكسب عشان نقدر على الأقل نوفى بكافة التزاماتنا ويطلع لنا هامش ربح نقدر من خلاله نستمر في السوق، ولا إيه رأى كاتبنا الساخر الكبير الأستاذ رجب حوش صاحبك عنى ؟!! الأستاذ رجب حوش صاحبك عني.. منهيا النقاش بطريقته الساخرة المعروفة: والله يا جماعة أنا شايف إن الوضع فعلا ما يستحملش، وإن إحنا لازم نقدم الأمل للناس مش نعقدهم في حياتهم، عشان كده أنا باقترح إننا نسمى مجلتنا الجديدة دي.. مجلة "الناس الرايقة اللى بتضحك علطول" ونجيب بقى العالم المبسوطين اللى عايشين في كمبوندات، وبيلعبوا جولف، وبياكلوا في أفخم المطاعم، وبيشربوا ألذ المشروبات، وبيركبوا أفخم ماركات السيارات والطائرات، واليخوت وخلافه، ومش كده وبس إحنا كمان نوزعها مجانا على المواطنين عشان الناس كلها تنبسط ونلم حق الطباعة من كافة الماركات العالمية اللى الناس الرايقة دى بيستعملوها، وبكده " كله جيتو مبسوط يا خبيبى ". جميل أبو الدهب: الله عليك يا أستاذ رجب إيه الفكرة الألمعية دي، لا.. ومسوقة نفسها كمان.. على خيرة الله موافقة بالإجماع. تصدر المجلة وتثير جدلا كبيرا على كافة الأصعدة والأوساط، لكن الطريف في الموضوع أنه لم يمض عليها أكثر من شهرين حتى تم إغلاقها بالشمع الأحمر، والقبض على كل من فيها بتهمة نشر روح الإحباط بين المواطنين، بعد أن صاروا يتحسرون على ما هم فيه بعد أن رأو بالصور حياة "الناس الرايقة اللى بتضحك علطول" ؟!!.