يعتبر عام 2016 من السنوات التي حملت في طياتها زخما ثقافيا على نطاق الأحداث الثقافية والأزمات معًا، فمنذ الأيام الأولى لدخول العام لم تهدأ العواصف التي كانت تضرب أبواب الثقافة المصرية بشكل عام. وعلى الرغم من نجاح عدد كبير من الفعاليات الثقافية، إلا أنها لم تكن تخلو من معكر لصفوها، مثلنا في ذلك مثل معرض الكتاب في دورته السابعة والأربعين، والذي عقد في شهر يناير الماضي، حيث شهد المعرض نسبة إقبال ومبيعات ضخمة، إلا أن أجنحته لم تخلو من الأحداث. معرض الكتاب بدأت أحداث وأزمات معرض الكتاب تتمثل في بائعين وناشرين سور الأزبكية، التي داهمتهم إدارة المصنفات الفنية خلال أيام المعرض لتغلق مايقارب 19 كشكا، لاكتشافهم بيع كتب مزورة، ولم تهدأ العاصفة لتلك المرحلة، وإنما امتدت لتصل قاعات المعرض التي شهدت معارك مابين مؤيدين ومعارضين الرئيس الليبي السابق معمر القذافي، خلال ندوة تكريم وزير الثقافة الليبي لنظيره المصري، مما أسفر عن احتجاز الليبيين في قاعة المعرض الرئيسية حتى ساعات متأخرة من الليل، لحين انتهاء تحقيق الشرطة المصرية معهم، بعد قرارهم بإخلاء المعرض هذا اليوم. اتحاد كتاب مصر أما الشهور التي تلت المعرض، تصدر المشهد فيها اتحاد كتاب مصر، الذي تحول بين ليلة وضحاها إلى ساحة معارك وصلت إلى حد القضاء، من خلال سخط بعض الأعضاء ومنهم سكرتير الاتحاد على الدكتور علاء عبد الهادي رئيس الاتحاد، ودعوتهم لعمل جمعية عمومية طارئة، أقروا فيها عزلهم للرئيس وتعيين لجنة تيسير أعمال للاتحاد، إلا أن عبد الهادي لم يستسلم، ورفع دعوة قضائية ببطلان الجمعية وتزويرها، وبطلان موافقة الكاتب الصحفي حلمي النمنم وزير الثقافة على ماجاء بقرارات الجمعية. ومازالت الدعوات القضائية أمام منصات القضاء، تبحث عن صاحب الحق الضائع، وفي المنتصف يقع الأعضاء كبار السن وموظفين الاتحاد بين المطرقة والسندان، فلاهم يستطيعون صرف مرتباتهم ومعاشاتهم ومعونات العلاج، ولا يستطيعون التنعم بالهدوء بعيدا عن صراعات الاتحاد التي يجدون أنفسهم أطراف فيها رغمًا عنهم. السوق السوداء بمهرجان الموسيقى وعلى صعيد آخر، أقامت دار الأوبرا المصرية خلال الأشهر الماضية اليوبيل الفضي لمهرجانها الأشهر والأقدم عربيًا، "مهرجان الموسيقى العربية"، وعلى الرغم من نجاح المهرجان وتحقيقه لثلاثة ملايين ونصف إيرادات دخلت إلى خزينة الدولة، إلا أن السوق السوداء كانت سيدة المشهد، فمنذ إعلان الأوبرا عن فتح شباك التذاكر للجمهور، نفذت تذاكر حفلات الفنانة أنغام وأصالة ومدحت صالح خلال ساعتين فقط، مما أثار الريبة والشكوك في قلوب الجمهور. وفوجئ الجمهور فيما بعد بطرح التذاكر من أناس مجهولي الهوية على صفحات التواصل الاجتماعي، كسوق سوداء، فبلغت سعر تذكرة أنغام ألفين جنيه بدلا من 500 فقط. أزمة أمل الصبان وكانت آخر الأزمات التي تصدرت المشهد الثقافي المصري، هو اعتذار الدكتورة أمل الصبان عن أمانة المجلس الأعلى للثقافة، عقب قرار الكاتب الصحفي حلمي النمنم بتشكيل لجنة خاصة للبحث والتفتيش في جميع القرارات الإدارية والمالية للصبان خلال فترة أمانتها للمجلس، وهو ما لم تتحمله الصبان على نفسها، لذا رأت تقديم اعتذارها عن المنصب بدلا من إنهاء انتدابها قصرًا من الوزارة. وكان السبب الرئيسي الذي دعى النمنم لتشكيل تلك اللجنة هو كشف إحدى الصفحات المهتمة بالشأن الثقافي بالمستندات، أن أمل وضعت اسمها ضمن لجان فحص جوائز الدولة لعام 2015، على الرغم من وجود فرق كبير بين الفحص والإشراف، ووضع مكافأة مالية كبيرة لها في كل فئة من فئات الجائزة، حيث تقاضت حسب الأوراق والمستندات أكبر مبلغ مالي بين الفاحصين، وهو ما لا يحق لمنصبها كأمين عام للمنصب، حيث من المفترض أن يكتفي الأمين بالإشراف فقط، ولا يحق له أن يكون ضمن لجان فحص الجائزة بالمرة. وعلى الرغم من نشر الأرقام التي تقاضتها أمل في كل لجنة فحص، إلا أنها لم تستسلم، وخرجت للمرة الثانية تكذب ما يدور حولها وتصفه ب«إشاعات عارية من الصحة». إلا أن وصف أمل لما يدور حولها بالشائعة، لم يمنع الكاتب الصحفي حلمي النمنم وزير الثقافة، بالشك في الأمر. ولا يغيب عن الأذهان أنه عقب تولى الصبان لمنصبها بأشهر قليلة، قرر المجلس ولجنة الطفل فيه، إلغاء المهرجان المصري الوحيد المنوط بالاهتمام بالطفل، وهو مهرجان القاهرة الدولي لسينما الطفل برئاسة سهير عبد القادر، وكان من المقرر حسب ما قاله المجلس آنذاك، استثمار ميزانية المهرجان في إنتاج فيلم للطفل، ولكن النتيجة في النهاية هي أن الطفل لم ينل من تلك القرارات «لا عنب الشام ولا بلح اليمن»، فلا الفيلم تم إنتاجه ولا نعلم شيئا عن وضع ميزانية المهرجان.