قال محمد الصادق، أخصائي ترميم الآثار الثقيلة بمركز ترميم الآثار بالمتحف المصري الكبير: إن وزارة الآثار هي الجهة الوحيدة المنوط بها كافة شئون الآثار، من الحفاظ عليها، وحمايتها، وترميمها، وفحصها، وتقدير أهميتها، تمتلك طاقة بشرية متخصصة، لكنها مُهدرة، وغير مُستغلة الاستغلال الأمثل، مشيرا إلى أن هناك قرابة 3000 أخصائي ترميم آثار على مستوى المواقع الأثرية والمتاحف بالجمهورية، من بينهم أكثر من 20 أخصائي ترميم واستلام ونقل وحفظ للآثار الثقيلة، تم تدريبهم على أعلى مستوى، وبمبالغ ضخمة، وتم ابتعاثهم لخارج مصر في أكثر من دولة؛ للتدريب والاطلاع على أحدث التقنيات والمعدات والآلات المستخدمة في هذا الشأن. وأكد «الصادق» أن وزارة الآثار لديها أكبر مركز ترميم للآثار في الشرق الأوسط، يُنافس عالميًا (مركز ترميم الآثار بالمتحف المصري الكبير) ومعنى «أثر ثقيل» أي وزنه من 500 كجم فما أكثر، مثل النموذج المكتشف أمس، «تمثال الملك رمسيس الثاني» بمنطقة آثار المطرية، هذه المنطقة العظيمة، التي كانت يومًا ما عاصمة لمصر، تحت مُسمى «مدينة أون» أي "مدينة الشمس" بالمصرية القديمة، أو بالإغريقية "هليوبوليس" كما أطلق عليها اليونانيون. وتابع: الحقيقة التي يتم الترويج لها دون استثمارها في إدارة الأزمات، التي نمر بها، هي أننا أمام اكتشاف أثري جديد، في منطقة أثرية، معلوم مسبقًا غناها بالآثار من معابد وتوابيت ومقابر وتماثيل ومسلات وجداريات نادرة، متسائلا: أين التجهيز الإعلامي من الوزارة لمثل هذا الاكتشاف؟ أين البروباجندا التسويقية لمثل هذا العمل الفريد؟ أين الإشارات التأمينية والحدود الفاصلة بين منطقة الاكتشاف وبين محيطها؟ والأهم من ذلك من وجهة نظر تخصصي: أين الأدوات والمعدات والآلات المناسبة لنقل هذا الاكتشاف من بيئته المكتشف فيها إلى بيئته الجديدة، التي سيتم فحصه وتوثيق حالته وترميمه بها؟ قيل ضمنيًا في وسائل الإعلام: إن التمثال سيتم نقله إلى منطقة ترميم الآثار الثقيلة بالمتحف الكبير، فلماذا إذن لم يتم الاستعانة بخبراء نقل واستلام وترميم الآثار الثقيلة الموجودين بالمتحف الكبير؟ أين معاونو الوزير من ذلك؟ أين أعضاء المكتب الفني من ذلك؟ أليس من واجباتهم إعداد تقارير فنية على أعلى مستوى لمثل هذه الحالات؟ أين إدارة الأزمة؟. وأضاف الصادق: إن وجود بلدوزر ويجاور الاكتشاف بصدماته واهتزازاته، التي وحدها كفيلة بإصابة التمثال بشبكة من الشروخ، والفواصل المرئية وغير المرئية، رغم كونه من الصخور النارية الصلبة، إلا أنه وبمرور زمن دفنه بالتربة الطينية المشبعة بالمياه الجوفية، التي أثّرت ولابد على الترابط الحبيبي لمعادن صخر الجرانيت، وأضعفته، الأمر الذي كان يتطلب فحص وترميم، وتدعيم وتقوية وتأمين (إسعافات أولية) للتمثال. وأوضح أخصائي ترميم الآثار الثقيلة: إن مركز الترميم بالمتحف المصري الكبير يمتلك كافة الأدوات والآلات والمعدات الخاصة بتناول واستلام ونقل وترميم الآثار الضخمة والثقيلة، والتي تم تدريب أفراده عليها بشكل احترافي، بحيث نستطيع التعامل بكل سهولة مع أي أثر ضخم، سواء تمثال أو مسلة أو تابوت بالإضافة إلى دراسة للأحمال والإجهادات والضغوط التي تعرض لها الأثر، وحساب مركز الثقل Center of Gravity وزاية الرفع Lifting Angle، ونقاط الضعف والقوة، قبل اتخاذ أي قرار، كذلك فإن هذه الأدوات تتنوع، فمنها الصبّانات Slinging وأحزمة الربط والتحزيم والتدعيم، والوايرات الحديدية Wire Ropes، ذات الحمولات المتعددة، والعربات الكلارك والسلالم والأوناش الهيدروليكية Hydrolic Cranes وونش البوابة Gate Crane، والذي يسهل فكّه وإعادة تركيبه في أي موقع أثري، وكذلك بار الاتزان Balance Bar، والميزان الرقمي، وميزان الليزر، والسقالات، وتحقيق أعلى معدلات الأمان Factor of Safety. وطالب الصادق بمحاسبة المسئول عن هذه الفوضى، والعشوائية في التعامل مع الحدث، والاستعانة بالمتخصصين والخبراء في شئون الآثار الثقيلة، وفريق عمل تغليف ونقل الآثار بالمتحف، والتأني في اتخاذ أي قرار يخص الشأن الأثري مهما كان هيّنا.