سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
بالفيديو والصور.. آخر حواة الصعيد.. الحاج رشدي يكشف أسرار محاربة «الدبيب».. الحاوي: عهد الرفاعية يمنعنا من قتل الأفاعي.. وتطور المباني في الريف يعرض المهنة للانقراض
يحمل على كتفه حقيبة سوداء، لا يعرف أحد ما بداخلها، وعصاه دائمًا بيده، وعندما يجلس ويتحدث إليك عن الموجود داخلها يشيب الشعر خوفًا ولا تصدق ما يحيكه، فحديثه لا يعرف سوى العقارب والحيات «الدبيب» وأطوالها وأحجامها، ويحكي الحاوي عن طرق تعامله مع الأفاعي والعقارب كأنه صديق لها أو حبيب. وعندما يفتح الحاوي الحقيبة تجد عددًا من الجرابات الصغيرة، ينظر إليك بضحكة خفيفة ويقول "اوعي تخاف" وعندما يبدأ في فك رباط الجراب الأول وتخرج أفعى "الكوبرا ". آخر الحواة البداية كانت في قرية "البارود" التابعة لمركز ومدينة قفط جنوب محافظة قنا، عندما جاء الحاج "رشدي عزب حسين" أحد آخر 5 يعملون في مهنة الحاوي في المحافظة، والذين بموتهم ستنتهي أسطورة "الحواة" التي كان الجميع في صعيد مصر يتغنى بها. قال الحاج "رشدي" إنني تعلمت تلك المهنة منذ ما يقرب من 15 عامًا، وهذه المهنة توراثتها عن آبائي وأجدادي، ولكنني لم استطيع أن أورثها لأبنائي، وسوف تموت تلك المهنة بسرها وعهدها معي. وأشار إلى أنه في أول يوم خرج فيه إلى ممارسة تلك المهنة تمكن من اصطياد 15 ثعبانًا من أحد المزارع في الجبل، مضيفًا «كنا في القدم نخرج إلى البيوت والمزارع في الجبل لكي نحويها - استخرج الحيات والأفاعي - أما المباني الحديثة الآن غيرت الحال كثيرًا وبدأت المهنة تتضاءل» وتابع «عملنا الآن كله في الجبل والمزارع وقليل من البيوت القديمة التي ما زالت في القرى والريف، ولذا بدأ الكثيرون منا لا يفكر في أن يورث المهنة لأبنائه وأحفاده، خاصة أنها أصبحت غير مربحة والمادة التي نحضرها ارتفع ثمنها إلى الضعف، وهو الأمر الذي بات معه استحالة الاستمرار، والغالبية العظمى من الأهالي بدأوا في هدم البيوت الطينية وبناء أخرى جديدة». اصطاد الدبيب وأكد الحاج "رشدي" أنه يضع المادة التي يطلقون عليها بلهجتهم "الكرفة" على العصا التي يحلها في يده ويبدأ بقراءة تعاويذ يحفظها، ويبدأ "الدبيب" في الخروج على العصا سواء ثعابين أو عقارب ويتلقاه بيده ويضعها في "القروية" التي معه، ويتركها في الشمس لمدة أيام حتى تنفجر وتحترق وحدها دون مساسها. وتابع: هناك نوعين من "الدبيب" منهم الهادئ الذي يخرج في سلام دون معاناة، وهناك العنيد الذي يحتاج أحيانًا إلى استخدام وسائل عنيفة من أجل إخراجه من المكان الذي يختبأ فيه، خاصة أن هناك بعض الأفاعي مثل أفعي "الكوبرا" يمتد طولها إلى نحو 2 متر، وهى من أخطر الأفاعي السامة وتقتص يد الشخص الذي أمامها. وأضاف «العقرب أعمى لا يري ولكن يلدغ من يشم رائحته، ومن رحمة الله أنها لا ترى وإلا كانت لدغت المئات وقتلت آلاف، خاصة أنه في الماضي لم يكن علاج السموم متوفر كما هو الحال الآن» حوي الملدوغ وأضاف أنه يستطيع أن يحوي الملدوغ ببعض المواد التي يمتلكها لإيقاف السم وإنقاذه من الموت، ولكن في بعض الأحيان تكون هناك لدغات تحدثها بعض الأفاعي لا ينفع معها الحوي ولا بد من الذهاب إلى المستشفى. وأكد «هذا ليس عيبًا فالطب والدواء من صنع الله، وعليه يجب على أن اعترف أن الله يأمرني أن يذهب الملدوغ إلى الطبيب لعلاجه» وأوضح «كان الحوي في القدم شفاء للملدوغ، خاصة من العقرب كنا نقوم بوقف سريان السم بالجسم، وبعدها نشعل النار لكوي مكان السم يعني كانوا يقولون زمان "النار تخرج بنار" وبحسب طبيعة كل مكان نجد الدبيب يتغير جلده وسمه، فهناك دبيب كله سم وهناك آخر جسمه يحوي دم وسم وهذا أخفهم في السم عندما يلدغ». ميثاق الرفاعية قال إن ميثاق الطريقة الرفاعية الذي يأخذه الحواة على أنفسهم لا يستطيع أي شخص تحمله، وهناك بيتان في صعيد مصر متخصصان في هذه الطريقة الخاصة، بحوي الدبيب هو بيت على أحمد نور الدين بسوهاج وأولاد الحاج راشد الرفاعي، وبمجرد حصولك على العهد تبدأ في ممارسة المهنة وأشار إلى هناك بعض التعاويذ التي يتم تلوثها حتى لا يؤذي الدبيب الحاوي، خاصة عندما تشاهد كمية كبيرة من الدبيب، خاصة أن الحاوي لا يستطيع قتل الدبيب لأنه عند القتل ينقض العهد والميثاق. وتابع «لذا فأنني عند جمع الأفاعي والدبيب أقوم بوضعها في "القروية" - إناء طهي كبير- وأتلو عليهم بعض التعاويذ حتى لا يتحركوا ويعودوا مرة أخرى إلى مكانهم ويتم وضعهم في الشمس حتى يحترقوا ذاتيًا. وأوضح أن بعض الأهالي يقتلون الأفاعي، وهذا يعرضهم لخطر انتقام باقي الأفاعي الموجودة في البيت أو المزرعة، ولكن الأفاعي لا تستطيع إيذاء الحواة لأن التعاويذ تحميهم. وعند جلوسنا مع الحاج رشدي فاجأنا أحد الثعابين يعض يدي الحاوي حتى أخرجت الدم من الجرح ، لكنه تمتم ببعض الكلمات التي فهمنا منها أنه يقول له "ادخل بسلام" وهو الأمر الذي جعلها تترك اليد وتلتفت إلى شيء آخر حتى تمكن من إدخالها في الجراب الخاص بها، وقام بعلاج نفسه في الحال ووقف السم في الدم.