يقال إن الشخص يشعر باقتراب موعد وفاته قبلها بفترة، ورغم عدم وجود دليل على صحة أو كذب تلك المقولة الشائعة، إلا أن تلك المقولة حدثت بالفعل مع الفنان الكبير محمد فوزى الذي رحل عن عالمنا في مثل هذا اليوم بعد معاناة مع مرض السرطان، وفى ذكرى وفاته نتعرف على تفاصيل الرسالة الأخيرة التي كتبها فوزى وتنبأ خلالها باقتراب موعد رحيله وأوصى خلالها بما تمنى في لحظاته الأخيرة. بدأت معاناته مع مرض سرطان العظام بعد تأميم شركته "مصر فون"، التي كانت أول شركة للأسطوانات في الشرق الأوسط، واحتار الأطباء وقتها في تشخيص مرضه، حيث كان مرضًا نادرًا لم يصب به سوى خمس حالات في العالم. شعر فوزى باقتراب نهايته أثناء تلقيه العلاج في ألمانيا فكتب رسالته الأخيرة، وجاء نص الرسالة كالتالى:"منذ أكثر من سنة تقريبا وأنا أشكو من ألم حاد في جسمي لا أعرف سببه، بعض الأطباء يقولون إنه روماتيزم والبعض يقول إنه نتيجة عملية الحالب التي أجريت لي، كل هذا يحدث والألم يزداد شيئا فشيئا، وبدأ النوم يطير من عيني واحتار الأطباء في تشخيص هذا المرض، كل هذا وأنا أحاول إخفاء آلامي عن الأصدقاء إلى أن استبد بي المرض ولم أستطع القيام من الفراش وبدأ وزني ينقص، وفقدت فعلا نحو 12 كيلو جراما، وانسدت نفسي عن الأكل حتى الحقن المسكنة التي كنت أُحْقَن بها لتخفيف الألم بدأ جسمى يأخذ عليها وأصبحت لا تؤثر فيّ، وبدأ الأهل والأصدقاء يشعروني بآلامي وضعفىي وأنا حاسس أني أذوب كالشمعة". وتابع: "إن الموت علينا حق.. إذا لم نمت اليوم سنموت غدا، وأحمد الله أنني مؤمن بربي، فلا أخاف الموت الذي قد يريحني من هذه الآلام التي أعانيها، فقد أديت واجبي نحو بلدي وكنت أتمنى أن أؤدي الكثير، ولكن إرادة الله فوق كل إرادة والأعمار بيد الله، لن يطيبها الطب ولكني لجأت إلى العلاج حتى لا أكون مقصرا في حق نفسى وفي حق مستقبل أولادي الذين لا يزالون يطلبون العلم في القاهرة تحياتي إلى كل إنسان أحبني ورفع يده إلى السما من أجلي تحياتي لكل طفل أسعدته ألحاني تحياتي لبلدي أخيرا تحياتي لأولادي وأسرتي". واختتم الرسالة قائلًا: "لا أريد أن أُدفن اليوم، أريد أن تكون جنازتي غدًا الساعة 11 صباحًا من ميدان التحرير، فأنا أريد أن أُدفن يوم الجمعة". ووافته المنيّة في اليوم نفسه الذي كتب فيه رسالته وهو الخميس 20 أكتوبر 1966، وبذلك تحققت نبوئته التي وردت نصًا في تلك الرسالة الأخيرة.