أثار الروائي الجزائري واسيني الأعرج جدلا حول علاقة الرواية بالتاريخ خلال ندوة له نظمتها رابطة الكتاب الأردنيين، كما تناول أسئلة الراهن والمستقبل مستندة إلى التاريخ أيضا وفي حديثه عن الرواية العربية وعلاقتها بالتاريخ لفت واسيني الأعرج النظر إلى أن كثيرا من كتب التاريخ لا تخلو من القص، وتساءل الأعرج هل تاريخ ابو الحسن المسعودي مثلا كله تاريخ، وتاريخ ابن خلدون، هل كان كله حقائق لم يدخلها فعل القص الذي ينقض التاريخ نفسه، وهل قال ابن خلدون حياته في التعريف كما حدثت، ليقوم الأعرج بطرح سؤاله الكبير: ماذا بقي للتاريخ أمام سحر الحكاية. الأعرج لم يترك أسئلته من دون إجابات، ولم يترك الباب مغلقا أمام المتلقي، بل ذهب إلى القول إن للتاريخ، على الرغم من صرامته، مساحة مشتركة مع الرواية، تجعل الحدود الفاصلة بينهما غير واضحة، وتمنح الروائي فرصة كبيرة للتعامل مع التاريخ من دون الخوف من المزالق الممكنة. وانحاز الأعرج بصفته روائيا بالأصل، إلى الرواية، مؤكدا أن القارئ لكثير من النصوص التاريخية يكتشف بسرعة التدخل الشخصي في صلب الحقيقة التاريخية، الذي يقربها أكثر من فن القص والحكاية، ويسحبها من صرامة التاريخ. وتوقف واسيني أمام كثير من النماذج القديمة والحديثة، سواء في التاريخ أو الرواية، ليؤكد صحة ما ذهب إليه من افتراضات، وضرب أمثلة من الحكايات اليونانية الموغلة في القدم حتى العصر الحديث، والأسماء التي نعرفها جيدا. وحديث الأعرج، وهو أحد متصدري المشهد الروائي العربي عن الرواية والتاريخ، كشفت كثيرا من أسرار الرواية التاريخية، وفتح الباب أسئلة الجمهور ومداخلاته، للبحث في التجربة الروائية للأعرج نفسه ومرجعياتها الثقافية والتاريخية، وهي الأسئلة ذاتها التي يرى فيها الاعرج أهمية استثنائية لنمو الرواية ونضوجها.