الخطاب المسيحى يحتاج أيضا إلى تجديد النبى محمد بكى كاهن مكة «ورقة بن نوفل» بعد وفاته.. والمسيحية انتشرت في مصر أولا..وزيارة بابا الفاتيكان رسالة سلام سالم عبدالجليل معتدل دينيا تم توريطه دون تفكير.. وعظة مكارى يونان «انفعالية» قال الدكتور ميخائيل مكسى إسكندر، أستاذ الدراسات الأفريقية بمعهد الدراسات القبطية، وصاحب موسوعة «التاريخ الكنسي» إن المصريين متدينون بطبعهم، والمسلمين والمسيحيين تجمعهم علاقات الحب والود منذ قديم الأزل، وإن ما نراه من حوادث إرهابية ما هو إلا فهم خاطئ للعقائد وجهل بالدين تموله دول خارجية. وأوضح إسكندر مؤلف كتاب «الحضارة المصرية فى العصر القبطى الأول» خلال حديثه ل«فيتو» أن المسيحيين ليسوا كفرة ولا يعبدون ثلاثة آلهة فالله واحد أحد، وأن هذا الفكر روجه اليهود، مطالبا الأئمة والوعاظ بحث الناس على المحبة والتواضع ودرء العنصرية... فإلى نص الحوار: بصفتك أستاذًا فى معهد الدراسات القبطية المصرية.. حدثنا عن دور المعهد؟ معهد الدراسات القبطية يمنح درجات الماجستير والدكتوراه فى مختلف العلوم، وبه تسعة أقسام منها الفنون والآثار والموسيقى وأيضًا الدراسات الأفريقية التى أعمل بها كأستاذ، ويلتحق بالقسم طلبة أفريقيون يدرسون العلوم بلغتهم الأصلية، وذلك بهدف توطيد العلاقة بين مصر والدول الأفريقية، وذلك على أساس أن من نشر المسيحية فى مصر هو مارمرقس، أحد تلاميذ المسيح وهو من أصول أفريقية. هل هذا يعنى أن المسيحية انتشرت فى أفريقيا قبل مصر؟ المسيحية انتشرت فى مصر وليبيا فى القرن الأول الميلادى، ثم قامت مصر بدور التبشير ونشرت المسيحية فى إثيوبيا والسودان وشمال أفريقيا وحتى بلاد الأندلس، إلى أن وصلت إلى الجزر البريطانية، ومصر تمتاز بمسيحيتها الأرثوذكسية (المستقيم الرأى) وهى المسيحية الأصلية. فى كتابك «الحضارة المصرية فى العصر القبطى الأول» أشرت إلى أن كل ما يرد عن النصارى فى القرآن الكريم لا يمت لأقباط مصر بصلة.. كيف ذلك؟ أقباط مصر هم مسيحيون وليسوا نصارى، وكلمة قبط آتية من كلمة إيجيبتوس اليونانية ومعناها بلد الإله بتاح، إضافة إلى عدة أسماء أخرى كجبط وكيميت وأدام. والمسيح عاش فى مدينة الناصرة شمال القدس حتى عام 30م، وكان سكانها أشرارا دائمى الأذى للسيد المسيح حيث حاولوا إلقاءه من فوق حافة الجبل الذى تطل عليه المدينة، وأعلن إنجيل يوحنا (1-45): أن سكان الناصرة، كانوا فى الأغلب (من الأجانب) الأشرار أو الوثنيين، والنصارى لا ينتمون للمسيح لأن أتباعه قد سموا رسميًا بالمسيحيين. إضافة إلى أن علماء الإسلام والمسيحية أجمعوا على أن نصارى الجزيرة العربية كانوا منحرفين ومشركين، يعبدون ثلاثة آلهة (الله+المسيح+أمه مريم) وقد دعا يهود الجزيرة الأقباط ب"النصارى" تحقيرا لهم، والأقباط ليسوا نصارى ولا كفرة ويعتبرون السيد المسيح كلمة الله وروحا منه، ولو كانوا مشركين لرفض المسلمين تزويج بناتهم منهم وامتنعوا عن أكل طعامهم، وكان قد بكى الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، صديقه القس "ورقة بن نوفل"، كاهن مكة وابن عم زوجته السيدة خديجة، وعلى أى حال المصريون متدينون بطبيعتهم سواء كانوا فراعنة أو يهودا أو مسيحيين أو مسلمين، وبينهم علاقات تاريخية عظيمة جدا لن ينال منها حادث هنا أو هناك. إذن ما تفسيرك للحوادث الإرهابية التى استهدفت الكنائس والأقباط مؤخرا؟ تلك الحوادث الإرهاربية ترجع فى الأصل إلى دوافع سياسية وليست دينية، كما يعود بعضها إلى عدم فهم الإرهابيين تعاليم المسيحية وإيمان الأقباط، وعلى سبيل المثال القرآن الكريم يشير إلى «النصارى» وكانوا من سكان الجزيرة العربية ونحن كمسيحيين نرفضهم ونكرههم، لأن إيمانهم خاطئ، وعندما نقرأ الكتب العلمية فنجد أنها أشارت لهم ب«الهراطقة والمنحرفين» الذين عاشوا أيام النبى محمد، وذكروا فى القرآن وحاشا لله أن تكون له صاحبة، والمسيحيون ليسوا «عُبطًا» فليس من العقل أن يكون فى الكون ثلاثة آلهة !! هل تربطك ذكريات مع أصدقاء مسلمين لن تنساها؟ بالطبع.. عندما كنت صغيرا كانت تربطنى علاقة صداقة قوية بمحمد الشوادفى ابن مأذون قرية الضواهرية مركز فاقوس محافظة الشرقية، وكنا دائمى الجلوس والمذاكرة سويا، أيضا لا أنسى أم مصطفى تلك السيدة الفاضلة، ومديرة منزل أبونا يوسف صدقى كاهن الكنيسة فى الشرقية، والتى ربت له أطفاله بعد وفاة زوجته فى عمر مبكر، حيث عاشت سنوات طويلة فى منزله ترعى أولاده حتى كبروا، وعندما رحلت أم مصطفى حمل أبونا نعشها على كتفه، ودفنها فى الجبانة، ولم يقل أحد من أهل البلد كيف تعيش مسلمة فى بيت واحد مع رجل مسيحى؟. دائما الرئيس عبدالفتاح السيسى ينادى بتجديد الخطاب الدينى الإسلامى.. من وجهة نظرك هل ترى أن الخطاب المسيحى يحتاج إلى تجديد؟ بالطبع يحتاج.. ومن جانبى أريد من رجال الدين الإسلامى والوعاظ المسيحيين أن يكونوا إيجابيين ويدعوا إلى المحبة والرحمة والتواضع، وأن يفهموا الناس صحيح الدين والإيمان ولا يحرضون على الإدانة والإساءة للغير، ويحاربوا العنصرية، فالقاسى لن يدخل الجنة ومن يضع أحزمة ناسفة ويقتل الأبرياء ليس شهيدا. من وجهة نظرك.. ماذا يحتاج المسيحيون من تجديد الخطاب الدين «الإسلامي»؟ نحتاج من الخطاب الدينى الإسلامى ألا يكون خطابا نقديا يزعم أن المسيحيين كفار، فأنا واعظ دينى منذ أكثر من 60 عاما، وفى مكتبتى ثلاث نسخ من القرآن الكريم، وأن تغلق المنابر الفضائية التى تحض على التطرف والطائفية والممولة من الخارج. وما رأيك فيما حدث مؤخرا من جانب كل من الشيخ سالم عبدالجليل تجاه المسيحية "عقيدة فاسدة" والقس مكارى يونان تجاه الإسلام (انتشر بالسيف)؟ من جانبى أحب وأتابع الدكتور سالم عبدالجليل، وأرى أنه كان معتدلا فى حديثه، لكننى أرى أنه دُفع على إجابة السؤال دون أن يفكر، ومن سأله هو من ورطه، والشيخ اعتذر ولا بد أن نصفح عنه، وكلام مكارى يونان جاء ردًا على تصريحات الشيخ، فهو نقد على نقد، وأتمنى على من يهاجم الكتب المقدسة أن يقرأها أولا، سواء التوراة أو الزابور أو الإنجيل أو القرآن الكريم، وأدعو الجميع لقراءة "العظة على الجبل" من إصحاح 5 فى إنجيل متى. أخيرا.. كيف ترى زيارة بابا الفاتيكان لمصر التى تمت مؤخرا؟ زيارة البابا فرانسيس بابا الفاتيكان ووجوده فى مصر، رسالة سلام وأظهر للعالم كله أن مصر أرض سلام، وتحد للتطرف والإرهاب.