«شالله..يابطل ».. يعلو دوي تلك الكلمات إذا وصلت على جبل الرزيقات، هناك دير شهير يحمل اسم الشهيد مارجرجس الرومانى والملقب في المسيحية بأمير الشهداء لتحمله عذابات عدة لمواجهة الوثنيين وثباته على العقيدة المسيحية. ويتوافد الآلاف من المصريين مسيحيين ومسلمين للتبارك من دير الشهيد القديس متحملين مشقة الطريق للاحتفال بما يسمونهم المولد السنوى - بذكرى تكريس "تخصيص" أول كنيسة تحت اسم مارجرجس بمدينة اللد بفلسطينالمحتلة - موطن والدته. على قرية مترامية بالجبل ولمسافة تصل نحو 13 كم جنوب مركز أرمنت، يسرع الأقباط، كلا ليضمن مكانه بين صفوف الزائرين لدير الرزيقات والتي ذاع سيطها نسبة للقديس وديرة. يفترش الحضور الخيام ويسكنوها 7 أيام طول ليال الاحتفال التي تشهد مديحا وتراتيلا وإنشاد طيب في ذكرى "جورجيوس" أمير الشهداء والبطل الرومانى. رغم وجود العديد من الأديرة على اسم مارجرجس، إلا أن ديره بالقرية الصغيرة في أقصى الصعيد، له مكانة خاصة في قلوب المتوافدين، مستطيل الشكل تحيطه أسوار من كل جانب ويفتح أحضانه للزواج من كل فج عميق، يرددون "شالله يابطل" شفاعتك يا رومانى لحل المشكلات والأزمات وشفاء الأمراض أو تسهيل الطرق والاحتياجات والطلبات. تزامنا مع الليلة الختامية للاحتفال يبدو المكان زاخمًا بالأعداد، سواء قاطنى الخيام وافتراش الباعة أو الضيوف الذين يستأجرون المنازل المحيطة للدير للطواف والزيارة والسكن بالقرب من دير الشهيد. ويرجع تاريخ دير مارجرجس بالرزيقات إلى عام 184م، حيث كان كنيسة صغيرة على رأس مقابر الأقباط بالمنطقة أقيمت على بعد 500 متر من دير أثري قديم، ما زالت أطلاله باقية حتى اليوم، وأعيد بناؤه على الطراز الحالى وشهد تجديدات وبات مثمرا بالحياة الرهبانية، ويقال بالتاريخ الكنسي أن شمال الدير وعلى مسافة 1 كم توجد أطلال كنيسة أثرية يُطْلَق عليها "دير العذراء"، وربما كانت من آثار دير قديم في المنطقة لم يُكْتَشَف بعد. ويتكون الدير الذي تتجاوز مساحته والزراعات المحيطة به نحو 111 فدانا، وكنيسة باسم الشهيد مارجرجس، وعدد من المذابح "الهيكل" الذي يقام به الصلوات، أشهرهم مذابح الأنبا متاؤس الفاخورى، والأنبا أنطونيوس، والسيدة العذراء، والشهداء، وصحن الكنيسة. ووفق المنظومة الكنسية اعترف المجمع المقدس للأقباط الأرثوذكس بهذا الدير في 1/6/1985 برئاسة البابا الراحل شنودة الثالث. ويلتف الأقباط والمسلمون على حد سواء أمام أيقونات "صور" القديس ماجرجس الرومانى ليشعلون الشموع ويطلقون الأمنيات والطلبات. ويرى البعض أن القديس مارجرجس هو "سيدنا الخضر"، أحد الأولياء الصالحين، وفى جميع الأحوال تطلق كلمات "شالله يابطل.. وشفاعتك يا رومانى.. وبركاتك يا قديس". ويعد القديس مارجرجس الرومانى أحد شهداء عصر دقلديانوس، وتزعّم في منطقة الكبادوك حركة الثورة على منشور الاضطهاد ضد المسيحيين، واسمه يحمل عدة معانى "مار" كلمة سريانية معناها سيد، و"جرجس"، وهو الاسم الذي اعترف به في فلسطين، ومن ألقابه مارجرجس الملطى نسبة إلى مدينة مالطة موطن آباء القديس وأجداده، وتقع في إقليم كبادوكية بآسيا الصغرى (تركيا حاليًا) ولذلك يطلق عليه أحيانًا اسم مارجرس الكبادوكى.