سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
تفجيرات بوسطن.. حزمة مسامير تقهر ترسانة التسلح الأمريكى.. وسائل الإعلام الأمريكية تعترف بالفشل.. الموازنة الخاصة بالجيش والأجهزة الاستخباراتية تقدر ب 725 مليار دولار سنويًا
ربما كانت الدلالة الرئيسية لتفجيرات بوسطن، على الرغم من أنها لا تقارب اعتداءات 11 سبتمبر سواء من حيث عدد الضحايا أو فيما يتعلق بتداعيات خسائرها المادية، هى أنها تعيد التأكيد على أن الإرهاب وأعمال العنف ما زالا السلاح الأخطر في مواجهة العالم الغربي، وأن آلاف المليارات التي جرى إنفاقها، سواء في الحروب أو في تشديد الإجراءات الأمنية داخليا وخارجيا فشلت فشلا ذريعا في مواجهة هذا الخطر والقضاء عليه. وهو ما عبرت عنه العديد من الصحف الأمريكية، والتي تعاملت مع تفجيرات بوسطن على أنها تأكيد للفشل الأمريكي في الحرب على الإرهاب، حيث نقلت صحيفة "يو إس توداى" الأمريكية عن خبير أمنى أمريكى قوله "إنه من الصعب وغير العملى تأمين طريق بحجم الطريق الذى أُقيم فيه الماراثون فى بوسطن، والذى يصل طوله إلى 26 ميلاً تقريباً، مشيراً إلى أن الطريقة المثلى للتعامل مع تلك الأمور كانت تستوجب تسليط الضوء على الأفعال أو التصرفات المريبة قبل الهجوم. وقال برانش وولتون، الذى تولى حماية الرؤساء الأمريكيين السابقين نيكسون وكارتر وريجان، إن الحل الأساسى الذى يجب أن تتبعه السلطات الأمنية فى الولاياتالمتحدة هو التعامل مع المؤشرات السابقة للحدث بشكل جيد، بمعنى أن يتم تسليط الضوء على أى سلوك أو تحرك مثير للريبة قبل الأحداث المهمة. ويقول إيد كونورز، رئيس مركز العدالة والقانون فى فيرجينيا "إنه من المستحيل عمليا تأمين طريق يبلغ طوله 26 ميلاً، حيث إن تصوير وبحث كل خطوة فى تلك المنطقة يعتبران غير واقعيين، وأضاف أن "هذا الأمر سيكلف كثيرا جدا، ولا أحد فعليا يرغب فى أن ينفق هذا المبلغ من المال. وأشار لو ماركيانى، مدير المركز القومى لتأمين وسلامة المشاهد الرياضى، إلى أنه ما زال الأمر غير مضمون ألا يتكرر من جديد، مهما كان عدد الضباط وحجم المعايير الأمنية المتخذة حينها. وأشارت صحيفة "بوسطن جلوب" الأمريكية إلى أن أى حدث بهذه الضخامة كان يتطلب أعمق التحليلات الممكنة؛ حيث إن أجهزة التفجير وضعت فى أماكن مخصصة لإحداث أكبر ضرر ممكن على الرغم من وجود عدد كبير من الضباط ومسئولى الأمن فى المكان. وأضافت الصحيفة الأمريكية أن "الأمر فى حد ذاته يعتبر فشلا للمخابرات، وستظل الكلاب وتكنولوجيا المراقبة ذات قدرات محدودة دائما، أجهزة المخابرات الناجحة هى الأكثر فعالية فى الحماية ضد الشبكات الإرهابية الكبرى والخلايا الصغيرة". ويأتي هذا الفشل الاستخباراتي والعسكري الأمريكي في التعامل مع الهجمات الإرهابية على الرغم من التكاليف الباهظة للحرب الأمريكية على الإرهاب سواء من خلال ارتفاع ميزانيتها المخصصة للتسليح، أو من خلال شنها لحروب بعيداً عن الأراضي الأمريكية، مروراً باتخاذ إجراءات استثنائية خارقة وباهظة الثمن في الداخل الأمريكى.. فوفقاً لتقرير المعهد الدولي لأبحاث السلام عن تقريره السنوي حول سباق التسلح لعام 2012، فإن الولاياتالمتحدةالأمريكية تحتل مكان الصدارة فيما يتعلق بالميزانيات المخصصة للسلاح، حيث تقدر ميزانيتها السنوية بأكثر من 680 مليار دولار، فيما تشير صحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية إلى أن الموازنة الخاصة بالجيش والمخابرات تزايدت بعد هجمات 11 سبتمبر وتضاعفت خلال 10 أعوام لتصل في عام 2011 ما قيمته 725 مليار دولار سنوياً، مما يعني أن إجمالي ما تنفقه الولاياتالمتحدة على التسلح سنوياً يزيد عما تنفقه الصين بنحو خمس مرات، حيث تنفق الصين 166 مليار دولار سنوياً على التسلح، بينما تأتي روسيا في المرتبة الثالثة بعد كل من أمريكا والصين بميزانية تبلغ 100 مليار دولار حسب تقديرات المعهد. ويشير تقرير أصدرته جامعة هارفارد، مطلع الشهر الحالي، إلى أن جملة تكاليف الحرب ضد الإرهاب بعد هجمات عام 2001، والتي تضمنت حربي العراق وأفغانستان ستبلغ ستة ترليونات دولار، وأن ذلك لابد أن يؤدي إلى تخفيضات في الميزانيات العسكرية والدبلوماسية وبرامج الأبحاث والاستثمار على المدى البعيد، كما أشار التقرير إلى أن الحملات العسكرية الأمريكية في العراق وأفغانستان تكلفت تريليوني دولار، وهذا المبلغ هو بمثابة جزء من التكلفة النهائية. وبحسب مركز مركز أبحاث الكونجرس، فإن تكلفة الحرب الأمريكية على العراق وحدها بلغت 806 مليارات دولار، إضافة إلى 60 مليار دولار من أموال دافعي الضرائب لإعادة إعمار العراق، وقد تم هدر حوالي 8 إلى 10 مليارات منها، لا سيما في العامين 2005 و2006، بحسب مكتب المفتش العام لإعادة إعمار العراق، وتشير التقارير إلى أن ثمن إدارة هذه الحرب 2.2 تريليون دولار، لكن باعتبار أن إدارة بوش اقترضت هذا المبلغ فإن التكلفة الإضافية ستكون 3.9 تريليونات دولار من فوائد متراكمة على هذا الدين الذي سيمتد حتى العام 2053، فضلاً عن تكلفة الرعاية الصحية لمصابي الحرب 2.2 تريليون دولار، ومع أسعار الفائدة ستكلف 500 مليار دولار إضافية بحلول العام 2053. وهو ما سبق أن عبرت عنه صحيفة "الإندبندنت" البريطانية، مشيرة إلى أن التكاليف الكاملة التى دفعتها أمريكا فى حربيها فى العراق وأفغانستان، إلى جانب العمليات العسكرية التى قامت بها فى باكستان قد تجاوزت 4 تريليونات دولار، وهو ما يقدر بثلاثة أضعاف المبلغ الذى قرره الكونجرس فى العقد الذى تلى هجمات 11 سبتمبر. وأوضحت الصحيفة، أن هذا المبلغ الضخم قد كشفت عنه دراسة أجراها أكاديميون فى معهد براون واتسون للدراسات الدولية بجامعة براون مشيرة إلى أن 1.3 تريليون دولار قد تم تخصيصه رسمياً من جانب الكونجرس، لكن هذا المبلغ ما هو إلا جزء مما تم إنفاقه بالفعل، فإذا تمت إضافة نفقات البنتاجون ومدفوعات الفائدة على الأموال المقترضة لتمويل اللحروب، وكذلك 400 مليار دولار تم إنفاقها على الحرب على الإرهاب داخلياً، ستصل إجمالى التكلفة ما بين 2.3 و2.7 تريليون دولار أمريكى، وبإضافة تكاليف الإنفاق العسكرى فى المستقبل ورعاية الجنود المتقاعدين والمصابين، سترتفع التكاليف الإجمالية إلى ما بين 3.7 و4.4 تريليونات دولار أمريكى، خاصة وأن حربى العراق أفغانستان قد تم تمويل أغلبها تقريباً من الأموال المقترضة والتى يجب أن ترد إن آجلاً أو عاجلاً.