الكاتب والسيناريست الكبير محفوظ عبد الرحمن يرسم سيناريو «ثورة البطون الخاوية», حيث يتدفق الفقراء من العشوائيات والمناطق كثيفة السكان, ويهاجمون منازل الطبقة الوسطي نهب ممتلكاتهم, بعد هروب المليارديرات بأموالهم الي الخارج بطائراتهم الخاصة, لتعم الفوضي وتحدث الحرب الاهلية وتتحول الشوارع الي انهار دماء.. هل تتوقع ثورة جياع؟ - هذا متوقع بالتأكيد, فلم يتغير اى شىء بعد ثورة يناير, والوضع يزداد سوءا والشعب كسر حاجز الخوف, وستكون الخسارة فادحة لنا جميعاً فكلنا خاسرون ولن ينجو احد من الطوفان. ما السيناريو المتوقع؟ - الفقراء لن يستهدفوا اصحاب المليارات الذين سيهربون بطائراتهم حاملين ثرواتهم الي الخارج, وسيتركونها تغرق, كما فعل السابقون, ولكن الفقراء سوف يستهدفون أبناء الطبقة الوسطى, الذين اشتروا سياراتهم بالتقسيط والديون لاستخدامها كوسيلة مواصلات, بعد عجز الحكومة عن توفير وسائل مواصلات حقيقية وآدمية. والجوع كافر, ولو حدث لن يفكرأحد مهما كان «إخوانيا أو ماركسيا أوليبراليا» والمنتظر هى الحرب الاهلية وسيصبح هناك هجوم شرس من قبل الجائعين على منازل العامة كى يحصلوا على شىء يسد جوعهم, وبالتالى سيكون الطرف الآخر على أهبة الاستعداد لمواجهة هؤلاء بأى وسيلة دفاعية ابسطها السكين, وبالتالى فهناك انتظار لبحور من الدماء. ما الفرق بين انتفاضة 77 وبين ثورة يناير وما يمكن أن يحدث ؟ - انتفاضة 77 كانت من اجل الخبز ولكن مع ذلك كان عهد مبارك أسوأ من تلك الفترة والأكثر سوءا هو العهد الذى نعيشه الآن وأنا أقول ان عهد مبارك افضل بكثير من عهد الإخوان ففى عهدهم وجدنا ان مصالح الناس تتراجع والاسعار تزداد والدعم يرفع وهناك الكثير من المشروعات الضريبية الجديدة التى ينوون فرضها على المواطن الذى توقع ازالة الاعباء فأضيف على كاهله المزيد وكأن الفقير الذى ثار على الفقر كان يدعى انه فقير، انتفاضة يناير 77 كانت بسبب رفع الاسعار, خصوصا الخبز, والشعب لم يتحمل, وانفجر بركان غضبه, ولكن السادات تدارك الموقف, وأدرك مدى الآلام التى سببها للشعب برفعه الدعم عن بعض المنتجات, اى انه تفاعل مع شعبه وادرك انه مخطئ فيما اقدم عليه, والاعتراف بالحق فضيلة, ولم يتكبر مثل الإخوان الذين يقولون لا تكسير للقرارات الجمهورية , لذا استطاع السادات أن يحل الأزمة, اما الآن وبعد ثورة يناير التى مر عليها عامان حتى الآن, فأرى أن الشعب لم يسقط إلا مبارك, ولكن نظامه قائم وبصورة عشوائية وغير منظمة, وبطريقة اكثر قهرا, والفقر الذى كنا نعانى منه ايام مبارك اصبحنا اليوم نشتهيه, لأن الشعب وصل الي ادني درجات الفقر المدقع, والشعب سيعود إلى الميدان مرة أخرى ليحقق مطالبه التى لم تتحقق, ولن تكون هذه المرة ثورة مثقفين والطبقة الوسطى والغنية, سوف تكون هذه المرة ثورة الجياع, وربما قد خشيت هذه الفئة ان تخرج فى ثورة يناير فى بدايتها خشية البطش الذى زرعه النظام فى قلوب هؤلاء, ولكن هذه المرة سيكون هؤلاء مقدمة الصفوف, وما أدراك ما هؤلاء, فلن تكون ثورتهم ثورة المهذبين الثوريين ولا ثورة حاملى اللافتات, بل ستكون ثورة الاقدام والايدى المدمرة, ستدمرالأخضر واليابس, ونحن سنكون الضحايا. هل ترى أن الإخوان يخدعون الناس باسم الدين، وهل نجحوا؟ - نعلم جميعا انهم قد فشلوا ويحاولون خداع الفقراء باسم الدين, ويقولون لهم أصبروا ولكم الجنة, فإن صبرت انا على الجوع كى ادخل الجنة كيف سأحكم على اطفالى ان يصبروا على الجوع.. والشىء الغريب أنهم لا يعرضون علينا حلولا ولا خططا زمنية تعطى أملا للشعب حتى يصبر كما يقولون, بالاضافة الى انهم افتقدوا لغة الحوار مع الشعب, ولغتهم كلها تعال, مما جعلهم يفقدون ثقة الشعب. ما الرسالة التى توجهها لهم؟ - أوجه رسالة لساكنى القصور من اصحاب اللحي : انتم فشلتم وإن ظننتم انكم حصلتم على السلطة وحلم السنين وإن كان على حساب تدميرالملايين فأنتم واهمون وتحلمون , فإن كانت الثورة فى عهد مبارك قامت من اجل (عيش ..حرية..عدالة اجتماعية) فاليوم ستقوم من اجل العيش وحده, لأنكم خلقتم بأنفسكم عوامل ثورة جديدة, وبدلا من اطعام الجائع أخرجتم ما فى بطنه كى تأكلوه, لقد كذبتم على الشعب, ولكن هذه المرة ستكون ثورة ليأكلكم فيها الشعب. كيف تتخيل سيناريو ثورة الجياع؟ - هذا شىء صعب, ولكن لن أستطيع كتابة ماذا سيحدث فى ثورة الجياع لأن الموضوع لا يستوعبه سيناريو واحد, ولكن ما يمكن كتابته الآن هو مقدمات ثورة الجياع, ولدينا الكثير لتناوله, فلدينا حكومة فاشلة لا تسمع لطلبات الفقراء "ودن من طين وأخرى من عجين", هذه وحدها من الممكن ان يتم تناولها فى سيناريو العشوائيات, وكيف تعيش هذا سيناريو آخر, مصابو الثور وشهدائها, وغيرها الكثير, لقد اتسعت الدائرة أضعافا مضاعفة مما كنا عليه فى عهد مبارك, وأصبحت مصر مفعمة بقضايا الظلم والفساد, تصلح للكثير من القصص المأساوية وليس بها قصة واحدة تدعو للبهجة والامل, باستثناء قوة الصبر.