يمينًا في نهاية الشارع الكائن به قسم الخليفة بمصر القديمة، تجد "تكية الصوفيين" عندما تنتهي من السير بالممر الضيق الذي تملؤه محال "الخردة" والأخشاب العتيقة، ذلك الشارع الذي يتنفس برودة وسكون غير طبيعية، وهدوء السنوات الماضية يخيم عليه، لكونه معلما أثريا يعود لآلاف السنين. التكية المولوية عندما تنتهي من هذا المشهد، وتحديدًا فور وقوفك أمام "التكية المولوية" حاول أن تمعن النظر بالجزء العلوي منها وحده، حيث الرسوم الفيسفسائية والأحجار القديمة الضخمة، تكاد رائحة الألف سنة السالفة تعبأ أنفك، لكن سرعان ما ستجد"نداهة" الحاضر تناديك أن أنظر لأسفل، آن لك أن تشاهد لمساتي التي أطبعها على كل ركن من أركان التكية. جدران متهالكة جدران متهالكة طُبعت عليها بقايا طعام، وملصقات دعاية انتخابية ربما تعود لعشرات الأعوام، وحائط يشهد قصة حب البعض "بالقلب والسهمين".. هكذا يبدو الحائط الخلفي للتكية المولوية بالخليفة، أسفل هذا الحائط تتراكم القمامة فوق بعضها لتخفي السلم المؤدي للبئر قليل العمق، الذي حُفر بواسطة أحد المسئولين الإيطاليين عن المتحف الملحق بالتكية، بل وتخفي مدخل التكية بالكامل. آثار الإهمال لكن لازالت آثار الإهمال واضحة في الجزء الخلفي من التكية، حيث تقبع المياه الجوفية الراكدة منذ عشرات السنوات، تدفعها مواسير المياه المحيطة بالمنطقة نظرًا لانخفاض مستوى أرضية التكية عن الشارع الذي يحويها بمسافة قرابة متر واحد. آراء المواطنين بجوار التكية مباشرةً، يقبع مخبر تكاد تبتلعه الأرض وتخفي معالمه، يبدو أنه يعود لعشرات السنين، فالعاملين به على دراية بتاريخ هذه التكية وكيف تحولت من تكية صوفية لمقلب قمامة ومأوى للحشرات والثعابين الصغيرة، يختلفون على تاريخ "تلويث" بقايا الماضي ويتفقون على أن ثقافة المجتمع هي السبب الرئيسي. يقول أحدهم: «أنا ساكن هنا وبشتغل بالمنطقة من سنة 1990 والمنظر ده مكنش كده، من وقت ما حفروا للغاز وهي كده بعدها البير ده كان حفره "فيغرون" الإيطالي زمان، مع الوقت الشارع على والمية اتكومت، ومن بعد الثورة ومبقاش حد ييجي يهتم والناس بتيجي ترمي الزبالة كل اللي يعدي ياكل ويرمي، ده حتى الثعابين والصقور سكنوا تحت الزبالة، علشان كدة كل ما حد من الآثار يبعت ناس بيخافوا ينزلوا يلموها ويشيلوا اللي على الوِش ويمشوا». مقالب قمامة على الجانب الآخر يؤكد البعض أن هذه القمامة تقطن الممر الملاصق لباب التكية منذ عشرات السنوات، قرابة الثلاثين سنة، متابعين: «أنا وعيت على الدنيا لقيت المنظر كده، عندي 43 سنة ولسه بشوف المنظر ده، ولا فيه حد بييجي ولا يروح من الحي أو الآثار أنا شغلي جنبها وكل يوم بشوف اللي رايح واللي جاي». ترميم الضريح الجدير بالذكر أن تكية المولوية أو كما يُطلق عليها "ضريح سنقر السعدي"، كان قد تم ترميمها في عام 2009 على يد هيئة ترميم الآثار الإيطالية برئاسة "فينفولي"، حيث تم تجديد القباب المحاطة بالمئذنة والتي تحوي بداخلها الساحات التي كان يتم عقد الاحتفالات وحلقات الذكر المولوي قبل انقطاعها منذ ثمان سنوات. المياه الجوفية لكن لازالت آثار الإهمال واضحة في الجزء الخلفي من التكية، حيث تقبع المياه الجوفية الراكدة منذ عشرات السنوات، تدفعها مواسير المياه المحيطة بالمنطقة نظرًا لانخفاض مستوى أرضية التكية عن الشارع الذي يحويها بمسافة قرابة متر واحد.