تحت أشعة شمس حارقة، تجلس سيدتان كفيفتان، تنتظران الفرج، والدور في صرف الإعانة الشهرية، التي يحصلان عليها من جمعية مصطفى محمود، والتي تقدر ب40 جنيها. لم يمنعهما طول الطريق أو العقبات التي ستواجههم في الوصول إلى شباك صغير؛ لصرف هذا المبلغ الضئيل، والذي يصرف ربعه في المواصلات ذهابا وإيابا، فتكافحان من أجل لقمة العيش وتربية أولادهما، الأولى كفيفة وزوجها أيضا كفيف، يساعدان بعضهما في صناعة «البامبو»، بعد أن أصبحت تلك الحرفة الدخل الأساسي للأسرة، التي تتكون من الأب والأم، وتوأمين؛ بنت وولد، أما السيدة الثانية، فقد طلقها زوجها، وترك لها بنتا وولدا، وتتكفل الأم الكفيفة بمصاريف الاثنين، وتأتي كل شهر للحصول على هذا المبلغ؛ لكي يساعدها على مصاعب وتكاليف الحياة. وتبلغ هبة محمود، السيدة الأولى، من العمر، 37 عاما، وزوجها هو الآخر كفيف، لم يمنعها الأمر من مساعدة زوجها، وتعليمه صناعة «البامبو» وتصنيع الأشغال الخشبية، مثل الخرزان، وتصنيع «أسبات البلكونة والغسيل وتريبزات الكمبيوتر، وجميع أثاثات المنزل» التي تصنعها بمساعدة زوجها؛ من أجل أن يعيشا حياة كريمة، وتربية التوأمين فاطمة وأحمد، اللذان يبلغان من العمر 4 أعوام. الفقر والحاجة دفعتهما للمجيء إلى جمعية مصطفى محمود، في كل شهر؛ للحصول على مبلغ 40 جنيها، ومع صغر المبلغ الذي تحصل عليه، إلا أنها تقول أن ذلك يساعدها في دفع مصاريف إيجار المنزل، والذي يصل 450 جنيها، إضافة إلى شراء الخامات الخشبية للعمل عليها، قائلة: زوجي لا يقبض إلا 850 جنيها كل شهر». لا تتمنى هبة أكثر من شقة تسكن فيها هي وأسرتها، فمنذ عام 2007، تقدمت للحصول على شقة، وواصلت الإجراءات منذ عام 2009، ولم تحصل عليها حتى الآن، ولا تتمنى أكثر من ذلك، بالإضافة إلى تسويق شغلها- البامبو- على صفحات الإنترنت، باعتباره مصدر دخلها الوحيد. أما سامية، فطلقها زوجها وترك لها بنتا وولدا، وتقوم برعايتهما، بالمساعدات التي تحصل عليها من الجمعية ومعاش المعاقين، وتقول: «لا يوجد لي دخل آخر أصرف به على أسرتي»، وزادت المعاناة بعدم حصولها على معاشها الكامل من وزارة التضامن الاجتماعي، فالمقرر لها في الأوراق مبلغ 900 جنيه، إلا أنها تتحصل على 600 جنيه فقط، وبعد أن انفصلت عن زوجها، تنازلت عن جميع حقوقها وحقوق أبنائها.