حياتهن هادئة لا يتخللها أي جديد سوى ما يقضيه القدر، تتشابه الأيام في عيونهن، أما حياتهن فتدور في فلك البحث عن «لقمة العيش» لسد حاجات الأسرة والأبناء، ولكن القدر شاء أن يفاجئ سيدات المطرية بين عشية وضحاها.. مفاجأة لا تحدث كثيرًا.. فقد اكتشفن مع أهل منطقتهن أن ثمة تماثيل لملوك عظام كانوا يسكنون في محيطهن لقرون طويلة دون أن يشعرن بهم ودون أن يدركن أن ثمة كنز كان يربض أسفل أقدامهن ساكن في صمت منذ أزمنة سحيقة، ولكن ما أسعدهن حقًا هو أن الملوك حينما خرجت عن صمتها وسكونها وأفصحت عن وجودها كانوا سببًا في فتح «طاقة رزق» لسيدات المطرية من حيث لا يحتسبن. فبعدما انتهت مراسم استخراج تماثيل كل من الملك رمسيس الثاني والملك سيتي الثاني من تحت أرض سوق الخميس، كانت سيدات المطرية على موعد مع فرصة عمل مؤقتة لا تأتي كثيرًا.. نجحوا في اقتناصها للحصول على «لقمة عيش» إضافية تحتاجها أسرهن. كانت الأتربة التي خلفها خروج الأجداد إلى النور أكوام وأكوام، فخرجت سيدات المطرية في همة مرتديات ال«كاب» والجلباب الواسع المريح لتحمل أيديهن المكافحة آثار الآثار. كان مبلغ ال 50 جنيها يوميًا كفيلًا تمامًا لتحمل سيدات المطرية أشعة الشمس المتسللة من بين ثنايا سحب مارس المثير دائمًا للرياح والأتربة يتشاركن في إزاحة أكوام التراب بعيدًا. يجدن في شربة ماء راحة وسط ساعات العمل، وفى المشاركة الجماعية وسيلة لتخفيف آثار العمل البدني الذي لم يعتدنه، فيسجلن في ذاكرتهن هذا الحدث التاريخي، ولكن على طريقتهن الخاصة.